تقاريرهام

زيارة أردوغان اليوم إلى القاهرة.. هل تفتح باب تعاون إقليمي موسع بين تركيا ومصر؟ (تقرير)

تتوجه الأنظار، اليوم الأربعاء، نحو الزيارة التي سيجريها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، إلى مصر، إذ أنها الزيارة الأولى له منذ أكثر من 10 أعوام، وسط التساؤل الأبرز فيما إذا كانت تلك الزيارة ستفتح الباب أمام تعاون إقليمي موسع؟

وتأتي الزيارة في سياق ما تشهده المنطقة من تطورات وعلى رأسها التطورات الدائرة في غزة بسبب عدوان الاحتلال الإسرائيلي المستمر ضد المدنيين هناك، وفي سياق مساعٍ حثيثة من تركيا ومصر لتطبيع العلاقات الثنائية، وتجاوز الخلافات التي تراكمت على مدار سنوات.

وكانت آخر زيارة لأردوغان إلى مصر في تشرين الثاني/نوفمبر 2012، حيث التقى الرئيس المصري الراحل محمد مرسي، وألقى كلمة شهيرة في جامعة القاهرة، كما قام بزيارة مشابهة، في 2011 والتقى خلالها رئيس المجلس العسكري الحاكم يومها المشير طنطاوي. وفي الزيارتين كان آنذاك رئيسًا للوزراء.

واستبقت مصر زيارة أردوغان الجديدة، بالعمل على حلحلة العديد من القضايا الخلافية التي لا تزال عالقة بينها وبين تركيا، وفي مقدمتها ما يتّصل بالملف الليبي، حيث استقبل الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، رئيس المجلس الرئاسي الليبي محمد المنفي، في العاصمة المصرية القاهرة، في زيارة للمنفي استغرقت عدة ساعات.

وحسب مصادر مصرية، فإن ذلك يأتي ضمن عدّة لقاءات واتصالات يجري تنسيقها بين المسؤولين المصريين والأتراك والليبيين، في محاولة لتجاوز الخلافات المتعلّقة بوضع التنظيمات العسكرية والمسلّحة الموجودة في الداخل الليبي إلى جانب ملفات أخرى منها ملف السودان والصومال وترسيم الحدود البحرية.

ووفقاً لموقع الجزيرة نت “قد يكون التعاون الأكثر موثوقية بين تركيا ومصر حلاً فعّالاً لإنهاء العدوان الإسرائيلي على غزة المستمر منذ أكثر من ثلاثة أشهر، مسبباً خسائر فادحة من الشهداء والمصابين، وتسبب في تدمير شبه كامل لقطاع غزة وبنيته التحتية. كما يتعين أيضا أن يتضمن هذا التعاون جهودا لإعادة ترتيب الأوضاع الفلسطينية الداخلية، بما يتناسب مع تأثيرات (طوفان الأقصى)، والوصول في النهاية إلى إعلان دولة فلسطينية على حدود الفترة الزمنية السابقة للخامس من حزيران/يونيو 1967”.

وحول أهمية تلك الزيارة وأبعادها الاستراتيجية القريبة والبعيدة، قال الكاتب والمحلل السياسي أحمد العربي لـ”وكالة أنباء تركيا”، إن “تركيا كانت من أهم الدول التي دعمت الربيع العربي الذي حصل في تونس ومصر وليبيا واليمن وسوريا، وتواصلت مع محمد مرسي الرئيس الجديد المنتخب في مصر، ثم حصل انقلاب من الجيش عليه أدى لإزاحته ثم محاكمته وموته في السجن، حيث نددت تركيا بالانقلاب على الديمقراطية في مصر”.

وأضاف أنه “وبعد مضي سنوات، ولأن السياسة متغيرة حسب مصالح الدول، فقد قررت تركيا أن تعود إلى تصفير المشاكل مع دول المنطقة، وخاصة أن مصلحة جديدة أصبحت بينهم، وهو البحث عن النفط في حوض البحر الأبيض المتوسط، وتقاسم حقوله مع بقية دول الحوض، ولذلك بادرت تركيا بإرسال رسائل تدعو للتوافق واللقاء مع مصر حصل أغلبها عبر الإمارات والسعودية”.

وتابع العربي “ها هي التوافقات تصل إلى ذروتها باللقاء المقبل وسط الشهر الجاري، للبحث عن المصالح المشتركة ودعمها خاصة الجانب الاقتصادي، الذي أصبح عنوان التوسع الإقليمي والعالمي لتركيا في هذه المرحلة”.

ويرى مراقبون أن زيارة أردوغان لمصر تكتسب أهمية استثنائية على مختلف الأصعدة، منها:

  • المستوى الثنائي: تسعى الزيارة لطيّ صفحة الخلافات وإعادة بناء جسور التعاون بين البلدين في مختلف المجالات، من التجارة والاستثمار إلى الأمن والسياحة.
  • المستوى الإقليمي: تأتي الزيارة في ظل تحديات إقليمية متفاقمة، مثل العدوان الإسرائيلي على غزة، والصراع في ليبيا والحرب في أوكرانيا، مما يجعل التنسيق بين القاهرة وأنقرة ضرورياً لضمان الاستقرار في المنطقة.
  • المستوى الدولي: تُمثّل الزيارة رسالة قوية للعالم حول قدرة الدولتين على تجاوز الخلافات والعمل معاً لمواجهة التحديات المشتركة.

كما يمكن تقسيم أبعاد الزيارة الاستراتيجية إلى أبعاد قريبة: تعزيز التعاون التجاري والاستثماري، التنسيق الأمني، والتعاون في مجال الطاقة. إضافة أخرى بعيدة: عادة تشكيل خارطة التحالفات في المنطقة، العب دور أكبر في حلّ الأزمات الإقليمية، وتعزيز التكامل الإقليمي.

من جهته، قال الباحث السياسي رشيد حوراني لـ “وكالة أنباء تركيا”، إن “الزيارة تأتي للتنسيق وتطوير التعاون بما يتعلق بتطوّرات الوضع السياسي والأمني والحياتي في قطاع غزة وفرص التعاون لدعم الشعب الفلسطيني، وبحث سبل ووسائل تخفيف معاناته، كون تركيا تأخذ موقفاً واضحاً مما يجري في غزة وإمكانية توظيف المكان الجغرافي المصري لمعالجة ما يجري، وبحث مشاريع نقل البضائع عبر الممرّات المائية والبرّية، وبينها الممرّ العراقي والهندي والصيني والقوقازي، التي تخص كل من أنقرة والقاهرة، والبحث في الأجواء المتوترة في كل من لبنان وسوريا واليمن والبحر الأحمر. وكذلك الأوضاع الخاصة بالبحر المتوسط ومسألة ترسيمه بين الدول المتشاطئة”.

وأضاف أنه “وبناء على أجواء التهدئة ورسائل الود الصادرة من الطرفين، ستكلل الزيارة بلا شك بنتائج ايجابية لصالح الطرفين”.

يذكر أنه في 21 من تشرين الثاني/نوفمبر 2022، قالت الرئاسة المصرية، إنه تم التوافق بين الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، على أن يكون لقاءهما في العاصمة القطرية الدوحة “بداية لتطوير العلاقات الثنائية بين تركيا ومصر”.

جاء ذلك وفق بيان نشره المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية بسام راضي، حيث أشار إلى أن “الرئيس السيسي تصافح مع الرئيس أردوغان في الدوحة، حيث تم التأكيد المتبادل على عمق الروابط التاريخية التي تربط البلدين والشعبين المصري والتركي”، مضيفا “كما تم التوافق على أن تكون تلك بداية لتطوير العلاقات الثنائية بين الجانبين”.

زر الذهاب إلى الأعلى