
“بطل الدبلوماسية الإنسانية”، جائزة حصلت عليها، قبل يومين، وزيرة الدولة للتعاون الدولي في وزارة الخارجية القطري لولوة بنت راشد الخاطر، في مدينة براغا البرتغالية، نظير الجهود الإنسانية التي تبذلها دولة قطر لتحقيق السلام.
والأربعاء 16 أيار/مايو 2024، تصدرت أخبار حصول المسؤولة القطرية على جائزة ““بطل الدبلوماسية الإنسانية” لعام 2024، واجهة المشهد الإنساني، نظراً لارتباط جهود الخاطر بملفات إنسانية عدة، بدءًا من غزة وليس انتهاءً في السودان.
وكان اللافت للانتباه، أن هذه الجائزة تمنح سنوياً للأفراد والمنظمات التي تبذل مساع استثنائية في سبيل تعزيز جهود التنمية السياسية والاجتماعية والاقتصادية والإنسانية وغيرها من المجالات الرامية لتعزيز السلام والازدهار العالمي، لتكون هذا العام من نصيب الخاطر.
وبرز اسم الخاطر كسيدة قطرية عربية مسلمة لاعبة لأدوار إنسانية إيجابية في العديد من الملفات الساخنة حول العالم، وخاصة مؤخرا في قطاع غزة الذي يتعرض لعدوان من الاحتلال الإسرائيلي منذ أشهر، وكذلك في السودان الذي يعاني من أوضاع مأساوية نتيجة الاشتباكات الداخلية فيه.
وبات الكثيرون يعتبرون لولوة الخاطر نموذجا ملهما للمرأة المسلمة، تجسد من خلال عملها الدؤوب صورة حضارية متميزة تظهر مدى قدرة المرأة عامة والمسلمة خاصة، على التأثير في عالم اليوم. كما يطلق الكثيرون على الخاطر لقب “الجسر الإنساني بين دولة قطر والعالم”.
وتتسم مسيرة الخاطر بالنشاط الدبلوماسي الإنساني، بدءا من غزة، حيث ترأست في 14 تشرين الثاني/نوفمبر 2023، وفد دولة قطر لإيصال حزمة مساعدات للشعب الفلسطيني، لتكون بذلك أول مسؤول في العالم يدخل غزة منذ العدوان الإسرائيلي على غزة في 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023.
وقد ضم الوفد ممثلين من اللجنة القطرية لإعادة إعمار غزة، وصندوق قطر للتنمية، والهلال الأحمر القطري، وقطر الخيرية، حسب بيان صادر عن وزارة الخارجية القطرية.
ولاقت رسالة بعثت بها الخاطر للمدنيين في غزة تفاعلا واسعا على منصات التواصل الاجتماعي من مختلف الجنسيات العربية، حيث جاء فيها يومها: من داخل قطاع غزة من أرض الرباط جئتكم محملة برسالة إخاء ومحبة ورسالة تضامن وتعاضد من دولة قطر قيادة وشعبًا، وأقول لكم أننا وكل أحرار العالم معكم، والحق والإنسانية معكم، والله جل في علاه معكم، فلا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون بإذن الله.
وأضافت الخاطر في رسالتها “يا أهل غزة لقد أحييتم الموات، وأيقظتم إنسانية العالم بعد سبات. قبلكم كانت كل الكلمات جوفاء، وكل الحكايا مكررة، وكل معاركنا اليومية تافهة، وكل الخطابات والبيانات لا معنى لها، كانت الأيام كلها تتشابه طواحين من الماديات والاستهلاكية والتجارة بكرامة الإنسان وشرفه بل وحياته”.
وأكملت “هي طواحين ظلت تطحن ضمائرنا وتسحق أرواحنا، ثم جاءت غزة لتعيد ترتيب أولويات هذا العالم”.
وفي هذا الجانب، أكدت كثيرات من الكاتبات والأكاديميات، أن مساهمات لولوة الخاطر لم تقتصر على مجرد الكلام بل تجاوزت ذلك بكثير. فقد أثبتت عند وصولها إلى قطاع غزة كيف يمكن أن يُترجم الشعور بالمسؤولية إلى أفعال ملموسة تساهم في نصرة فلسطين وقضيتها، حسب تعبيرهم.
ولا تقتصر الجهود الإنسانية للمسؤولة القطرية لولوة الخاطر على متابعة ما يجري في غزة إنسانياً وعلى مختلف الأصعدة، بل يمتد نشاطها إلى السودان، حيث لعبت دورا رئيسيا في تقديم المساعدات الإنسانية للمنكوبين هناك.
وفي آذار/مارس 2024، أعلنت الخاطر عن جسر جوي إنساني من دولة قطر إلى السودان طوال شهر رمضان، مجددة التأكيد على موقف بلادها تجاه السودان وشعبه من دعم لوحدته وأمنه واستقراره.
وأكدت الخاطر في تصريح يومها أن زيارتها للسودان “تأتي لتذكير العالم الذي يبدو وكأنه تناسى ما يمر به هذا البلد العريق والكبير وشعبه العزيز الكريم من مأساة إنسانية طاحنة”.
ومن غزة إلى السودان وصولا إلى أوكرانيا، حيث أظهرت قوة تأثير دولة قطر في سعيها لتحقيق السلام وحل الأزمات، حيث كانت الخاطر حاضرة في إطار جهود الوساطة القطرية لجمع شمل العائلات المتأثرة بالحرب بين الجانبين (أوكرانيا وروسيا).
وشاركت الخاطر كذلك عام 2021، في عمليات إجلاء الأفغان بعد أن دخلت حركة “طالبان” إلى أفغانستان، وقالت حينها في منشور شهير لها: باعتباري شخصًا شارك بشكل كبير في عملية الإخلاء الأفغانية في عام 2021 بعد سيطرة طالبان على أفغانستان، يجب أن أقول هذا. لعدة أشهر، كنت أنا وزملائي نتلقى عشرات المكالمات كل يوم من المسؤولين والبرلمانيين وأعضاء الكونجرس والرياضيين والفنانين والنقابات العمالية، من كل قارة، يطلبون منا إنقاذ الأرواح! أقسم أنني شخصياً أمضيت أياماً في إقناع مجموعة في الولايات المتحدة بأنه ليس علينا إجلاء الكلاب لأن طالبان لا تأكل الكلاب”.
كما تعتبر مبادرات الخاطر في مجال التعاون الدولي من أهم معالم نجاحها في مساعدة الشعوب المتضررة من الحروب والكوارث الطبيعية.
ولم تتوقف المسؤولة القطرية عند حدود المساعدات الإنسانية، بل اتجهت إلى العمل على إيجاد حلول مستدامة للأزمات، لا سيما في مجال التعليم والصحة، تسهم في بناء مستقبل أفضل للأجيال المقبلة.
ويُنظر إلى الخاطر أيضاً، على أنها رمز للمرأة المسلمة القادرة على التأثير في العالم، حيث تؤكد الخاطر على نجاح المرأة في اقتحام مختلف مجالات العمل، ففي تصريح لها بمناسبة يوم المرأة العالمي عام 2018، نُشره مكتب الاتصال الحكومي، أشارت إلى أنّ “جمال شخصية المرأة القطرية يكمن في قدرتها على التوازن بين الانفتاح على الحداثة من جهة، والحفاظ على الأصالة من جهة أخرى”.
وتعد مسيرة الخاطر دليلا على أهمية المشاركة النسائية في مجال التعاون الدولي والعمل الإنساني، كونها تلهم العديد من النساء في العالم العربي للسعي إلى مساعدة الآخرين والمساهمة في بناء مستقبل أفضل للجميع، وفق مراقبين.
يشار إلى أن الخاطر الحاصلة على درجة الماجستير في العلوم في الحوسبة ودرجة الماجستير في الآداب في السياسة العامة، شغلت العديد من المناصب الدبلوماسية، من أهمها: مساعد لوزير الخارجية القطري، بالإضافة إلى مهام عملها كمتحدث رسمي لاسم وزارة الخارجية القطرية.
كما سبق لها العمل مديراً للتخطيط والجودة في الهيئة العامة للسياحة ومديراً للمشاريع البحثية في مؤسسة قطر للتربية والعلوم وتنمية المجتمع، كما تم تعيينها عضو في مجلس إدارة المدينة الإعلامية، والمدير التنفيذي لمنتدى الدوحة، ونائباً لرئيس مجلس إدارة صندوق قطر للتنمية.
وإلى جانب مهامها الرسمية، تشارك الخاطر كعضو مجلس أمناء كلية الدراسات الإسلامية في جامعة حمد بن خليفة، وعضو مجلس أمناء جامعة جورجتاون، وعضو مجلس أمناء متاحف قطر.
كما شاركت بصفة محاضرة في معهد الدوحة للدراسات العليا، وهي باحثة مشاركة في منتدى دراسات الخليج والجزيرة العربية بجامعة أكسفورد وعضوة في مجلس أمناء مؤسسة الدراسات الفلسطينية.