تقاريرهام

دعوى الإبادة ضد الاحتلال الإسرائيلي تكتسب زخما قويا بانضمام تركيا لها.. ماذا يعني ذلك؟ (تقرير)

أعلنت تركيا، اليوم الأربعاء، انضمامها لدعوى الإبادة الجماعية التي رفعتها دولة جنوب إفريقيا ضد الاحتلال الإسرائيلي أمام محكمة العدل الدولية، ما أثار العديد من التساؤلات حول دلالات هذه الخطوة وتداعياتها بالتزامن مع استمرار عدوان الاحتلال الإسرائيلي على غزة منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023.

الإعلام التركي جاء على لسان وزير الخارجية التركي هاكان فيدان خلال مؤتمر صحفي مع نظيرته الإندونيسية ريتنو مرسودي في العاصمة التركية أنقرة.

ورأى محللون أن “قرار تركيا يعكس انحيازاً واضحاً للقضية الفلسطينية وإدانة لممارسات الاحتلال الإسرائيلي ضد الفلسطينيين، إضافة إلى أنه يُعتبر دعماً معنوياً وسياسياً هاماً في مسار السعي لتحقيق العدالة الدولية”.

ولفتوا إلى أن ذلك “يعني انضمام تركيا إلى أصوات دولية أخرى تندد بممارسات الاحتلال الإسرائيلي وتطالب بمحاسبتها، ما يزيد الضغط الدولي عليها ويضعها في موقف حرج على الساحة الدولية”.

وأكدوا أن “تركيا تسعى من خلال هذه الخطوة إلى تعزيز مكانتها كدولة إقليمية مؤثرة ومدافعة عن قضايا العالم الإسلامي”.

وفي هذا الصدد، قال المحلل السياسي الفلسطيني محمد القيق لـ”وكالة أنباء تركيا”، إن “انضمام تركيا إلى جنوب إفريقيا يعني أن هناك تطور في الموقف التركي واسع وخطير، والاستعدادات لأسطول الحرية أيضا في هذا الإطار، يعني أننا أمام تحالف وإن كان في بدايته إعلاميا وسياسيا فإنه سيلتحق بذلك قانونيا ومن ثم قد نصل إلى أمني وعسكري في المرحلة المقبلة”.

وقال إن “ما تفعله تركيا مؤشر على أن المرحلة المقبلة ستشهد مزيد من التحالفات على حساب ما كانت إسرائيل وأمريكا تسعى لبنائه في المنطقة”.

ورأى محللون آخرون أنه “يمكن تفسير توقيت القرار التركي بعدة عوامل، أهمها أنه يأتي في ظل عدوان إسرائيلي ملحوظ على الأراضي الفلسطينية، خاصة في الضفة الغربية والقدس، ما دفع تركيا إلى اتخاذ موقف أكثر حزماً”.

من جهته، قال المحلل السياسي محمد علوش لـ”وكالة أنباء تركيا”، إن “هذه الخطوة هي جزء من الخطوات التصعيدية التي تتخذها تركيا ضد إسرائيل في الآونة الأخيرة وبالتحديد بعد فرض القيود على النشاط التجاري على تل أبيب.. وأنا أعتقد أن هذه الخطوة تعكس بدرجة أساسية أن أنقرة ماضية قدما بالتصعيد في حال استمرت هذه الحرب على المسار الحالي، وأيضا تشير إلى أن أنقرة مستعدة للذهاب بعيدا في تصعيد هذا الموقف”.

وأضاف علوش أن “الرئيس أردوغان أعلن في 26 نيسان/أبريل الماضي، أن تركيا على وشك قطع علاقاتها مع إسرائيل وفي مقدمتها العلاقات التجارية، وأعتقد أن أردوغان بدا وكأنه يلوح إلى أن أنقرة مستعدة حتى للتفكير في إمكانية قطع العلاقات الديبلوماسية مع إسرائيل أو خفض العلاقات الديبلوماسية كرد على استمرار الحرب”.

وتابع “تقديري، أننا أمام مجرد بداية في التحرك التركي الجديد والذي يهدف بشكل أساسي للضغط على اسرائيل من أجل إنهاء الحرب وإنهاء الكارثة الإنسانية الفظيعة في قطاع غزة، فضلا عن أنه يشير إلى تركيا ترغب فيها أن يكون لها دور أكبر فيما يتعلق بالمجال الوساطة بين إسرائيل وحركة (حماس)، وأيضاً تسعى للدفع باتجاه أن يبقى الاهتمام الإقليمي والدولي منصباً على كيفية إنهاء الحرب على قطاع غزة، لأنه بعد التصعيد الإسرائيلي الإيراني الأخير بدا أن العالم أصبح يهتم بقدر أكبر بالتأثيرات الخارجية أو الجانبية للحرب على غزة بدلا من الحرب نفسها”.

وأعرب مراقبون عن توقعاتهم أنه من الصعب التنبؤ بتداعيات القرار التركي على المدى البعيد، ولكن يمكن توقع بعض السيناريوهات ومنها:

  • من المرجح أن يؤدي القرار إلى زيادة التوتر في العلاقات التركية – الإسرائيلية، والتي تشهد توتراً منذ سنوات.
  • قد يشجع القرار التركي دولاً أخرى على الانضمام إلى الدعوى أو اتخاذ مواقف مشابهة، ما يزيد الضغط الدولي على الاحتلال الإسرائيلي.

وأجمعوا على أن “قرار تركيا بالانضمام لدعوى الإبادة ضد الاحتلال الإسرائيلي يعتبر خطوة هامة تحمل دلالات سياسية وقانونية كبيرة، وتفتح الباب أمام سيناريوهات مختلفة قد تؤثر على مستقبل الصراع”.

من جهته، قال الحقوقي عبد الناصر حوشان لـ”وكالة أنباء تركيا”، إنه “استنادا لنص المادة 63 من النظام الأساسي، يجوز لكل دولة طرف في  اتفاقية دولية التدخل إلى جانب أي طرف من أطراف الدعوى، وبالتالي يمكنها تقديم دفوعها وأدلتها المؤيدة لدعوى الطرف المتدخل إلى جانبه، وبالتالي فإن تدخل تركيا إلى جانب جنوب أفريقيا في دعواها ضد إسرائيل يعزّز موقف جنوب أفريقيا لما تملكه تركيا من أدلة تدين الكيان الإسرائيلي”.

وأضاف “تأتي أهمية هذه الخطوة كونها موقف متقدّم ضد حكومة نتنياهو الاجرامية ويمكن اعتبارها قطع كل خطوط الاتصال مع هذه الحكومة، والسبب في ذلك تعنت هذه الحكومة وعدم استجابتها للجهود الدبلوماسية التي قامت بها تركيا مع المجتمع الدولي وإصرارها على اجتياح منطقة رفح، الأمر الذي ينذر بارتكاب جريمة إبادة جماعية غير مسبوقة في تاريخ البشرية، حيث سيتم استهداف أكثر من مليون و200 ألف فلسطيني”.

ورأى حوشان أن “الامور تتجه نحو التصعيد بسبب قناعة نتنياهو وحكومته المتطرفة بخسارة مستقبله السياسي، حيث ستتم ملاحقته أمام المحكمة الجنائية الدولية ويمكن محاكمته في إسرائيل أيضا والقضاء الأوروبي بجريمة الإبادة وجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية”.

الجدير ذكره، أن محكمة العدل الدولية عقدت في لاهاي في 11 و12 كانون الثاني/يناير 2024، جلستي استماع علنيتين، في إطار بدء النظر بالدعوى التي رفعتها جنوب إفريقيا ضد إسرائيل بتهمة ارتكاب “جرائم إبادة جماعية” بحق الفلسطينيين في قطاع غزة.

وأمرت محكمة العدل الدولية الاحتلال الإسرائيلي باتخاذ إجراءات لمنع الإبادة الجماعية في غزة والتحريض المباشر عليها، حيث رفضت في حكمها الطلب الإسرائيلي برفض الدعوى التي أقامتها جنوب أفريقيا.

وصوتت أغلبية كبيرة من أعضاء لجنة المحكمة المؤلفة من 17 قاضيا لصالح اتخاذ إجراءات عاجلة تلبي معظم ما طلبته جنوب أفريقيا باستثناء توجيه الأمر بوقف الحرب على غزة.

وقالت المحكمة في النص الذي تلاه القضاة إن على الاحتلال الإسرائيلي “أن تتخذ كل الإجراءات التي في وسعها لمنع ارتكاب جميع الأفعال ضمن نطاق المادة الثانية من اتفاقية الإبادة الجماعية”.

وذكرت المحكمة أنها “تقر بحق الفلسطينيين في غزة في الحماية من أعمال الإبادة الجماعية”، مؤكدة أن الشروط متوفرة لفرض تدابير مؤقتة على الاحتلال الإسرائيلي.

وأضافت المحكمة أن على الاحتلال الإسرائيلي “الالتزام بتجنب كل ما يتعلق بالقتل والاعتداء والتدمير بحق سكان غزة وأن تضمن توفير الاحتياجات الإنسانية الملحة في القطاع بشكل فوري”.

ومنذ 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023، يواصل الاحتلال الإسرائيلي شن عدوان مكثفة على المدنيين في قطاع غزة، مخلفا آلاف الشهداء والجرحى، إلى جانب تعمده قطع إمدادات المياه والكهرباء والغذاء والأدوية.

وردا على اعتداءات إسرائيلية يومية بحق الشعب الفلسطيني والمسجد الأقصى المبارك في القدس المحتلة، أطلقت حركة “حماس” وفصائل فلسطينية أخرى في غزة عملية “طوفان الأقصى” في 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023، حيث اقتحمت في بدايتها مستوطنات ومواقع عسكرية إسرائيلية في غلاف قطاع غزة محققة نتائج ملموسة.

زر الذهاب إلى الأعلى