
بعد أكثر من 70 يوما على العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، الذي خلف عشرات الآلاف من الشهداء والجرحى بين المدنيين الفلسطينيين، ودمّر آلاف المنازل والمنشآت المدنية، يتساءل الشارع العربي والإسلامي عن الدور الرسمي لبعض الدول في المنطقة بدعم الشعب الفلسطيني عموما وسكان غزة خصوصا، ووقف العدوان.
رغم تشكيل لجنة وزارية مكلفة من “قمة الرياض” القمة العربية الإسلامية لجامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي، والتي زارت الدول الخمسة الدائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي وبلدان أخرى، للدعوة إلى وقف فوري لإطلاق النار في غزة، فإن هذه التحركات لم تحقق النتائج المرجوة، ولم تجد تجاوبا كافيا من القوى الكبرى، التي تتحالف مع الاحتلال الإسرائيلي أو تتبنى موقفا محايدا أو متساهلا تجاه جرائمه، حسب محللين، وبالتالي فإن “قمة الرياض” فشلت بمساعدة أهل غزة.
وقال محللون وباحثون إنه “ليس المطلوب إرسال جيوش لتحارب في قطاع غزة، بل المطلوب اتخاذ موقف عربي وإسلامي موحد وقوي يشعر الاحتلال الإسرائيلي وحلفاءه بالضغط وأن ما يقوم به بحق الفلسطينيين له ثمن”، وفق تعبيرهم.
وأضافوا أن “هناك مجموعة من الإجراءات والمواقف الملموسة والمؤثرة التي يمكن اتخاذها، ومنها: إلغاء كل أشكال التطبيع مع إسرائيل بشكل جماعي ومدروس ومؤثر، وطرد سفرائها من الدول التي طبعت معها وخاصة في العالم العربي، تنظيم قافلة إنسانية بمشاركة جهات دولية يتم إرسالها إلى غزة من أجل فك الحصار وإدخال المساعدات الضرورية والعاجلة لسكانها، عدم الاكتفاء بعقد قمم لاتخاذ قرارات مكتوبة فقط، بل الضغط لتحقيق مطالب الفلسطينيين بإيقاف العدوان ودعم الشعب الفلسطيني”.
وفي هذا الجانب، قال الكاتب والمحلل السياسي عمار جلو لـ”وكالة أنباء تركيا”، إنه “رغم الجهود السياسية والدبلوماسية الكبيرة، إلا أن الكثير من الدول الإسلامية والعربية لم تفعل ما يؤمل منها تجاه ما يجري من مجازر بحق أهل غزة، وأغلبها محكومة بموقف متناقض تجاه غزة، فهم من جهة غير مؤيدين لحركة (حماس) ومنهم من يتمنى زوالها، ومن جهة أخرى حرب إسرائيل على غزة لم تقتصر على (حماس)، بل طالت البشر والحجر وباتت تشكل حرب إبادة وتهجير جماعي للغزاويين، ما يدفع بتداعيات هذه الحرب لتطال الأمن القومي لبعض الدول”.
وأضاف “وبعيدا عن مطالبة الدول العربية بأعباء عسكرية غير جاهزة لها، هناك الكثير من الأسلحة السياسية المملوكة بيد الدول العربية تجاه إسرائيل، ومنها تهديد الدول العربية المطبعة مع إسرائيل بإلغاء اتفاقياتها للسلام مع تل أبيب، حتى وقف هذه الحرب”.
وتابع جلو “وما عدا الدول العربية، بقيت كثير من الدول الإسلامية، تنظر للحرب في غزة ضمن مصالحها الوطنية الضيقة، خاصة تلك التي كانت تهدد بضرب إسرائيل عسكريا.. ولكن مع الأسف لم نر مبادرة حقيقية موحّدة لأي فعل ينهي أو يخفف المجزرة الحاصلة بحق أهالي غزة”.
وفي المقابل، اتهم بعض المحللين والباحثين “عددا من الدول بالتماهي مع الموقف الإسرائيلي من خلال إلقاء اللوم على المقاومة الفلسطينية أو حتى تخوينها وشتمها ونشر الإشاعات عنها، ومحاولة الضغط باتجاه تحقيق هدنة إنسانية، دون الالتزام بحق الفلسطينيين في الدفاع عن أنفسهم وأرضهم، أو العمل على حل شامل”.
وحذروا من “مخاطر مشروع تهجير سكان غزة إلى سيناء المصرية أو صحراء النقب، الذي يهدف إلى تفريغ فلسطين من شعبها وتصفية القضية الفلسطينية”.
وفي هذا الصدد، قال الناشط السياسي عبد الكريم العمر لـ”وكالة أنباء تركيا”، إن “الكثير من الجهات الرسمية والشعبية في المنطقة لم تقم بدورها تجاه غزة اليوم، ولا تجاه قضية الشعب السوري أمس، ولا تجاه كل الشعوب التي تعرضت للظلم والعدوان والقصف خلال تاريخ طويل”، حسب تعبيره.
وانتقد العمر “ضعف التحركات الشعبية في العالم العربي دعما لقطاع غزة”، مطالبا بزيادتها “كي لا يسجل التاريخ خذلان الشعوب لغزة كما سيسجل خذلان بعض الجهات الرسمية لها”.
ومنذ 7 تشرين الأول/أكتوبر الماضي، يواصل الاحتلال الإسرائيلي شن عدوان مكثفة على المدنيين في قطاع غزة، مخلفا آلاف الشهداء والجرحى، إلى جانب تعمده قطع إمدادات المياه والكهرباء والغذاء والأدوية.
وردا على اعتداءات إسرائيلية يومية بحق الشعب الفلسطيني والمسجد الأقصى المبارك في القدس المحتلة، أطلقت “حماس” وفصائل فلسطينية أخرى في غزة عملية “طوفان الأقصى” في 7 تشرين الأول/أكتوبر الماضي حيث اقتحمت في بدايتها مستوطنات ومواقع عسكرية للاحتلال الإسرائيلي في غلاف قطاع غزة محققة نتائج ملموسة.