
تلعب دولة قطر دوراً محورياً لا يمكن الاستغناء عنه في جهود الوساطة والتفاوض الهادفة إلى إحلال هدنة في قطاع غزة، حيث يرى محللون أن “قطر تعتبر حجر الزاوية في مفاوضات هدنة غزة”.
وتعتبر قطر واحدة من الدول الرئيسية التي تلعب دورًا حيويًا في جهود تحقيق السلام والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط.
ويتمثل هذا الدور في الوساطة والمشاركة الفعّالة في المفاوضات لتحقيق هدف الهدنة وتهدئة التوترات في المنطقة.
وتأتي أهمية الدور القطري من عدة عوامل، أبرزها أن قطر تتمتع بعلاقات جيدة مع حركة المقاومة الإسلامية “حماس”، ما يجعلها وسيطاً موثوقاً به يمكنه التواصل المباشر مع قادة الحركة.
وقدمت قطر على مر السنين دعماً إنسانياً واقتصادياً كبيراً لقطاع غزة، ما عزز من مكانتها كجهة فاعلة تسعى لتحسين الظروف المعيشية للفلسطينيين.
وساهمت قطر بشكل كبير في مشاريع إعادة إعمار غزة بعد جولات التصعيد السابقة، مما أكسبها ثقة الأطراف المختلفة.
كما تتمتع قطر بعلاقات قوية مع الولايات المتحدة، مما يمكنها من لعب دور الوسيط بين “حماس” والاحتلال الإسرائيلي، خاصة وأن الولايات المتحدة تعتبر حليفاً قوياً للاحتلال.
وتحظى قطر بمصداقية دولية واسعة، ما يجعلها وسيطاً مقبولاً من جميع الأطراف، حسب مراقبين ومهتمين بتطورات القضية الفلسطينية.
الكاتب والمحلل السياسي أحمد العربي، قال لـ”وكالة أنباء تركيا”، إن “الدور القطري موجود منذ عقود كوسيط رضيت به أمريكا للتواصل بين الأطراف المتصارعة في الشرق الأوسط، فقد كانت الوسيط الفاعل مع أفغانستان ومع حركة (طالبان) في مرحلة ماضية، وكانت قناة الجزيرة منبرا يطل عبره كل المعتبرين ضد أمريكا ومصالحها مثل أسامة بن لادن ومع ذلك كانت تعمل كوسيط، ولذلك كانت قطر الطرف المقبول من الأطراف كلها في أي صراع تستطيع أن تمرر التوافقات التي تحصل بين القوى الدولية والإقليمية”.
وأضاف العربي “في قضية (طوفان الأقصى) والعدوان الإسرائيلي على غزة، أخذت قطر دور الطرف المقبول من المقاومين الفلسطينيين (حماس) ومن معها وكذلك من أمريكا، ورغم تشنج الاحتلال الإسرائيلي من الدور القطري وخاصة قناة الجزيرة وقيامها بفضح أفعال الإبادة الجماعية لدولة الاحتلال، لكن عمليا لا بديل عن قطر وإن ظهرت بالصورة مصر والسلطة الفلسطينية، لكن الموثوقية عند (حماس) تعود للقطريين، وهم الأكفأ أن يقوموا بالدور”.
وأشار إلى أن “المشكلة في موقف نتنياهو الذي يكاد يتمرد على الأمريكان ويندد بقطر ودورها، لكن إن كان هناك حل ما لوقف إطلاق النار في قطاع غزة وإطلاق ما تبقى من المحتجزين الإسرائيليين فإن ذلك سيعود للدور القطري الحاسم الموثوق من (حماس) وقيادتها”.
وتعمل قطر على تسهيل المفاوضات غير المباشرة بين “حماس” والاحتلال الإسرائيلي، من خلال نقل الرسائل والاقتراحات بين الطرفين.
كما تسعى إلى تخفيف التوتر ومنع التصعيد من خلال التواصل المستمر مع جميع الأطراف.
وتحث قطر جميع الأطراف على ضبط النفس والالتزام بالتهدئة، إضافة إلى دعم المبادرات الدولية من أجل وقف العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة والشعب الفلسطيني بشكل دائم.
وتظل قطر عنصرًا لا غنى عنه، حسب مراقبين، في جهود الوساطة وتحقيق الهدنة في قطاع غزة، نظرًا لدورها البارز على الساحة الدولية وتاريخها في التعامل مع النزاعات الإقليمية. في حين يشير مراقبون إلى إن استمرار جهود الوساطة القطرية يمكن أن يسهم بشكل كبير في تخفيف الصراع وتحقيق الاستقرار في المنطقة.
وأكد محللون وخبراء على أهمية وحيوية الدور القطري في مفاوضات وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى بين “حماس” والاحتلال الإسرائيلي، بعد إعلان الدوحة عزمها إجراء تقييم شامل لوساطتها بعد الإساءة إلى دورها.
وأعلن رئيس الوزراء، وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن، الأربعاء، أن “قطر في صدد تقييم دور الوساطة للوصول إلى وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى”، مشيراً إلى أن “الدور القطري أسيء استخدامه من قبل بعض الساسة لمصالح ضيقة”.
وفي كانون الثاني/يناير الماضي، نقلت وسائل إعلام عبرية عن رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قوله، في تسجيل مسرب لاجتماع مع عائلات المحتجزين الإسرائيليين في غزة، إن “دور قطر كوسيط بين إسرائيل وحركة (حماس) يُمثل إشكالية”.
من جهته، قال المحلل السياسي محمود علوش لـ”وكالة أنباء تركيا”، إن “قطر تواجه ضغوطاً متعددة من الجانب الإسرائيلي وأيضاً من بعض الدوائر الأمريكية بسبب علاقتها بحركة (حماس)، وهذه الضغوط دفعتها إلى التلويح باحتمال وقف لعب دور الوسيط بين إسرائيل وحركة (حماس).. لكن أعتقد أن هذا التلويح مصمم لمواجهة هذه الضغوط بقدر أكبر من التخلي عن هذا الدور”.
وتابع علوش أن “دور قطر لا يزال مهماً بالنسبة لإسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية من أجل التوصل إلى التسوية لإنهاء هذه الحرب.. كما أن قطر معنية بمواصلة لعب دور لما حققته مكاسب كبيرة في السياسة الخارجية”.
وزاد علوش قائلا “لكن عموما يمكن أن نقول إن علاقات قطر مع حركة (حماس) بعد السابع من تشرين الأول/أكتوبر الماضي لا يمكن أن تكون كما كانت عليه قبل الحرب.. هذه الحرب فرضت تحولات كبيرة لم تعد قطر باستطاعتها مواصلة هذه العلاقة وكأن شيئا لم يحصل، وبالتالي أنا تقديري أنه حتى مع انتهاء هذه الحرب ستواجه قطر المزيد من التدقيق بشأن علاقتها بحركة (حماس)، وأعتقد أن الشكوك المحيطة بمستقبل الدور القطري في مجال الوساطة تخلق فرصة أمام لاعبين أو فاعلين آخرين في لعب دور في مجال الوساطة لاسيما تركيا”، لافتاً إلى أن “زيارة رئيس المكتب السياسي لحركة (حماس) إسماعيل هنية إلى تركيا، تعكس رغبة تركيا في لعب هذا الدور وفي تعزيز حضورها في القضية الفلسطينية”، حسب تعبيره.
ويرى مراقبون أنه بفضل علاقاتها المتوازنة مع “حماس” والولايات المتحدة الأمريكية والأطراف الدولية، تلعب قطر دوراً لا غنى عنه في جهود الوساطة لإحلال هدنة في قطاع غزة، مؤكدين أن قطر تسعى من خلال جهودها إلى تخفيف معاناة الفلسطينيين وتحقيق الاستقرار في المنطقة.
اقرأ أيضا.. مصدر دبلوماسي ينفي ما نشرته “وول ستريت جورنال” عن “طلب قطر من قادة حماس مغادرة أراضيها”