مع استمرار العدوان الإسرائيلي على غزة بعد أكثر من 3 أشهر على عملية “طوفان الأقصى”، تتباين الروايات والمواقف حول كيفية انتهاء التطورات الدائرة في غزة وفيما إذا كانت ستنتهي بمفاجأة تقلب الأمور رأسا على عقب.
ويرى بعض المحللين أن الحرب على غزة قد تنتهي بمفاجأة مدوية، لافتين إلى بعض الاحتمالات المطروحة ومنها: أن تنجح “حماس” بتحقيق انتصار عسكري على الاحتلال الإسرائيلي، ما يزيد من شعبيتها ونفوذها في الشارع الفلسطيني والعربي والإسلامي، وبالتالي فشل الاحتلال الإسرائيلي بإنهاء “حماس” والفصائل الأخرى، ما يؤدي إلى تدهور موقفه الداخلي والخارجي، ويزيد من الضغط الدولي عليه لفتح الباب لمفاوضات جديدة تشمل كل الأطراف.
ومن الاحتمالات، أن تتدخل دول أو قوى إقليمية أو دولية أخرى في الحرب، ما يؤدي إلى تصعيد النزاع وتحويله إلى حرب إقليمية أو عالمية، ويزيد من خطر حدوث كارثة إنسانية أو بيئية أو نووية، أو أن تحدث مفاجأة دبلوماسية أو سياسية أو عسكرية تجبر الأطراف على التوقف عن القتال والجلوس على طاولة المفاوضات، حسب وجهة نظر المحللين.
وفي هذا الصدد، قال محمد فرحات عضو “تجمع مصير” لفلسطينيي سوريا، في تصريح لـ”وكالة أنباء تركيا”، إنه “بات مما لاشك فيه أن المقاومة حققت النصر العسكري إن في مرحلة الهجوم على مناطق غلاف غزة ومن ثم صمودها في صد العدوان الصهيوني على القطاع وتكبيد العدو الصهيوني الخسائر العسكرية والبشرية الضخمة، في حين أن العدو دخل المرحلة الثالثة عسكريا بعد فشله في تحقيق أهدافه في المرحلتين الأولى والثانية، أما المرحلة الثالثة وهي حرب الاستنزاف أي أنه سيتمركز في بعض النقاط داخل القطاع ومنها سيشن هجماته على أهداف متنوعة داخل عمق القطاع، وهذه المرحلة ستكون نوعا ما طويلة الأمد يريد بها العدو الضغط على المقاومة وإنهاكها والضغط على المدنيين الذين بات أغلبهم في العراء”.
وأوضح فرحات أن “حرب الاستنزاف كما يمكن للعدو الاستفادة منها، كما أن فصائل المقاومة تستطيع الاستفادة منها بقلب السحر على الساحر من المزيد من الصبر والصمود وشن معارك نوعية تصطاد وتُحيد المزيد من جنود الصهاينة”.
ورأى أن “هذه المرحلة تعتبر مرحلة المقامرة من قبل الطرفين، الخاسر فيها سيدفع الثمن غالياً، لكن قناعتي أن المقاومة هي من ستنتصر وتقلب الطاولة على نتنياهو، وحينها دولة الكيان ستضحي بنتنياهو وتجعله كبش الفدا وستُحمّله هو وحكومته مسؤولية فشل العملية العسكرية وستأتي حكومة غير يمينية متطرفة، وهي من تفاوض الفلسطينيين على شروط المقاومة لا على شروط دولة الكيان”.
وتابع فرحات “لكن الخطورة في مرحلة ما بعد، ومن محاولة دولة الكيان ومن خلفها المجتمع الدولي التغلغل داخل القطاع من خلال لعبة إعادة إعمار القطاع، أي بعد فشلهم في احتلال القطاع عسكريا سيقومون باحتلاله من البوابة الاقتصادية وبوابة إعادة الإعمار، وهنا سيتدخل المحور العربي المتصهين ممثلا بأنظمة عدة والدول الغربية التي ستمول مشروع إعادة إعمار القطاع”.
وزاد قائلاً “إن لم تع (حماس) والمقاومة هذه اللعبة لن يستطيعوا قطف الانتصار السياسي بعد انتصارهم العسكري، بمعنى أي نصر عسكري إن لم يستثمر بانتصارات سياسية لن يكون له أي قيمة، وبالتالي فرصة (حماس) اليوم أن تستحوذ على أن تكون هي صانع القرار السياسي الفلسطيني من خلال دخولها واستعادتها لمنظمة التحرير ومفاوضة الكيان، خاصة أنهم سيحملون الصفة الشرعية من خلال وجودهم بمنظمة التحرير التي هي الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، وبذلك تكون (حماس) حققت الانتصار السياسي على جبهتين: الأولى أنها باتت حالة شرعية من خلال سيطرتها على منظمة التحرير، والثانية أن تعيد (حماس) بند الكفاح المسلح الذي أسقطته السلطة من ميثاق منظمة التحرير، إضافة إلى تبادل الاسرى وتبييض السجون، وسيكون ذلك فرصة ومدخل لدخول (حماس) إلى منظمة التحرير”.
وختم فرحات قائلا، إن “دولة الكيان تريد احتلال القطاع بالحرب الباردة، ألا وهي حرب المساعدات والمال وإعادة الإعمار، وهذه هي الحرب الخفية والأخطر على المقاومة في القطاع”.
ويرى نشطاء فلسطينيون وعرب أن “الحرب على غزة قد تنتهي بمفاجأة كبيرة مدوية، تقودها كتائب القسام، لا تقل عن (طوفان الأقصى)، وبلحظة واحدة تقلب مسار المعركة”.
وأضاف آخرون أن “عندهم يقين أن هذه الحرب ستنتهي بضربة قاضية من المقاومة وسوف يكون يومها الانتصار”.
من جانبه، قال الباحث السياسي رشيد حوراني لـ”وكالة أنباء تركيا”، إن “الحرب لن تنتهي بما يحقق الأهداف التي أعلنتها دولة الاحتلال الإسرائيلي وشنت الحرب لتحقيقها، وبالمقابل يبدو أن المقاومة قد جهزت نفسها لحرب طويلة مع دولة الاحتلال، ويعكس ذلك ثباتها وقدرتها بعد مضي ثمانين يوم على إلحاق الخسائر البشرية والمادية في قوات الاحتلال الإسرائيلي، وتستفيد من التصدعات في الصف السياسي والعسكري الإسرائيلي، إضافة إلى رأي عام ضاغط في الغرب يدفع باتجاه حل الدولتين، لذلك ما هو متوقع والأمر يحتاج لبعض الوقت، هو القبول بمطالب المقاومة والمضي بحل الدولتين”.
وفي السياق، أجمع كثير من المحللين على أن “قيادة المقاومة تؤكد أنها ستأخذ ثمناً سياسياً للانتصار وليس كالحروب الماضية، وإن استمرت هذه الحرب فإننا أمام مفاجأة عظيمة أكبر من (طوفان الأقصى)”.
ومنذ 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023، تواصل دولة الاحتلال الإسرائيلي شن عدوان مكثفة على المدنيين في قطاع غزة، مخلفة آلاف الشهداء والجرحى، إلى جانب تعمدها قطع إمدادات المياه والكهرباء والغذاء والأدوية.
وردا على اعتداءات إسرائيلية يومية بحق الشعب الفلسطيني والمسجد الأقصى المبارك في القدس المحتلة، أطلقت حركة “حماس” وفصائل فلسطينية أخرى في غزة عملية “طوفان الأقصى” في 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023، حيث اقتحمت في بدايتها مستوطنات ومواقع عسكرية إسرائيلية في غلاف قطاع غزة محققة نتائج ملموسة.