
“معيّة الله مع المجاهدين” أساس في مسيرة تحقيق النصر في المعارك ضد العدو، هذا ما فصله أحد علماء لبنان الذي خاض مقاومة شرسة ضد قوات الاحتلال الإسرائيلي الذي اجتاحت لبنان عام 1982، مرسلا “بشارات للمجاهدين في قطاع غزة” الذي يواجهون اليوم نفس تلك القوات المعتدية.
الشيخ خالد عارفي “أبو عطاء” تحدث في مقابلة خاصة مع “وكالة أنباء تركيا” عن عدد من القصص التي عاشها خلال مشاركته العسكرية بمقاومة قوات الاحتلال الإسرائيلي في مدينة صيدا جنوبي لبنان عام 1983، مستبشرا بتكرار مثل تلك القصص مع أفراد المقاومة في قطاع غزة الذين يخوضون معارك شرسة ضد الاحتلال الإسرائيلي منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر الماضي.
الشيخ عارفي وهو رئيس المكاتب التنفيذية لهيئة علماء المسلمين في لبنان، وأحد مؤسسي “قوات الفجر” التابعة للجماعة الإسلامية في لبنان، شدد في حديثه على “ضرورة التمسك بالتقوى والإخلاص لنيل رضى الله”، مخاطبا “كل من هو قادر على نصرة إخوانه في غزة أن لا يتهاون في ذلك”.
وقال الشيخ عارفي في بداية حديثه “لا نريد أن نتكلم عن المعجزات بل نتكلم عن الكرامات، فهذه الكرامات وهذا النصر والانتصار الأسطوري الذي حصل ويحصل لأهلنا في غزة بفضل الله تعالى، كله بسبب أن هؤلاء الأبطال (المقاومة الفلسطينية) يدافعون عن دين الله تعالى ويدافعون عن المقدسات ويدافعون عن أعراضهم ويدافعون عن هذه الأرض التي احتُلت واغتصبت من قبل هذا العدو الغاصب، فكان هذا التأييد من الله”.
وقدّم الشيخ عارفي خطابًا مُلهمًا يُؤكد على أهمية الإيمان والتوكل على الله في تحقيق النصر، ساردا عددا من القصص حول تجاربه العسكرية “التي تُظهر قدرة الله على نصرة عباده”.
“معيّة الله” في معركة البيت
وقال الشيخ عارفي “في مدينتنا صيدا، التي أحبّها، واجهنا تجربة مشابهة لتجربة إخواننا في غزة، فنحن أيضًا من أرض الرباط، ونؤمن بنفس المبادئ ونرفع نفس الشعار”.
وأضاف أنه “في منطقة القيّاعة (في صيدا) التي شهدت استشهاد الأخوة جمال حبال، محمود زهرة، ومحمد علي الشريف على يد لواء غولاني (في جيش الاحتلال الإسرائيلي)، تكرّرت نفس القصة مع فرق بسيط (بين صيدا وغزة)”.
وسرد الشيخ عارفي القصة الأولى، قائلا “في صيدا، وشى أحد العملاء على ثلاثة من إخواننا، هم: جمال حبال، ومحمود زهرة، ومحمد علي الشريف، الذين كانوا مختبئين في بيت الأخير، حيث حاصر لواء غولاني البيت بالدبابات والطائرات والمدافع، وطالبوا بتفتيشه.. فتح الأخ محمد علي الباب، وعندما عرف أنهم جنود إسرائيليون، طلب منهم الانتظار قليلا.. أغلق الباب وأخبر إخوانه بقراره أنه سيقاتل ولن يسلم، فبدأت المعركة قبل منتصف الليل، لكن الأخ محمد علي استشهد في بداية المعركة، بينما تحصّن جمال ومحمود في مكان مرتفع يُسمّى السدة”، مضيفا أن “الأخ جمال ألقى قنبلة على سيارة قائد اللواء، فقتل الضابط وجرح تسعة جنود، في حين ردّ العدو بقصف البيت مّا أتاح الفرصة لمحمود وجمال للقفز من المكان”.
وتابع أن “الأخ محمود استشهد بعد دقائق برصاص الطائرات، بينما واصل الأخ جمال القتال بمفرده، حيث قاتل جمال ببسالة حتى نفد منه الرصاص، فأوهم العدو أنه قد قُتل، ونام على سلاحه، وعندما دخل الجنود ظنًا منهم أنه ميت، أفرغ عليهم ما تبقى من رصاصاته ثم استُشهد”.
ووصف الشيخ عارفي المعركة أنها “معركة أسطورية حقًا، تدلّ على تأييد الله تعالى ونصره لعباده المؤمنين.. ونحن نرى نفس المعنى يتكرّر في غزة العزة اليوم، حيث ينتصر إخواننا على أعدائهم بفضل الله تعالى”.
“معيّة الله” وعربة الخضار
وروى الشيخ عارفي قصة ثانية كانت “معيّة الله” حاضرة فيها، مؤكدا أن “هذه المعية تكون معنا عندما نكون نحن مع الله، أي يجب أن نصدق الله ونراجع أنفسنا ونتوب إليه حتى في الأمور الصغيرة”.
ولفت إلى أنه مع عدد من المقاتلين أعدوا العدة لعميلة زرع عبوة بهدف ضرب دورية لقوات الاحتلال الإسرائيلي في أحد شوارع صيدا، إلا أن العملية كانت تتعرقل في كل مرة، واستمر الحال هكذا لنحو شهر دون تنفيذ العملية.
وقال “بعد كل هذا التأخير بدأنا نسأل أنفسنا عن السبب، فتذكر أحد الأخوة أن إحدى عملياتنا السابقة تسببت بتدمير عربة خضار فارغة، حينها توقعنا أن يكون هذا هو السبب لأن العربة تلك لا ذنب لها بعمليتنا، فقررنا البحث عن صاحبها والتعويض عليها بثمنها وأكثر، وهكذا حصل بالفعل، ليبدأ صاحب العربة بالدعاء للمجاهدين، وبعد التعويض فورا تيسرت العملية وتمت بنجاح فعلا”.
“معيّة الله” وعربة سيارة الانسحاب
وأشار الشيخ عارفي إلى حادثة ثالثة، قائلا “في أحد الأيام وبعد تنفيذنا لعملية ضد قوات الاحتلال في صيدا، وأثناء انسحابنا من المكان بعد كشف أمرنا من قبل إحدى الدوريات الإسرائيلية، بدأ الرصاص ينهال على سيارتنا بشكل كثيف قبل أن نتحرك بها، وخلال قيامي بمحاولة تشغيلها للانطلاق والانسحاب تعطل السيارة والرصاص ينهال علينا من الجهة الأمامية لها، وبعد ثوان تمكنت من تشغيلها والانطلاق نحو الأمام في نفس اللحظة التي انتقل فيها الرصاص من أمامنا إلى خلف السيارة”.
وقال “لو كانت السيارة عملت على الفور وانطلقت بها لكان الرصاص أصابنا بشكل مباشر ولقتلنا جميعا، ولكن تعطل السيارة لفترة وجيزة أنقذنا.. فمن الذي عطل السيارة إنه الله”.
وأكد الشيخ عارفي أن “النصر يأتي فقط من الله، وأن الإنسان يجب أن يثق بذلك ويتوكل على الله في جميع أموره، مبيناً أن معية الله تتكرر دائمًا بفضله ورحمته، وأن الإنسان يجب أن يتقي الله في جميع تصرفاته وأفعاله”.
“معيّة الله” وحماية المدنيين تجلب نصرا أكبر
وتابع الشيخ عارفي رواية قصة رابعة عن “معيّة الله”، قائلا “في يوم من الأيام تم التخطيط لعملية من قبل المجاهدين، حيث زرعنا عبوة ناسفة لاستهداف قافلة جنود إسرائيليين، وبينما كانت قافلة الجنود تمر كان المقاتلون يستعدون لتفجير العبوة بالسيارة، لكن بمشيئة الله، مرّت سيارة يقودها رجل مع زوجته وأولاده، فقال المقاتلون إن حرمة المسلم عند الله أغلى من حرمة بيت الله الحرام، وقرروا عدم استهداف قافلة الجنود كي لا يتم قتل مدنيين.. مع مرور سيارات أخرى تحمل مدنيين إلى جانب بقية عربات قوات الاحتلال لم نقم بالتفجير.. وبقدر الله، حدث عطل فني في المكان الذي زُرعت فيه العبوة، ما أدى إلى قطع الطريق وتوقف مرور السيارات والبدء بأشغال بلدية مع بقاء عبوتنا في مكانها”.
وتابع “عندما تم كشف العبوة حضرة قوة إسرائيلية من ضباط الهندسة لتفكيكها، فانفجرت بهم ما أدى إلى مقتل أربعة ضباط إسرائيليين من سلاح الهندسة.. وهكذا، بتجنيب المدنيين الخطر أظهر الله تأييده للمجاهدين وكانت معيّة الله حاضرة، وبدل قتلنا لجنود عاديين، قتل بالعبوة ضباط كبار”.
“معيّة الله” تعمي أبصار جنود الاحتلال وتعطل حاسة الشم عند كلابهم
وذكر الشيخ عارفي قصة خامسة توضح هذه المعاني، قائلا “في أحد الأيام، أوقف حاجز مفاجئ لقوات الاحتلال الإسرائيلي في صيدا إحدى سياراتنا المفخخة التي كان يقودها الأخوة تم تفتيش السيارة من قبل الكلاب البوليسية، لكن تلك الكلاب لم تعثر على أي شيء فقام أحد الضباط الإسرائيليين بالتفتيش بنفس وحمل العبوتين بيده دون أن يدرك أنهما عبوتين، ثم وضعهما في السيارة بيده، وسمح للأخوة بالمغادرة.. إنه الله هو من ساعد الأخوة، وأعمى جنود الاحتلال وكلابهم”.