
أكد رئيس دائرة العلاقات الوطنية في حركة “حماس” في الخارج علي بركة أن المقاومة العسكرية التي تواجه العدوان الإسرائيلي المستمر على قطاع غزة منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023 “صامدة ومازالت تقاتل بكل مهارة وشجاعة واقتدار في كل محاور القتال”، محملا رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو المسؤولية الكاملة عن عدم الوصول لاتفاق وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى في غزة “وذلك بسبب رغبته باستمرار المذبحة في القطاع.. ولكن نحن لن نستسلم أمام نتنياهو والجهات التي تدعمه”.
كلام بركة القيادي في “حماس” في الخارج، جاء في لقاء خاص مع “وكالة أنباء تركيا”، شدد فيه على أهمية التحركات الشعبية في مختلف دول العالم نصرة لقطاع غزة وعلى رأسها ما يقوم به الشعب التركي “الذي يَعتبر أن قضية فلسطين والقدس قضيته المركزية”، مشيدا في الوقت نفسه بموقف الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الذي رفض وضع حركة المقاومة الإسلامية “حماس” في خانة الإرهاب.
وطالب بركة خلال اللقاء تركيا وأردوغان بـ”بذل المزيد من الجهد وذلك لمكانة تركيا في العالم الإسلامي والعالم بشكل عام”، معرجا في ختام اللقاء على الأسباب التي دفعت “حماس” للقيام بعملية “طوفان الأقصى” يوم 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023.
المفاوضات بين “حماس” والاحتلال الإسرائيلي
في هذا السياق، أكد بركة أن “(حماس) قدمت مبادرة لوقف إطلاق النار (في غزة) على 3 مراحل، مدة كل مرحلة 6 أسابيع.. في المرحلة الأولى يتم الإفراج عن الأسر (المدنيين) المحتجزين في قطاع غزة بالإضافة إلى عدد من المجندات الإسرائيليات كونهن نساء، وقد طلبت (حماس) مقابل كل أسير (مدني) 20 من الأسرى الفلسطينيين، ومقابل كل مجندة إسرائيلية 50 أسير فلسطيني من ذوي الأحكام العالية”.
ولفت بركة إلى أن “حكومة الاحتلال رفضت هذا العرض وخاصة أنه يتضمن الانسحاب (جيش الاحتلال الإسرائيلي) من شارعي صلاح الدين والرشيد في غزة ضمن المرحلة الأولى، على أن يتم الانسحاب الكاملة ضمن المرحلة الثانية”.
وأكد أنه “من الواضح أن نتنياهو لا يريد أن يوقف الحرب بل يريد استمرار المذبحة في قطاع غزة وحرب الإبادة والتجويع ضد شعبنا الفلسطيني لأنه يدرك أن وقف العدوان على غزة يعني نهايته السياسية ويعني فشله بتحقيقه أهدافه التي أعلنها وخاصة هدفه بتصفية (حماس) وإخراج الأسرى وتهجير أهلنا من غزة إلى سيناء”.
وتابع أن “نتنياهو لم يستطع أن يقضي على (حماس) بل هو يفاوض (حماس) ولم يستطع أن يخرج الأسرى بل هو يفاوض من أجل الأسرى، ولم يستطع أن يهجر شعبنا الذي صمد”.
حال المقاومة العسكرية في غزة اليوم
وعن وضع المقاومة العسكرية في غزة ومدى صمودها بعد نحو 6 أشهر من استمرار عدوان الاحتلال الإسرائيلي، طمأن بركة أن “المقاومة في غزة والحمد لله صامدة ومازالت تقاتل بكل مهارة وشجاعة واقتدار في كل محاور القتال”، مضيفا أن “الشعب الفلسطيني صامد والمقاومة تقاتل وتكبد العدو خسائر فادحة.. أكثر من 1500 آلية لجيش الاحتلال الإسرائيلي تم تدميرها حتى الآن فضلا عن الخسائر الفادحة بالأرواح التي تكبدها جيش الاحتلال الذي لا يعترف ويغطي على الحقائق والأرقام”.
وتابع قائلا “وإلى جانب هذه الخسائر هناك أعداد كبيرة من الجرحى والمعاقين والمضطربين نفسيا في جيش الاحتلال.. أكثر من 10 آلاف من جيش الاحتلال تم تحييدهم حتى الآن في المعارك وهذه خسارة كبيرة لم تخسرها إسرائيل في كل معاركها السابقة.. لذلك نجد أن حكومة الاحتلال وجيش الاحتلال يلجآن للانتقام من الشعب الفلسطيني بعد الفشل الميداني العسكري أمام المقاومة”.
نتنياهو يشن حرب إبادة في غزة
وأضاف رئيس دائرة العلاقات الوطنية في حركة “حماس” في الخارج أن “هناك حرب إبادة حقيقية تقودها حكومة نتنياهو في غزة الأمر الذي تسبب بوضع إنساني مأساوي وخطير جدا في القطاع”، مشيرا إلى أن “حكومة نتنياهو لا تحترم مبادئ حقوق الإنسان ولا تلتزم بقرار مجلس الأمن الأخير 2728 (القاضي بإيقاف إطلاق النار في غزة).. هذه الحكومة هي حكومة مارقة متطرفة همها سفك دماء الشعب الفلسطيني وتهويد القدس والمسجد الأقصى”.
الدور الأمريكي في العدوان على المدنيين في غزة
وعن الدور الأمريكي في العدوان على غزة، شدد بركة أن “أمريكا تغطي جرائم الاحتلال، والمجتمع الدولي عاجز أمام التصرفات الإسرائيلية”، إلا أنه أشار إلى أن “هذا المجمتع والرأي العام العالمي بدآ بالتحرك لذلك نحن نتوجه بالشكر الجزيل لكل شعوب العالم في أوروبا، أمريكا، العالم الإسلامي، الوطن العربي وأمريكا الجنوبية، هناك حراك كبير كشف حقيقة هذا الكيان المجرم”.
مطالبة بتحرك عربي إسلامي دولي جاد
وطالب بركة “منظمة المؤتمر الإسلامي وجامعة الدول العربية ومنظمة الأمم المتحدة ومجلس الأمن أن يتخذوا قرارات شجاعة حاسمة لوقف العدوان ووقف المذبحة التي تقوم بها حكومة الاحتلال في غزة”.
المقاومة في فلسطين تدافع عن المقدسات الإسلامية والمسيحية
وقال بركة إن “الشعب الفلسطيني يمر في مرحلة تحرر وطني وهو يقاتل الاحتلال الإسرائيلي منذ عام 1948 حيث إن وظيفة المقاومة في فلسطين هي تحرير الأرض وحماية الشعب والدفاع عن المقدسات الإسلامية والمسيحية، لذلك ما نقوم به من مقاومة سواء في (طوفان الأقصى) أو ما قبل (طوفان الأقصى) هو أمر مشروع.. نحن حركة مقاومة نقاوم الاحتلال.. نحن أصحاب الحق.. نحن أصحاب الأرض.. نحن أهل القدس.. نحن أصحاب المسجد الأقصى.. نحن أصحاب كنيسة القيامة وكنيسة المهد.. هذه ديارنا وأرضنا ومقدساتنا.. نحن نقاتل اللصوص الصهاينة الذين جاؤوا من أصقاع الأرض بتسهيل من الاحتلال البريطاني الذي كان يحتل فلسطين”.
وشدد قائلا “نحن أصحاب الحق لذلك لن نستسلم.. والاحتلال إلى زوال ونحن ثقة بالله تعالى وبشعبنا وبأمتنا وبأحرار العالم أنهم لن يتخلوا عنا”.
التحركات الشعبية المناصرة لأهل غزة
وعن التحركات الشعبية التي يشهدها العالم نصرة لقطاع غزة والقضية الفلسطينية، قال بركة إن “الشعوب غير العربية نراها أنشط في هذا المجال وتحركاتها أقوى.. أما الشعوب العربية متفاوتة في تحركاتها فمثلا في لبنان يقدمون الدماء في الجنوبي اللبناني دعما لغزة، وفي الأردن مظاهرات يومية تحاصر سفارة الاحتلال الإسرائيلي في عمّان، لكن في مصر على سبيل المثال المظاهرات خجولة جدا ولم نر تحركات كبيرة لا في القاهرة ولا تجاه معبر رفح”.
وشدد أنه “لا بد من وجود ضغط شعبي عربي لفتح معبر رفح وفتح كل المعابر وإسناد أهلنا في غزة وإرسال المواد الغذائية والطبية والوقود إلى هناك.. مطلوب من الشعوب أن تتحرك وأن تضغط على حكومتها من أجل وقف الحرب وإدخال المساعدات إلى أهلنا في غزة الذين يعانون من حرب تجويع يشنها نتنياهو”.
وجدد بركة “شكر كل الشعوب العربية والإسلامية وندعوها إلى المزيد لأن قضية فلسطين هي قضية الأمة وقضية أحرار العالم وليست قضية الشعب الفلسطيني وحده”.
تركيا والشعب التركي
وخص رئيس دائرة العلاقات الوطنية في حركة “حماس” في الخارج خلال حديثه الشعبَ التركي بالتحية، قائلا “نحن نوجه التحية للشعب التركي الشقيق الذي يَعتبر أن قضية فلسطين والقدس قضيته المركزية، وقد شاهدنا فعلا ذلك من خلال المساعدات والدعم المادي الذي يقدمه الشعب التركي لأهلنا في غزة وأهلنا في القدس وأهلنا في عموم فلسطين.. هناك تعاطف كبير من الشعب التركي وهناك دعم حقيقي ملموس لمسناه خلال هذه الحرب”.
موقف أردوغان والمطالبة بالمزيد
وتابع بركة “كما نقدر موقف الحكومة التركية وموقف الرئيس أردوغان الذي أعلن أن حركة (حماس) ليست حركة إرهابية أنه يحتضن ويستقبل قيادات (حماس)، وهذا موقف مقدّر، ولكن نحن نطلب من الرئيس التركي أن يبذل المزيد لمكانة تركيا في العالم الإسلامي والعالم بشكل عام.. تركيا تستطيع أن تضغط أكثر من أجل إيقاف هذه المجزرة.. نعلم أن هناك انشغالات داخلية في تركيا ولكن تبقى قضية فلسطين أمانة في أعناق الحكام العرب والمسلمين”.
لماذا قامت “حماس” بعملية “طوفان الأقصى”؟
وعن دوافع وأسباب قيام حركة “حماس” بعملية “طوفان الأقصى” يوم 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023، شدد بركة أن “الحرب لم تبدأ في هذا التاريخ بل إن العدوان على الشعب الفلسطيني بدأ عام 1917 مع الاحتلال البريطاني الذي سلم فلسطين للعصابات الصهيونية وأنشأ الكيان الصهيوني عام 1948.. العدوان على شعبنا مستمر منذ نحو 106 سنوات، ولذلك فإنه من حق الشعب الفلسطيني أن يقاوم الاحتلال، وهنا نسأل: كيف كان وضع الشعب الفلسطيني قبل 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023؟! هل كان وضعا جيدا وممتازا ولا يوجد قتل؟!”.
وتابع “فلنعد أسبوعا واحدا قبل 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023.. كان هناك اقتحامات للمسجد الأقصى المبارك بشكل يومي وذبح قرابين داخله ومساع لتقسيم المسجد زمانيا ومكانيا ودعوات لبناء كنيس أي ما يسمونه المعبد أو الهيكل مكان قبة الصخرة”، مضيفا أنه “إلى جانب كل ذلك كانت مدن الضفة الغربية تشهد يوميا اقتحامات واعتداءات واعتقالات.. كان هناك حصار ظالم على غزة منذ عام 2006.. كان هناك تهويد لمدينة القدس نفسها وتهجير لأهلنا في القدس ومنع إعادة ترميم المنازل هناك كي يخرج كل العرب المسلمين والمسيحيين من المدينة ثم تحويلها إلى مدينة يهودية.. هناك 7 مليون لاجئ فلسطيني في العالم مشتتين بسبب الاحتلال”.
وأضاف بركة “إذا لم تقم المقاومة بعمليات ضد الاحتلال فما هي وظيفتها؟! المقاومة وجدت بسبب الاحتلال، وكل الشرائع السماوية والقوانين الدولية تبيح للمعتدى عليه والمحتلة أرضه أن يدافع عن نفسه.. نحن في حالة دفاع عن النفس”.
وشدد أنه “نتيجة كل هذا الظلم كان من الضروري أن تقوم المقاومة بعملية نوعية ضد الاحتلال، وقد قامت بذلك فعلا يوم 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023 دفاعا عن المسجد الأقصى والقدس والضفة الغربية وغزة ودفاعا عن اللاجئين.. ونحن شعب من حقه أن يكون عنده دولة”.
أكد بركة في السياق أن “الشعب الفلسطيني يقاوم من أجل حريته، فالشعب الجزائري على سبيل المثال لم يتحرر إلا بالمقاومة وكذلك الشعب الفيتنامي لم يتحرر إلا بالمقاومة، والشعب اللبناني لم يحرر جنوب لبنان إلا بالمقاومة.. المقاومة نجحت في دول عدة فلماذا لا تنجح في فلسطين؟!”.
وتابع قائلا “نهم الاحتلال مجرم في فلسطين وهو مدعوم من أمريكا ودول مثل بريطانيا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا، ولكن هذا لا يعني أننا كشعب فلسطيني لسنا أصحاب الحق.. قوة الاحتلال وقوة المجرمين لا تسقط الحق.. نحن الشعب الفلسطيني أصحاب الأرض أما المحتل فهو دخيل أتى من الخارج”.
وشدد أن “الشعب الفلسطيني كل ما يريده هو أن يعود إلى أرضه، ولا عودة بالمفاوضات، ولدينا مثال اتفاق أوسلو الذي وقعته منظمة التحرير والذي ينص على إقامة دولة فلسطينية بعد 5 سنوات من نشوء السلطة الفلسطينية التي تم تأسيسها عام 1994، ولكن عندما جاء عام 1999 رفض الاحتلال تطبيق الاتفاق.. لذلك نحن نواصل المقاومة بعد أن جربنا الاتفاقيات والتسويات ولم يحصل أي شيء”.
وختم بركة قائلا “نحن لن نستسلم ولن نأخذ إذنا من أحد لندافع عن أرضنا ونواجه الاحتلال في فلسطين”.