يواصل الاحتلال الإسرائيلي عدوانه على غزة منذ أكثر من 4 أشهر، وسط توسع العدوان بشكل مباشر إلى مدينة رفح جنوبي القطاع، في عدوان ممنهج هدفه الضغط على الفلسطينيين والمقاومة لإفراغ القطاع من سكانه، وفق ما يؤكد مراقبون.
ورأى محللون أن ما يجري “هو تواطؤ دولي وإقليمي من قبل الكثيرين لتصفية القضية الفلسطينية وإخراج المقاومة من غزة كما أجبرت حركة (فتح) على مغادرة العاصمة اللبنانية بيروت عام 1982”.
وتشير كل المعطيات والتطورات على الأرض ميدانيا وعسكريا وأمنياً، إلى أن هناك محاولات مستمرة من قبل الاحتلال الإسرائيلي وبعض الدول الغربية والإقليمية تهدف إلى تصفية القضية الفلسطينية وإخراج المقاومة من غزة، من خلال فرض حلول سياسية واقتصادية تتناقض مع حقوق الفلسطينيين ومطالبهم، مثل “صفقة القرن” التي أعلنت عنها الإدارة الأميركية السابقة، واتفاقيات التطبيع التي أبرمتها بعض الدول العربية مع الاحتلال الإسرائيلي تحت اسم “اتفاقيات أبراهام”.
ووسط كل ذلك، يرفض الشعب الفلسطيني والمقاومة الفلسطينية هذه المحاولات، مصرين على حقهم بالعودة والتحرير والاستقلال وإقامة دولتهم الفلسطينية وعاصمتها القدس.
والأحد 11 شباط/فبراير 2024، قالت هيئة البث الإسرائيلية إن قوات الاحتلال الإسرائيلي “صدّقت على خطة عملياتية لشن عملية برية في رفح”، التي تعد آخر ملاذ للنازحين في القطاع المنكوب.
وتشن قوات الاحتلال الإسرائيلي، بين الحين والآخر، غارات عنيفة على مناطق مختلفة في رفح، تؤدي إلى استشهاد وإصابة عشرات الفلسطينيين بينهم أطفال ونساء، في تجاهل واضح لتحذيرات دولية من عواقب اجتياح المدينة المكتظة بالنازحين.
المحلل السياسي محمود علوش، قال لـ”وكالة أنباء تركيا، إن “التلويح الإسرائيلي بشن عملية عسكرية على رفح مصمم بشكل أساسي للضغط على حركة (حماس)، وأيضا لتقوية موقف إسرائيل التفاوضي فيما يتعلق بمشروع الصفقة الجديدة بين إسرائيل وحركة (حماس) والذي يجري التحضير له بوساطة إقليمية ودولية”.
وأضاف “لكن إذا ما قررت إسرائيل المضي قدما في شن عملية عسكرية على رفح، بالطبع فإن أي عملية من هذا القبيل سيكون لها آثار كبيرة ليس فقط على مستوى الحرب بل أيضا على مستوى الارتدادات الإقليمية المرتبطة بالحرب، وقد تؤدي إلى اضطراب شديد في العلاقات المصرية الإسرائيلية”.
وتابع علوش أن “دول المنطقة تظهر معارضة صريحة لأي هجوم إسرائيل على رفح، لأن هذا الهجوم سيؤدي إلى مفاقمة الحرب بشكل أكبر وسيقوض أي جهد من أجل تهدئة هذه الحرب والتوصل إلى تسوية سياسية يمكن أن تؤدي في نهاية المطاف إلى إنهاء هذه الحرب، وبالتالي أعتقد أن المنطقة اليوم ستكون متضررة بشكل كبير على مستوى الأمن الإقليمي في حال قرار إسرائيل تصعيد هذه الحرب إلى شن هجوم على منطقة رفح”.
ورأى أنه “بالنسبة للمقاومة الفلسطينية، فإن قوات المقاومة الفلسطينية تتركز بقواتها على الأرض، طالما أنها قادرة على الصمود في غزة، وطالما أنها قادرة على إفشال أي مشاريع لتصفية القضية الفلسطينية والمشروع الإسرائيلي لتهجير الفلسطينيين من قطاع غزة، وبالتالي الرهان هو على قدرة المقاومة الفلسطينية على الصمود على الأرض”.
وتتوالى الإدانات الدولية للعدوان الإسرائيلي على مدينة، محذّرةً من كارثة إنسانية في حال تواصل القتال.
ودعا الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الاحتلال الإسرائيلي لـ”التوقف عن السعي وراء أحلامه التوسعية إذا كان تريد السلام الدائم”، متعهداً بالقول “لن ندع أبداً إخواننا الفلسطينيين وحدهم بلا حماية”.
وأضاف علوش أن “أي خطوة ستبقى منقوصة ما لم تنشأ دولة فلسطينية ذات سيادة موحدة جغرافياً على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية”، مشددا أن “الطريق المؤدي إلى السلام والاستقرار والتنمية الاقتصادية في المنطقة يمر من تلك الخطوة”.
بدوره، قال الصحفي اليمني صدام الحريبي لـ”وكالة أنباء تركيا”، إنه “إذا كانت هناك ضغوطات تجدي نفعا في التأثير على المقاومة لكان الصهاينة وعملاؤهم قد استخدموها منذ أول أيام طوفان الأقصى، فالصهاينة لن يتوانوا في الإقدام على أي خطوة من شأنها التأثير على المقاومة ولو كان ثمنها دماء مواطنيهم حتى”.
وأضاف “لكن الجميع يعلم بما فيهم الكيان الصهيوني أنه لا يمكن التأثير على المقاومة أو إخضاعها بأي شكل من الأشكال، وبالتالي هم يمارسون حركات فقط من أجل إرضاء شعبهم الذي أتى من أقطار الأرض ليحتل فلسطيننا”.
وختم الحريبي قائلا “لندرك جميعا بأن حماس لم تقدم على هذه الحرب إلا وهي مستعدة للتعامل مع أسوأ الاحتمالات”.
يذكر أنه منذ 26 كانون الثاني/يناير 2024، قررت 18 دولة والاتحاد الأوروبي تعليق تمويلها لـ “أونروا”، بناءً على مزاعم دولة الاحتلال إسرائيل بمشاركة 12 من موظفي الوكالة في هجوم حركة “حماس” على مستوطنات إسرائيلية محاذية لغزة، في حين رأى مراقبون أن ذلك يأتي في سياق الضغط على المقاومة الفلسطينية بتواطؤ مع عدد من الدول الغربية.
وهذه الدول هي: الولايات المتحدة وكندا وأستراليا واليابان وإيطاليا وبريطانيا وفنلندا وألمانيا وهولندا وفرنسا وسويسرا والنمسا والسويد ونيوزيلندا وأيسلندا ورومانيا وإستونيا والسويد، بالإضافة إلى الاتحاد الأوروبي، وفقاً للأمم المتحدة.
ومنذ 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023، يواصل الاحتلال الإسرائيلي شن عدوان مكثفة على المدنيين في قطاع غزة، مخلفا آلاف الشهداء والجرحى، إلى جانب تعمده قطع إمدادات المياه والكهرباء والغذاء والأدوية.
وردا على اعتداءات إسرائيلية يومية بحق الشعب الفلسطيني والمسجد الأقصى المبارك في القدس المحتلة، أطلقت حركة “حماس” وفصائل فلسطينية أخرى في غزة عملية “طوفان الأقصى” في 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023، حيث اقتحمت في بدايتها مستوطنات ومواقع عسكرية إسرائيلية في غلاف قطاع غزة محققة نتائج ملموسة.