تقاريرهام

جنوب إفريقيا تقاضي الاحتلال الإسرائيلي دوليا.. وتركيا تدعمها فماذا يعني ذلك؟ (تقرير)

تتجه دولة جنوب إفريقيا نحو الوضع في غزة بموقف إنساني قوي، حيث تعتبر القضية الفلسطينية محوراً رئيسياً في السياسة الخارجية لهذه الدولة في أقصى جنوبي القارة الإفريقية، كما أنها تعبر عن تضامنها مع الشعب الفلسطيني في مواجهة الصعوبات التي يواجهها.

وكان اللافت للانتباه، ما عبّرت عنه دولة جنوب إفريقيا لناحية تضامنها مع غزة ضد العدوان الإسرائيلي المتواصل عليها منذ 3 أشهر، من خلال الطلب من محكمة العدل الدولية، يوم الجمعة، إصدار أمر عاجل تعلن فيه أن دولة الاحتلال الإسرائيلي تنتهك التزاماتها بموجب اتفاقية منع الإبادة الجماعية لعام 1948، في حملتها المستمرة ضد حركة “حماس” وعدوانها على قطاع غزة.

واليوم، أعلنت ‏تركيا ترحيبها ودعمها الدعوى القضائية التي رفعتها جمهورية جنوب إفريقيا أمام محكمة العدل الدولية ضد الاحتلال الإسرائيلي حول جرائم الإبادة الجماعية التي يرتكبها في غزة.

وحسب مهتمين بتطورات المنطقة وما تشهده غزة من أحداث، فإنه من المرجح أن تُعقد جلسات استماع علنية أمام قضاة محكمة العدل الدولية الخمسة عشر، وسيقدم الممثلون القانونيون من كلا الجانبين (جنوب إفريقيا، دولة الاحتلال الإسرائيلي) المرافعات الشفهية، ومن ثم ستصدر محكمة العدل الدولية بعد المداولة التي ستتم بعد الانتهاء من الاستماع لدفوعات الطرفين حكمًا مكتوبًا يحدد ما إذا كان المعيار القانوني للإبادة الجماعية قد تم استيفاؤه أم لا، وقد تستغرق هذه المداولات بين ستة أشهر وعام ونصف تقريبا، وفق تعبيرهم.

وعند ثبوت ذنب دولة الاحتلال الإسرائيلي، فيمكن لمحكمة العدل الدولية أن تأمر بتعويضات مثل التعويض المالي أو إصدار الإدانة الرسمية، وباعتبارها هيئة تابعة للأمم المتحدة، فإن قدرتها على الإنفاذ المباشر محدودة لكن أوامرها ملزمة قانونًا بموجب القانون الدولي، في حين تريد دولة جنوب إفريقيا إصدار حكم عاجل من المحكمة يطلب من دولة الاحتلال الإسرائيلي وقف حملتها العسكرية، لمنع مزيد من الاذى من المدنيين ريثما يتم الحكم في القضية.

الصحفي اليمني صدام حريبي، قال لـ”وكالة أنباء تركيا”، إن “ما قامت به جنوب إفريقيا من رفع قضية ضد الصهاينة في محكمة العدل الدولية يعني عدالة القضية الفلسطينية، وأن هذه القضية تجاوزت الجغرافيا العربية والإسلامية وأنها أصبحت قضية البشرية”.

وأضاف “كذلك ما قامت به جنوب أفريقيا هي صفعة وإحراج للأنظمة العربية التي ما زالت تتعاون وتتواطأ مع الكيان الصهيوني، وبعضها ما زال ملتزماً الصمت خوفا من الأمريكان والصهاينة”.

وتابع حريبي “فبينما الأنظمة العربية التي يجب ومفروض عليها نصرة القضية الفلسطينية بكل الأساليب العسكرية والسياسية والاقتصادية تصمت وتخدم الصهاينة، بل إن بعضها يدعمهم بالمال والغذاء والسلاح والدواء، يأتي آخرون لتبني هذه القضية العدالة التي شهدت بعدالتها البشرية، ويؤكدون عمالة معظم الأنظمة العربية”.

وأشادت شخصيات دبلوماسية وأكاديمية عربية بموقف دولة جنوب إفريقيا، ومن بينها وزير الدولة ورئيس مكتبة قطر الوطنية حمد الكواري، الذي استذكر عبارة السياسي والمناضل نيلسون ما نديلا، الذي قال “حريتنا في جنوب إفريقيا لا تكتمل دون حرية الشعب الفلسطيني”.

وتابع الكواري قائلاً في منشور نشره على حسابه في منصة “إكس”، إن “قضية فلسطين وقضية التمييز العنصري في جنوب إفريقيا يسيران في خطين متوازيين، ولذلك لم أستغرب حين قدمت جنوب إفريقيا، الأسبوع الماضي طلباً لرفع دعوى ضد إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية على خلفية ما تقوم به إسرائيل من أعمال إبادة جماعية ضد الفلسطينيين”، مشيرا إلى أن “هذا الاتهام يثير خشية إسرائيل ويضعها في مواجهة مع المحكمة الدولية، وقد عبّرت صحافتها عن رعبها من هذا التطور وما يترتب عليه”.

وعبّر الإعلامي القطري جابر الحرمي عن إشادته بموقف دولة جنوب إفريقيا قائلاً، “الإنسانية حرّكت جنوب أفريقيا تجاه ما يجري لأهل غزة”.

من جهته، قال الباحث والمحلل السياسي الفلسطيني محمد القيق لـ”وكالة أنباء تركيا” إنه “عندما يكون هناك تداول في المحكمة الدولية فهذا أمر يعود بالسوء على إسرائيل من الناحية الدولية ومن الناحية القانونية، وأيضاً مؤشر على أن جامعة الدول العربية كانت فاشلة ومتعمدة أن تفشل في وضع حد لجريمة إسرائيل في فلسطين”.

وأضاف أن “جنوب افريقيا دولة واحدة وجامعة الدولة العربية فيها 22 دولة ومنظمة المؤتمر الإسلامي، وبالتالي 57 دولة لم تقم أي دولة منها بهذا العمل، بل دولة واحدة جنوب أفريقيا قامت بهذا العمل، وهذا يعني أن ما جرى له مردود سلبي على إسرائيل من الناحية الدولية والقانونية والأخلاقية والسياسية والدبلوماسية، واحتمال أن تصل إلى التحقيق الميداني، ومردود سلبي على جامعة الدول العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي على الفشل والعجز، وثالثا باب مهم سيتم من خلاله دخول الكثير من الدول في هذه المعادلة ضد إسرائيل، وسيفتح باب المقاطعة والمساءلة والمحاسبة والردع، لأن هذه الدول لها وزنها في الساحة الدولية وأيضا لدى إسرائيل في الجسور التي بنتها للعالم”.

ويرى مراقبون، أنه رغم التضامن القوي من دولة جنوب إفريقيا مع غزة، فإنه لا تزال هناك تحديات كبيرة تواجه الشعب الفلسطيني، حيث يتطلب الوضع الحالي جهوداً دولية مشتركة لتحسين الأوضاع الإنسانية والاقتصادية في غزة، لافتين إلى أن التضامن الإنساني من جنوب إفريقيا يظل رمزاً قوياً للدعم الدولي للشعب الفلسطيني، حسب تعبيرهم.

ومنذ 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023، يواصل الاحتلال الإسرائيلي شن عدوان مكثفة على المدنيين في قطاع غزة، مخلفا آلاف الشهداء والجرحى، إلى جانب تعمده قطع إمدادات المياه والكهرباء والغذاء والأدوية.

وردا على اعتداءات إسرائيلية يومية بحق الشعب الفلسطيني والمسجد الأقصى المبارك في القدس المحتلة، أطلقت “حماس” وفصائل فلسطينية أخرى في غزة عملية “طوفان الأقصى” في 7 تشرين الأول/أكتوبر الماضي حيث اقتحمت في بدايتها مستوطنات ومواقع عسكرية للاحتلال الإسرائيلي في غلاف قطاع غزة محققة نتائج ملموسة.

 

زر الذهاب إلى الأعلى