تقاريرهام

هدفها الأكبر خدمة الاحتلال الإسرائيلي.. “الديانة الإبراهيمية” خطر استراتيجي تجاه الإسلام (تقرير)

“الديانة الإبراهيمية” تعتبر فكرة من أخطر الاستراتيجيات التي تهدف إلى تحريف الإسلام والتطبيع مع الكيان الصهيوني.

هذا ما قاله الداعية الكويتي والمفكر الإسلامي الدكتور محمد العوضي، في لقاء معه ضمن برنامج “بودكاست” على منصة “نبراس”.

وشدد العوضي في اللقاء أن “هذا المشروع يسعى لاقتلاع الإسلام من قلوب المسلمين وتشويهه في أذهانهم، وهو يرتبط ارتباطاً وثيقاً بعملية التطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي والتمكين له”.

ولفت إلى أن “هذا المشروع لا ينفك عن التطبيع والتصهين والتمكين للكيان الصهيوني”.

وتتجلى “الإبراهيمية” في شكلين: الأول سياسي يسعى لترويج سلام زائف، والثاني فكري يستهدف تغيير المفاهيم الدينية، حسب العوضي.

وشبّه العوضي “(الإبراهيمية) بسيناريوهات تاريخية مثل سايكس بيكو ووعد بلفور، حيث تتمثل في مصطلحات مثل (الدين الإبراهيمي) و(بيت العائلة الإبراهيمية) و(اتفاقيات أبراهام)، التي يروَّج لها بطريقة جذابة، ولكن النتيجة الحتمية هي تآكل عقيدة الإسلام”، مؤكداً أنه “يجب على العلماء والمجتمعات الإسلامية التصدي لهذه المخاطر وتوعية الأجيال الجديدة بخطورتها”.

وقال العوضي إن “(الإبراهيمية) نوعان: الأولى سياسية تسعى للسلام المغشوش ثم تقريبه من الناس وخيانة التطبيع، والثانية فكرية”، مضيفا أن “(الإبراهيمية) أقرب ما تكون إلى سيناريو سايكس بيكو عربي بل سيناريو وعد بلفور عربي، في حين أن صفقة القرن هي سيناريو وعد بلفور الأمريكي”.

العوضي أنذر في هذا السياق من أن “المتنازل والخاسر الوحيد في (الإبراهيمية) هي عقيدة الإسلام”، مضيفا في تحذيره “نحن نواجه حرباً خطيرة ويجب أن نحصن أبناءنا ضد هذه الملوثات كلها ويجب أن يكون للعلماء صوت عالي في الموضوع”.

وشدّد أنه “لا ينبغي فصل المشروع عن مرجعيته وعمن صدره وروج له، سواء كان منظمات أو حكومات أو أفراد أي لا يجب الفصل بين الشخص والنص”.

ووسط كل ذلك، يرى مراقبون كثيرون أن “الإبراهيمية” تشكل محاولة لتحريف الإسلام وإعادة تشكيل الهوية الدينية للمسلمين بطريقة تخدم الأجندات السياسية للصهاينة، وفق تعبيرهم.

وقال الشيخ محمد أسوم لـ”وكالة أنباء تركيا”، إن “الديانة الابراهيمية، أو الدين الإبراهيمي، أو بيت العائلة الإبراهيمي المكون من المسجد والكنيسة والكنيس، هي في ظاهرها دعوة للتلاقي والأخوة الإنسانية وفي حقيقتها هدم للتوحيد، وتشريع للكفر بالنبوة وآيات الله، وتمهيد للتطبيع مع الكيان الغاصب في فلسطين”.

وأضاف أسوم أن هذا الدين المزعوم “هو هدم للتوحيد، لأنها تساوي بينه وبين الشرك بالله، أو بينه وبين نسبة الولد إلى الله، أو بينه وبين نسبة القصور والنقص لله عز وجل. وتعتبر الجميع مسلمين ومسيحيين ويهود تابعين لنبي الله إبراهيم عليه السلام، وهذا كذب وزور وبهتان فإبراهيم عليه السلام لم يكن يهوديا ولا نصرانيا، بل كان حنيفا مسلما، وما كان من المشركين، قال تعالى (مَا كَانَ إِبْرَٰهِيمُ يَهُودِيًّا وَلَا نَصْرَانِيًّا وَلَٰكِن كَانَ حَنِيفًا مُّسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنَ ٱلْمُشْرِكِينَ)، وهذا كذب وزور وبهتان أيضا لأن أولى الناس بإبراهيم الذين اتبعوه، ورسول الله صلى الله عليه وسلم، والمسلمون. فأمة محمد صلى الله عليه وسلم لوحدها، هي التي تنتسب لإبراهيم عليه السلام، لأنها أمة قامت على التوحيد الخالص والتنزيه الكامل لله عز وجل، حيث قال تعالى (إِنَّ أَوْلَى ٱلنَّاسِ بِإِبْرَٰهِيمَ لَلَّذِينَ ٱتَّبَعُوهُ وَهَٰذَا ٱلنَّبِىُّ وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ۗ وَٱللَّهُ وَلِىُّ ٱلْمُؤْمِنِينَ)”.

ولفت إلى أن “(الإبراهيمية) هي تشريع للكفر بالنبوة وتكذيب آيات الله، فلا يستوي المؤمنون بكل الأنبياء والكتب، وهذا هو الإسلام، بالذين يؤمنون ببعض الأنبياء ويكفرون ببعض، ويصدقون كتابا ويكفرون بالكتب الأخرى، قال تعالى (قُلْ ءَامَنَّا بِٱللَّهِ وَمَآ أُنزِلَ عَلَيْنَا وَمَآ أُنزِلَ عَلَىٰٓ إِبْرَٰهِيمَ وَإِسْمَٰعِيلَ وَإِسْحَٰقَ وَيَعْقُوبَ وَٱلْأَسْبَاطِ وَمَآ أُوتِىَ مُوسَىٰ وَعِيسَىٰ وَٱلنَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍۢ مِّنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُۥ مُسْلِمُونَ)”.

وأشار إلى أن “(الإبراهيمية) هي تمهيد للتطبيع الكامل مع العدو الصهيوني، لأن إحلال رابطة الأخوة الإنسانية مكان رابطة الأخوة الإيمانية سيؤدي حتما إلى الاعتراف بكيان يهود الغاصب، وبحقهم المزعوم بأرض فلسطين ومسجدها الأقصى. وتلقائيا، سوف تتربع إسرائيل على عرش الإبراهيمية، فينشأ شرق أوسط جديد لخدمتها وحراستها وتحقيق مصالحها”.

وختم قائلا، إن “الإبراهيمية بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار”.

ويرى مراقبون أن “الإبراهيمية” ليست بريئة، بل تحمل في طياتها محاولات للتأثير على العقيدة الإسلامية وإدماج المسلمين في مسارات سياسية تخدم مصالح الاحتلال الإسرائيلي.

وتعقيباً على ذلك، قال المحلل في الشأن السياسي الإسلامي الدكتور عاطف نموس لـ”وكالة أنباء تركيا”، إنه “طالما سمعنا من الكثيرين أننا في المنطقة العربية والعالم ومنطقتنا تحديداً مهما اختلفت منابتنا وأصولنا ودياناتنا فنحن أبناء العمومة وجدنا جميعاً إبراهيم عليه السلام فآن الأوان لنا كعائلة كبيرة أن نتعايش بسلم وأمان”.

وتابع “من البحوث حول (النظام الدولي الجديد) التي كانت تشرف عليها جامعة هارفارد، أرسل في عام 2000 فريق من الباحثين إلى الشرق الأوسط لدراسة إمكانية أن تلعب الفكرة (الإبراهيمية) دوراً في رسم خارطة جديدة يحفها السلام، وخلص الفريق إلى أن النبي إبراهيم عليه السلام ليعتبر جدّ الديانات الثلاثة: اليهودية والمسيحية والإسلام، فطرحت الجامعة عام 2004 مشروع (مسار الحج الإبراهيمي)، وفي عام 2013 أطلقها مجموعة من الأكاديميين وثيقة (مسار إبراهيم)، وفي عام 2015 صدرت وثيقة مشابهة عن جامعة فلوريدا تشير إلى (الاتحاد الفيدرالي الإبراهيمي)، وصدر العديد من الجهود المدعومة من طرف الخارجية الأمريكية، لدعم (إدارة الحوار الاستراتيجي مع المجتمع المدني) في دول المنطقة، وقد أولت هيلاري كلينتون اهتماماً خاصاً لهذه الجهود، والتي تهدف إلى تعويم إسرائيل، وإعادة إنتاجها ضمن نسيج الشرق الأوسط الجديد، الملتف بعباءة إبراهيمية وقيادة إسرائيلية”.

وتابع نموس قائلا إن “الذي يظهر أن الهدف من (الإبراهيمية) ليس دينياً روحياً بقدر ما هو إضفاء طابع سياسي إسرائيلي جديد.. ولمزيد من تغطية الأهداف السياسية لتلك المبادرات فإنها كانت تتحدث عن قضايا البيئة والمياه والجفاف أو عن الحقوق والحريات أو الديمقراطية والمجتمع المدني، برابط يجمعها، وهو كونها موجهة لمنطقة الشرق الأوسط، أو بالتحديد المنطقة التي تجمع إسرائيل بالدول العربية ما بين النيل إلى الفرات، وهي (حدود إسرائيل التوراتية)”.

وزاد قائلا إنه “في عهد الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب تمت إعادة صياغة فكرة (الاتفاقات الإبراهيمية) والتي تبناها صهره اليهودي جاريد كوشنر، لتثمر علاقات دبلوماسية بين إسرائيل وعدد من الدول العربية، مسميات مختلفة تحت مظلة اتفاقات اقتصادية وثقافية وسياسية وأمنية، ضمن إطار (الشرق الأوسط الجديد)، وتضمن هذه الاتفاقات وبالتعاون مع أمريكا نفوذا إسرائيليا كاملا على ثلث الضفة الغربية، واعتبار القدس عاصمة موحدة، تحت النفوذ الإسرائيلي، وإقامة دولة فلسطينية منزوعة السلاح ضمن الخريطة الإبراهيمية الأكبر التي يُفترض أن تقودها إسرائيل”.

وقال أيضاً “في الواقع أن هدف (الإبراهيمية) هو إحلال السلام بين تلك الشعوب من جهة وإسرائيل من جهة أخرى، عبر سلاسل من الحروب الأهلية العربية التي توصل تلك الشعوب إلى الاقتناع أن إسرائيل أقرب إليها من بعضها، وأن السلام مع إسرائيل أقرب من السلام بين مكونات تلك الشعوب المتناحرة”.

وأضاف نموس “نستطيع أن نخلص إلى أن الحديث عن (الإبراهيمية) لم يكن سوى لإبعاد القضية عن مصيرها الذي تحدثت عنه الأديان وهي أن أرض فلسطين سيعود لها الإسلام حاكماً كما بشرت بذلك الديانات الثلاثة وصدرت كتب بذلك منها النبوءة والسياسة، وقبل ذلك حديث الرسول محمد صلى الله عليه وسلم (لا تقومُ الساعةُ حتى يقاتلَ المسلمون اليهودَ، فيقتلُهم المسلمون، حتى يختبيءَ اليهوديُّ من وراءِ الحجرِ والشجرِ، فيقولُ الحجرُ أو الشجرُ: يا مسلمُ يا عبدَ اللهِ هذا يهوديٌّ خلفي، فتعالَ فاقْتلْه. إلا الغَرْقَدَ، فإنه من شجرِ اليهودِ)”.

وختم قائلا إن “(الإبراهيمية السياسية) الجديدة التي يروج لها ما هي إلا تلاعب على نصوص الشرع وإبعاد الناس عن الحقيقة والشرع، في حين أن أعداء الأمة يفعلون كل شيء لتنفيذ مخططاتهم ورسم شرق أوسط جديد على حساب دماء المسلمين، وهذا ما نعايشه منذ أكثر من 13 سنة.. والذي يتجلى بشكل أوضح في أحداث غزة بعد انطلاقة (طوفان الأقصى) والخذلان المتعمد الذي يتعرض له شعب فلسطين المسلم، وإغلاق كافة الطرق والسبل على أبناء الأمة المسلمة كي لا يتمكنوا من نصرة أهلهم وأبناء دينهم.. وكل هذا حتى يصلوا بأبناء المنطقة إلى أن أفضل الحلول والخيارات أمامهم هو التطبيع مع إسرائيل والعيش معها بأمان وسلام واطمئنان وسيكون عندها الرعاة الأمريكان ضامنين لهذا”.

زر الذهاب إلى الأعلى