أطلقت دولة قطر تحذيرًا حول الوضع المتوتر في قطاع غزة، منبهةً إلى خطورة الفتيل المشتعل الذي قد يؤدي إلى تصعيد كبير وحتى اندلاع حرب إقليمية في المنطقة.
ورأى محللون أن التصريحات التي جاءت على لسان رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، تحمل رسائل هامة بشأن الأوضاع الراهنة في غزة وتأثيرها المحتمل على الساحة الإقليمية.
وقال آل ثاني خلال جلسة نقاشية في المجلس الأطلسي td العاصمة الأمريكية واشنطن، “ما لم ننزع فتيل الحرب على غزة، فإن الكثير من التصعيد سيستغل ذلك في المنطقة”.
واستند آل ثاني إلى التأكيد على أهمية التدخل السريع والفعّال لتجنب التصاعد الكبير الذي قد يكون له تأثير كبير على استقرار المنطقة، بحسب مراقبين.
وتأتي تلك التحذيرات في سياق تصاعد التوترات في قطاع غزة، حيث تشير إلى الحاجة الملحة لتحقيق تسوية سريعة وفعالة لتفادي الانزلاق إلى حرب إقليمية.
كما تُظهر تلك التحذيرات بوضوح القلق الكبير حيال استمرار التصعيد، وتحفيز الجهود الدولية للعمل بشكل فوري من أجل حلول سلمية واستعادة الاستقرار في المنطقة.
وأجمع محللون أن التحذيرات القطرية تحمل العديد من الرسائل، من أبرزها: أن قطر تعبر عن قلقها البالغ من استمرار الحرب على غزة وتداعياتها الإنسانية والسياسية على الشعب الفلسطيني والمنطقة بأسرها، إضافة إلى أن قطر تدعو إلى تحرك دولي عاجل لوقف العدوان الإسرائيلي وفرض حل الدولتين كأساس للسلام العادل والدائم، حسب تعبيرهم.
ومن بين الرسائل الأخرى: أن قطر تحذر من خطر التصعيد في البحر الأحمر وتأثيره على الأمن والاقتصاد العالميين، وترفض الخيار العسكري كحل للأزمة. كما تؤكد قطر على دورها الوسيط والمساعد في عدة قضايا إقليمية، وتسعى إلى تعزيز التعاون والحوار مع دول الجوار والمجتمع الدولي.
وتُعدّ قطر من أشدّ الدول العربية دعماً للقضية الفلسطينية، وتؤكّد على حلّ الدولتين ونيل الشعب الفلسطيني حقوقه المشروعة.
الحقوقي والمحلل السياسي عبد الناصر حوشان لـ”وكالة أنباء تركيا”، إن “العالم كله يجمع على أن استمرار العدوان الإسرائيلي على غزة سيؤدي إلى توسيع الصراع في المنطقة وربما ينتقل إلى العمق الأوروبي، لأن ما يقوم به الكيان الإسرائيلي خرج عن إطار العدوان العسكري وتحول إلى عملية إبادة جماعية بحق الفلسطينيين، أضف إلى ذلك أنه يسعى إلى تصفية القضية الفلسطينية وطرد الفلسطينيين خارج أراضيهم أي إلى الدول العربية وأوروبا مما يفتح الباب على امتداد وتوسع الصراع ليطال أمن واستقرار هذه الدول”.
وأضاف “لذا فإن المجتمع الدولي تنبّه لخطورة العدوان و النوايا الإسرائيلية، ويعمل جاهدا على تحجيم وإنهاء العدوان والبحث عن حل عادل للقضية الفلسطينية، وهو ما نسمع على لسان الأمريكان والإنكليز اليوم، في سابقة تاريخية دون انتظار نتيجة المفاوضات الإسرائيلية الفلسطينية. لذا فإن وقف العدوان أصبح ضرورة للسلم والأمن الدوليين”.
وتؤكد دولة قطر وعلى لسان رئيس وزرائها أن وقف العدوان الإسرائيلي “لم يعد مطلبا فلسطينيا فقط وإنما هو مطلب إقليمي؛ لأنه ليس مقبولا أن يعاقب شعب كامل بسبب عملية قامت بها مجموعة معينة”، لافتة إلى أن “ما نشهده في غزة غير مسبوق، الناس يموتون جوعا ولا ملجأ لهم، وحتى المناطق والممرات الآمنة التي تم تخصيصها تم قصفها”.
من جهته وتعقيبا على الرسائل التي تفهم من التحذيرات القطرية بخصوص غزة، قال النائب في البرلمان اليمني محمد الحزمي في حديثه لـ“وكالة أنباء تركيا”، إن “من ينظر إلى الوضع في المنطقة برمتها يجد أن هناك تشابك اقتصادي واجتماعي وهذا كله يتداعى لما يحدث في غزة، لأن الحرب تتعمق وتزداد انتشاراً، فالشر يجر شراً والحريق يؤدي إلى حريق آخر وهكذا، والحريق الكبير دائماً يبدأ بشرر صغير”.
وأضاف أن “من ظن أن ما يحدث في غزة سيظل محصوراً في غزة فهو واهم، فالناس يزدادون غيظاً وأيضاً الأمور تسير فعلا إلى صدام أكبر”.
وأشار إلى أنه “وسط هذا الظلم الذي يقع على إخواننا في غزة وسط خذلان عربي وإسلامي، فإن الله سيعاقب الجميع، فخذلان أناس مظلومين لهم حق النصرة سيعجل بغضب الله وسيذيق المتخاذلين وبال أمرهم”.
الجدير ذكره، أن دولة قطر تدعم القضية الفلسطينية لأسباب متعددة، أهمها: إيمان قطر الراسخ بالعدالة وحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره وإقامة دولته المستقلة على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، ورفض ممارسات الاحتلال الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية وممارساته القمعية ضد الشعب الفلسطيني، والتزام قطر بمبادئ القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية التي تؤكد على حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره.
ومنذ 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023، يواصل الاحتلال الإسرائيلي شن عدوان مكثفة على المدنيين في قطاع غزة، مخلفا آلاف الشهداء والجرحى، إلى جانب تعمده قطع إمدادات المياه والكهرباء والغذاء والأدوية.
وردا على اعتداءات إسرائيلية يومية بحق الشعب الفلسطيني والمسجد الأقصى المبارك في القدس المحتلة، أطلقت حركة “حماس” وفصائل فلسطينية أخرى في غزة عملية “طوفان الأقصى” في 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023، حيث اقتحمت في بدايتها مستوطنات ومواقع عسكرية إسرائيلية في غلاف قطاع غزة محققة نتائج ملموسة.