لاقت مصادقة البرلمان العراقي على قانون يجرم الشذوذ الجنسي ومن يروج له بعقوبة السجن حتى 15 عاماً، ردود فعل مرحبة بين كثيرين كونها خطوة تحمل أهمية كبيرة في سياق حماية المجتمع العراقي وقيمه الدينية والاجتماعية.
واستند العراق إلى قانون العقوبات للعام 1969 لتجريم ما يسمى “مجتمع الميم”، معتمدا على مادة تنص على “السجن المؤبد أو لعدة سنوات” بتهمة الشذوذ الجنسي.
كما يحظر القانون “نشاط أي منظمة تروج للبغاء والمثلية الجنسية في العراق”، ويعاقب عليه بالسجن سبع سنوات بتهمة “الترويج” للعلاقات المثلية.
وأجمع مراقبون أن “القانون الجديد يعتبر انعكاساً للهوية الثقافية والدينية للمجتمع العراقي، والتي ترفض ظاهرة الشذوذ الجنسي وتعتبرها مخالفة للأعراف والتقاليد والقيم الدينية السائدة”.
كما يهدف القانون إلى حماية الأسرة والمجتمع من التفكك والتأثيرات السلبية المحتملة لانتشار العلاقات المثلية والتحول الجنسي، التي قد تؤثر على النسيج الاجتماعي والقيم الأخلاقية.
ويعتبر القانون خطوة وقائية تهدف إلى الحد من انتشار الانحرافات السلوكية، وحماية الشباب من التأثيرات الخارجية التي قد تدفعهم نحو تبني هذه الممارسات.
كما يعتبر إقرار القانون تأكيداً للسيادة الوطنية العراقية ورفضاً للتدخلات الخارجية في الشؤون الداخلية، خاصة فيما يتعلق بالقيم الاجتماعية والثقافية، إضافة إلى أن القانون يساهم في تعزيز الاستقرار الاجتماعي والحد من التوترات والانقسامات التي قد تنشأ بسبب الاختلافات في الرؤى والقيم المتعلقة بالشذوذ الجنسي، وفق المراقبين.
وحول ذلك، قال الإعلامي العراقي أيمن خالد لـ”وكالة أنباء تركيا”، إن “التشريعات فيما يخص القوانين الداخلية للمجتمعات تنبع أساسا من قيم المجتمع نفسه ومن الأعراف السائدة في ذلك المجتمع والتي تواتر الناس على اتباعها على أساس الأعراف الحسنة والإيجابية. بالمقابل المحافظة على الانسجام بقدر الممكن مع القوانين والأعراف الدولية والابتعاد في التشريعات عن كل ما يناقض قاعدة أو معاهدة دولية تم الاتفاق أو التوقيع عليها دوليا لكي لا يكون هناك تعطيل لتطبيق القوانين الدولية”.
وأضاف أنه “فيما يخص قرار البرلمان العراقي تجريم العلاقات المثلية والتحول الجنسي، نرى أنه تشريع صائب نابع من قواعد وأصول الشريعة ومنسجم مع الأعراف المعتبرة بمرتبة القانون الذي يفرض سلطانه على المجتمعات السوية وفي الوقت نفسه لا يعارض القانون العام والآداب المحلية أو العالمية، خصوصا وأن المجتمعات بحاجة إلى حماية اجتماعية وقانونية للحد من السقوط في مهاوي الرذيلة”.
وتابع “يأتي انتقاد واشنطن للتشريع العراقي ضمن دائرة الإخفاقات الأمريكية في فهم والتعامل مع الثقافات الدولية والانحراف عن الشرائع لجميع الأديان السماوية، وحتى ما تفرضه قواعد حسن السلوك الأخلاقي للمجتمع الدولي”.
وكانت وزارة الخارجية الأميركية قالت في بيان، إن “قانونا أقره البرلمان العراقي لتجريم العلاقات المثلية (الشذوذ الجنسي) يهدد حقوق الإنسان والحريات الأساسية في البلاد”، حسب زعمها.
وهددت أن هذا القانون “سيضعف قدرة العراق على تنويع اقتصاده وجذب استثمارات أجنبية”.
وذكرت الوزارة في بيان أن “الولايات المتحدة تشعر بقلق عميق إزاء إقرار مجلس النواب العراقي تعديلا على التشريعات القائمة، والذي يُسمى رسميا بقانون مكافحة الدعارة والمثلية الجنسية (الشذوذ الجنسي)، والذي يهدد حقوق الإنسان والحريات الأساسية التي يحميها الدستور”.
وسارع مراقبون للرد على منتقدي الخطوة العراقية، مؤكدين أنه “ينبغي التركيز على برامج التوعية والتثقيف التي تسلط الضوء على القيم الدينية والاجتماعية للمجتمع العراقي، وتوضح مخاطر الانحرافات السلوكية”.
ودعا المراقبون إلى ضرورة تعزيز دور المؤسسات الدينية والاجتماعية في نشر الوعي، إلى جانب تعزيز دور الأسرة في تربية الأبناء على القيم والأخلاق الحميدة، وتوفير بيئة أسرية صحية ومستقرة.
من جهته، رد السفير العراقي في بريطانيا محمد جعفر الصدر، على انتقادات وزير الخارجية البريطاني ديفيد كاميرون للقانون العراقي، قائلاً “معالي الوزير الأجدر بكم أن تقلقوا على الإبادة الجماعية وانتهاك الإنسانية الذي يحصل في غزة، والخطر الحقيقي في نشر ما يخالف الطبيعة الإنسانية وكل الشرائع والأديان”، مضيفا “رجاءا احتفظوا بنصائحكم فنحن شعب لنا الآلاف السنين من الحضارة والإنسانية”.
معالي الوزير الاجدر بكم ان تقلقوا على الابادة الجماعية وانتهاك الانسانية الذي يحصل في غزة، والخطر الحقيقي في نشر ما يخالف الطبيعية الانسانية وكل الشرائع والاديان. رجاءا احتفظوا بنصائحكم فنحن شعب لنا الالاف السنين من الحضارة والانسانية.
— محمد جعفر الصدر (@jaafaralsadr) April 28, 2024
وأشاد أكاديميون آخرون بهذا القرار قائلين “لا حرية للدعارة والسقوط الأخلاقي، ولا حرية لمروجي الدعارة والمدافعين عن المثلية”، مضيفين أن “العراق بلد إسلامي وشعبه محافظ، فمن يعجبه أن يسكن فيه ويتنعم بخيراته عليه أن يحترم قوانينه وإلا فالباب يسع جمل”.
لا حرية للدعارة والسقوط الاخلاقي، ولا حرية لمروجي الدعارة والمدافعين عن المثلية.
العراق بلد اسلامي وشعبه محافظ فمن يعجبه ان يسكن فيه ويتنعم بخيراته عليه ان يحترم قوانينه والا فالباب يسع جمل.— zaki jawad (@zaki00925605) April 29, 2024
وقال الإعلامي العراقي في منشور له “نحن في جمهورية العراق نشعر بالقلق من الترويج القوي للشذوذ الجنسي وإفساد المجتمعات الإنسانية من خلال دعم الشذوذ والمثلية في العراق والشرق الأوسط، وبدورنا كشعوب مسلمة لا نريد ولا نقبل أي موقف تجاه هدم وتخريب الأسرة والمجتمع الإنساني المعروف على مر العصور وهو وجود أسرة متكاملة من ذكر وأنثى”.
نحن في جمهورية العراق نشعر بالقلق من الترويج القوي لشذوذ الجنسي 🏳️🌈 وافساد المجتمعات الانسانية من خلال دعم الشذوذ و المثلية في العراق والشرق الاوسط وبدورنا كشعوب مسلمة لا نريد ولانقبل من جنابكم اي موقف اتجاه هدم وتخريب الأسرة والمجتمع الإنساني المعروف على مر العصور وهو وجود اسرة…
— منتظر الموسوي 🇮🇶 (@Monttder_313) April 28, 2024
وقال الكاتب السياسي حسين المياحي في تغريدة “الشعب العراقي بجميع طوائفه مؤيد للقرار وهو قانون تجريم البغاء الذي أقره مجلس البرلمان العراقي بوفق الدستور وهذا شأن العراق”.
وأضاف “ما علاقة الاقتصاد والشراكة بين أمريكا والعراق بقضايا المثلية والدعارة والانحلال الأخلاقي؟ يجب طرد السفراء الذين يريدون تدمير مجتمعنا الإسلامي المحمدي الأصيل”.
الشعب العراقي بجميع طوائفة مؤيد القرار وهو قانون تجريم البغاء الذي أقره مجلس البرلمان العراقي بوفق الدستور وهذا شأن العراق ما علاقة الاقتصاد والشراكة بين أمريكا والعراق بقضايا المثلية والدعارة والانحلال الأخلاقي؟؟
يجب طرد السفراء الذين يريدون تدمير مجتمعنا الإسلامي المحمدي الأصيل pic.twitter.com/IrwP0OvejF— حسين المياحي (@hassan_almayah) April 28, 2024
من جانبه، رد الباحث في الشؤون الدينية يوسف الحاضري، على رفض واشنطن لقانون تجريم الشذوذ الجنسي في العراق قائلاً في منشور “أمريكا الشاذة المثلية تنتقد وتهدد العراق لإصداره قانونا يجرم الشذوذ والمثلية واصفة ذلك بأنه سوف يقوض حقوق الإنسان ويمنع تدفق الاستثمارات إليها”.
وأضاف “أولا الشاذون المثليون ليسوا بشرا ولا حتى حيوانات بل هم أدنى من الحيوانات، وثانيا مصادر تشاريعنا هي من الله وليست من البيت الأبيض”.
وتابع “القانون يشمل حتى البعثات الدبلوماسية، ما يعني أنه يتوجب عليكم تغيير سفيركم وموظفين السفارة في بغداد بموظفين آخرين، فالواضح أن معظم من في سفاراتكم شاذين مثليين”.
وختم قائلا “أنتم أقذر وأحقر من يتكلم عن حقوق الإنسان، فغزة فضحتكم وجامعاتكم نسفتكم.. كونوا بشرا ثم تكلموا عن حقوقهم”.
١#أمريكا الشاذة المثلية تنتقد وتهدد #العراق لإصداره قانونا يجرم الشذوذ والمثلية واصفة ذلك بأنه سوف يقوض حقوق الإنسان ويمنع تدفق الاستثمارات إليها !!
أولا الشاذون المثليون ليسوا بشرا ولا حتى حيوانات بل هم أدنى من الحيوانات.
ثانيا مصادر تشاريعنا هي من الله وليست من #البيت_الأبيض.— د. يوسف الحاضري (@AlhadryD) April 28, 2024
وفي السياق، تحدث رئيس اتحاد علماء ودعاة ومفكري العراق الشيخ الدكتور أسامة عبد الله الساطوري لـ”وكالة أنباء تركيا”.
وقال الساطوري “بسم الله الرحمن الرحيم: الحمد لله الذي فطر الناس على الحق، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الناطق بالصدق، أما بعد: فقد اطلعنا على قرار البرلمان العراقي الذي ينص على تجريم العلاقات المثلية والتحول الجنسي بعقوبة السجن حتى 15 عاما، وإننا إذ نشيد بهذا القرار نود أن نبين ما يأتي: إن العقوبة في شريعتنا الإسلامية لمثل هذا الفعل الشنيع جاءت على أقول وآراء مختلفة، منها: أن الحد في ذلك القتل للفاعل والمفعول، وقال بعض أهل العلم أن الأمر كالزنى وحده كذلك، وقال غيرهم إن الأمر بيد الحاكم يعزرهم تعزيرا مغلظا، ونحن بدورنا نميل إلى الرأي هذا لما يرى الحاكم فيه من المصلحة العامة ودفع المفاسد، ومن هنا جاء هذا القانون لمنع وردع فاعليه، وكون هذا القانون قد دخل حيز التنفيذ، فإن الردع فيه مقبول من حيث تشديد العقوبة بالسجن وما فيه من رجاء توبة فاعله بهذه العقوبة، فضلا عن إدراك من يحاول فعل ذلك الفعل بأن العقوبة ليست أمرا سهلا فيرتدع ويترك، إذ أن علاج تلك الآفة على المدى القريب سيكون له آثارا إيجابيا على المجتمع لحمايته من هذه الآفة الدخيلة على مجتمعاتنا الإسلامية المحافظة، وقد رأينا بعض حالات معالجة الحد من المحتوى الهابط على مواقع التواص مثلا حين تم سجن ومعاقبة بعضهم كان له رادع كبير للآخرين”.
وأضاف الساطوري “نطالب الجهات الرقابية والتنفيذية لتفعيل هذا القانون على وجه السرعة واتخاذ الخطوات اللازمة لذلك ومعاقبة سريعة لمن ثبت عليه ذلك الفعل، فبهذا يكون الأمر قد أخذ واقعا فعليا وستظهر نتائج ذلك سريعة لحماية المجتمع”.
وأكد على ضرورة “تفعيل دور المؤسسات الشرعية والعلمية والأكاديمية والمساجد ودعمها من قبل الحكومة لإقامة المؤتمرات والندوات والمحاضرات لتوعية المجتمع من خطر هذا المخطط القبيح، الذي يقننه الغرب ويدعمه لتفكيك المجتمعات وتسهيل وتمييع من يفعل ذلك باسم الحرية الشخصية، متناسين نبذ الفطرة السليمة لمثل هذه الأفعال حتى من غير المسلمين”.
وختم الساطوري قائلاً “نسأل الله تعالى أن يحصن أبنائنا وبناتنا ومجتمعاتنا، وأن يوفقهم لفعل الخير والتمسك بالدين القويم، اللهم آمين، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين”.
وأواخر العام 2022، هاجم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الجهات والأطراف التي تحاول فرض ثقافة الشذوذ الجنسي على المجتمعات، واصفاً هذه المحاولات أنها “ديكتاتورية عالمية تهدد الأسرة والقيم الإسلامية”.
وفي وقت سابق من أيلول/سبتمبر 2022، استنكر الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، دعم الأمم المتحدة للشذوذ الجنسي، ولفت حسب ما نشر في موقعه الرسمي، إلى أن “الحقوق التي تضمنها الأمم المتحدة للشذوذ هي: الحق في الحياة والحرية والأمن، والحق في الخصوصية، والحق في الحصول على كافة الحقوق التي يحصل عليها الأسوياء، وحماية الحق في حرية التعبير وتكوين المجتمعات والتجمع للشواذ جنسياً، إضافة إلى حق اللجوء السياسي للشواذ، وإلغاء القوانين التي تعاقب الشواذ وعلى رأسها عقوبة الإعدام”.