تقاريرهام

أذربيجان تعين سفيرا لها في أفغانستان.. خطوة تاريخية لتعزز العلاقات فلماذا الآن؟ (تقرير)

أثار تعيين أذربيجان، الحليف الاستراتيجي لتركيا، سفيرا لها في أفغانستان مجموعة من الأسئلة والتساؤلات، حول دلالات هذه الخطوة وما الذي يمكن أن تعنيه في سياق العلاقات الدولية.

ففي 15 شباط/فبراير 2024، قدّم إلهام محمدوف سفير أذربيجان في  العاصمة الأفغانية كابول، الأوراق الرسمية الخاصة بافتتاح السفارة الأذرية في كابول وأوراق اعتماده إلى وزير الخارجية الأفغانية المولوي أمير خانْ متقي.

ووصف وزير الخارجية الأفغاني افتتاح سفارة أذربيجان في كابول وإرسال دبلوماسيين على مستوى السفير أنه “تطور مهم في العلاقات الثنائية”، حسب بيان صادر عن المتحدث باسم وزارة الخارجية الأفغانية.

وقال وزير الخارجية الأفغاني خلال استقباله السفير الأذري “إنّ ممرّ لاجورد مهم بالنسبة لأفغانستان، ومع تفعيل هذا الممرّ يمكن ربط أفغانستان بأوروبا”، مضيفا أن الحكومة الأفغانية “تريد زيادة مستوى الوجود الدبلوماسي في السفارة الأفغانية في العاصمة الأذرية باكو”.

من جانبه، أكد السفير الأذري الجديد في أفغانستان إلهام محمدوف، على “احترام أذربيجان لسيادة أفغانستان واستقلالها”، مشددا على “عدم تدخل أذربيجان في الشؤون الداخلية لأفغانستان”.

وأشار محمدوف إلى أن “افتتاح السفارة يمثل خطوة هامة نحو تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين”، معربا عن “رغبة أذربيجان بتوسيع التعاون في المجالات الاقتصادية والتجارية والثقافية مع أفغانستان”.

ورأى مراقبون أن “تعيين أذربيجان سفيرا لها له في كابول، يعتبر دعماً للحكومة الأفغانية وتأكيداً على العلاقات الطيبة بين البلدين”، مضيفين أن “تلك الخطوة يمكن أن تؤدي إلى تعزيز العلاقات الثنائية بين أذربيجان وأفغانستان من خلال تعزيز التبادلات الثقافية والاقتصادية والسياسية.. كما ستؤدي هذه الخطوة إلى تأمين المصالح الاستراتيجية لأذربيجان في منطقة تعتبر حساسة جيوسياسياً مثل أفغانستان، وكذلك تأمين مصالح أفغانستان”.

الصحفي الأذري روفيز حافظ أوغلو، قال لـ”وكالة أنباء تركيا”، إنه “بالطبع، كنا نتوقع أن يُظهر هذا العمل تقارباً بين البلدين”، مضيفا أنه “يجب علينا أن نسأل: هل تعتبر حركة (طالبان) منظمة إرهابية؟ الإجابة: بالطبع لا”.

وتابع أن “أذربيجان لا تُصنف حركة (طالبان) كمنظمة إرهابية، بل على العكس تماماً، ندرك أن وصول هذه الحركة إلى السلطة في أفغانستان قد يؤدي إلى تغييرات جذرية، حيث أصبحت أفغانستان أكثر أمناً بوجودها، وإذا قورن الوضع قبل وبعد وصول (طالبان) إلى الحكم، نجد فارقاً كبيراً في الأمان والاستقرار في أفغانستان”.

وأضاف حافظ أوغلو أنه “على الرغم من رفض بعض الدول التعامل مع (طالبان)، فإن هناك دولاً مثل الصين وقرغيزستان تحافظ على علاقاتها معها، ما يعكس تغييراً في المشهد السياسي والاقتصادي في المنطقة”.

وزاد قائلا، إن “تعزيز العلاقات بين أذربيجان وأفغانستان يعتبر خطوة مهمة نحو التعاون والتطوير المشترك، حيث تتضح استعدادية أذربيجان لتقديم المساعدة الإنسانية والتنموية لأفغانستان، وهذا يدل على فتح باب الحوار مع الجميع”.

وختم حافظ أوغلو قائلا “أعتقد أن العلاقة بين أذربيجان وأفغانستان ستتعزز في المستقبل، ما سيؤدي إلى تنمية مشتركة في مجالات الاقتصاد والاستثمار”.

واعتبر محللون أنه من الممكن أن يساهم تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين بتحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة، خاصةً في ظل التحديات التي تواجهها أفغانستان، مع استمرار الحصار الغربي والأمريكي عليها، لافتين إلى أن تعيين سفير أذري في أفغانستان يعكس التزام أذربيجان بتعزيز العلاقات مع الدول الشقيقة والصديقة وتعزيز السلم والاستقرار في المنطقة.

بدوره، قال الباحث السياسي رشيد حوراني لـ”وكالة أنباء تركيا” إنه يبدو أن الحكومة الأفغانية الحالية “تتوجه لفتح العلاقات الخارجية مع دول الجوار من جانب وتسوية علاقاتها الدولية من جانب آخر، حيث أعلنت أفغانستان مؤخرا عن تسديد آخر قرض دوليّ عليها لتصبح دولةً بلا ديون خارجية، ويدل ذلك أن الفترة الماضية كانت بمثابة فترة تجريب للحكومة وقياس مدى قدرتها على تجاوز العقبات الموجودة في البلاد التي عانت صراعات طويلة”.

وأضاف حوراني أن “نجاح (طالبان) في هذا الأمر يؤكد قدرتها على الوقوف على الثغرات التي تعاني منها البلاد وميلها لتحقيق الاستقرار من خلال الإجازات التي ستعلن عنها تباعا”.

ولفت إلى أن “فتح أذربيجان سفارتها في كابل يعتبر صدى للجهود التي تبذلها (طالبان) في تسوية علاقاتها، كما أن أذربيجان من مصلحتها تحقيق الاستقرار في أفغانستان من جانب، وكسب دولة صديقة تشارك إيران في حدودها والضغط على إيران من جهة أخرى، لأن إيران وقفت إلى جانب أرمينيا في حربها ضد أذربيجان في إقليم قره باغ”.

واعتبر مراقبون آخرون أن تعيين السفير الأذري في أفغانستان له دلالات كثيرة، منها: خطوة تعكس رغبة أذربيجان في تعزيز علاقاتها مع أفغانستان، كما تُعدّ خطوة لدعم شرعية الحكومة الأفغانية الجديدة، وإشارة إلى المجتمع الدولي تُظهر التزام أذربيجان بدعم استقرار أفغانستان.

يذكر أنه في 15 آب/أغسطس 2021، سيطرت “طالبان” على أفغانستان بالكامل، بموازاة مرحلة أخيرة من انسحاب عسكري أمريكي اكتملت نهاية الشهر ذاته، معلنة نهاية الاحتلال الأمريكي لهذا البلد.

وبدأت الحكومة الأفغانية بالوكالة منذ توليها الحكم في أفغانستان، عقب انسحاب قوات الاحتلال الأمريكي من البلاد نهاية آب/أغسطس 2021، اتخاذ خطوات عملية للنهوض بالبلاد، من خلال اتخاذ العديد من القرارات والخطوات الهامة ما يمهّد لخلق دولة متقدمة علمياً وسياسياً وتحقيق نهضة ملموسة، تنفيذاً لوعود أطلقتها حركة “طالبان” التي تقود الحكومة الأفغانية الحالية.

زر الذهاب إلى الأعلى