أكدت خطبة الجمعة في عموم مساجد تركيا، اليوم، على ضرورة أن يحاسب الإنسان نفسه قبل أن يأتي ذلك اليوم الذي تبيض فيه وجوه كثيرة وتسود وجوه كثيرة، مؤكدة أن علينا السعي لمغادرة هذا العالم بحياة مزينة بالإيمان والعبادة والأخلاق الحميدة.
واستهلت خطبة الجمعة بقوله تعالى “يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله ولتنظر نفس ما قدمت لغد ۖ واتقوا الله ۚ إن الله خبير بما تعملون”، وبقوله صلى الله عليه وسلم “الكيس من دان نفسه، وعمل لما بعد الموت، والعاجز من أتبع نفسه هواها، وتمنى على الله”.
وجاء في خطبة الجمعة أن “كل لحظة، كل ساعة، كل يوم، كل سنة من حياتنا هي صفحة من كتاب حياتنا. نملأ هذه الصفحات بالحسنات أو بالذنوب، بالخير أو بالشر، بالصواب أو بالخطأ. وسيأتي اليوم الذي يفتح فيه لنا دفترنا الذي ملأناه بأيدينا، فيقول لنا ربنا (اقرأ كتابكۜ كفٰى بنفسك اليوم عليك حس۪يباۜ)، وتذكرنا هذه الآية أن نحاسب أنفسنا قبل أن يأتي ذلك اليوم الذي تبيض فيه وجوه كثيرة وتسود وجوه كثيرة. إنه يعلمنا أن نحافظ دائما على وعينا في محاسبة أنفسنا قبل أن يتم وزن أعمالنا”.
وأشارت إلى أن “وعي محاسبة النفس هو أن نعيش حياتنا مع الوعي بأننا تحت مراقبة ربنا في كل وقت، عملا بقوله تعالى (وهو معكم اين ما كنتمۜ)”، مضيفة أن “وعي محاسبة النفس أن تكون شاكرا لله على نعمه، وأن تعرف قيمة كل نعمة أنزلها عليك بحسب التحذير الإلهي في الآية الكريمة “ثم لتسٔلن يومئذ عن النع۪يم”.
ولفتت إلى أن “الوعي الحسابي يعني أن نحيا حياة إيمانية تشهد فيها جميع جوارحنا بالحسنات لا بالسيئات، دون أن ننسى قوله تعالى (يوم تشهد عليهم ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم بما كانوا يعملون)” .
وتابعت “نحن في الأيام الأخيرة من عام ميلادي آخر. لقد استنفذنا سنة أخرى من حياتنا. لقد اقتربنا خطوة من النهاية الحتمية الموت. والآن دعونا نسأل أنفسنا هذه الأسئلة: هل نحن مستعدون ليوم الحساب عندما تتم محاسبتنا على كل أعمالنا بالكامل؟ فهل استطعنا أن نكون مؤمنين بجعل القرآن والسنة منهجا لنا؟ هل كنا قلقين بشأن الحياة الأبدية بقدر ما كنا مندفعين في الحياة الفانية؟ هل استطعنا أن نمتنع عن الشر الذي يسود وجوهنا عندما نراه في سجل أعمالنا؟ فهل تمكنا من حبس ألسنتنا عن الكلمات السيئة التي تؤذي قلوبنا وتجرح إخواننا؟ هل تمكنا من تطهير أنفسنا من كل أنواع المشاعر والأفكار السلبية التي تقسي قلوبنا وتلوث عقولنا؟ هل استطعنا أن نتوب بدموع الندم على ذنوب ارتكبناها بقصد أو بغير قصد ونلجأ إلى مغفرة ربنا؟”.
وجاء في الخطبة أيضاً “دعونا نجعل هذا اليوم علامة فارقة من خلال التفكير في إجابات هذه الأسئلة. ودعونا نحاول أن نقضي بقية حياتنا وفقا لرضى ربنا عز وجل. فلنسعى جاهدين لمغادرة هذا العالم بحياة مزينة بالإيمان والعبادة والأخلاق الحميدة، فدعونا نبتعد عن المواقف والسلوكيات الخاطئة مثل الاحتفال في رأس السنة، ومجسمات وملابس بابا نويل، وزينة أشجار الصنوبر، التي ليس لها مكان في ديننا وثقافتنا. فلا نضيع صحتئا ووقتنا ومكاسبنا بالحرام مثل الكحول، الذي هو أم الشرور، والقمار، الذي يطفئ المواقد، وألعاب الحظ واليانصيب التي تأكل الآمال”.
وذكرت أنه “في الأيام القليلة الماضية، ساد الخوف في قلوبنا جميعا كأمة. نتيجة لهجوم إرهابي شنيع، شرب أبناءنا الأبطال شراب الشهادة. ونحن نعلم أن الذين يعتدون على سلامة وطننا واستقلالنا وأخوتنا وحياتنا ومن يذبحون الأبرياء في فلسطين هم نفس الأيدي القذرة”.
وأكدت أن “إن المنظمات الإرهابية الخائنة، الخالية من جميع أنواع القيم الإنسانية والأخلاقية، هي أدوات لنفس شبكة الشر والقتل. وما دمنا متحدين ونحمي بلادنا وقيمنا، فإن هذه الأيادي القذرة وأدواتها لن تتمكن أبدا من تحقيق أهدافها. وبهذه المناسبة، أسأل ربي العلي القدير الرحمة لشهدائنا الأبطال. وأتمنى الصبر والحياة الطيبة لعائلاتهم وذويهم، والشفاء العاجل لجرحانا. وتعازينا لأمتنا الحبيبة”.