
يحيي الشعب الصومالي اليوم الإثنين، بمناسبة الاستقلال الوطني الـ 64 في العاصمة مقديشو وعموم محافظات الصومال.
وبهذه المناسبة قالت وزارة الخارجية التركية في بيان “يوم وطني سعيد للصومال الصديق والشقيق”.
وأكدت الوزراة أن “تركيا ستواصل بذل كل جهد ممكن لتطوير التعاون الشامل مع الصومال لتحقيق الاستقرار والازدهار الدائمين فيه”.
وتتميز العلاقات التركية الصومالية أنها واحدة من النماذج البارزة للتعاون الثنائي في منطقة القرن الإفريقي.
منذ العقد الماضي، تطورت هذه العلاقات بشكل ملحوظ، حيث أصبح للصومال مكانة خاصة في السياسة الخارجية التركية.
منذ فترات بعيدة، كانت هناك روابط تجارية وثقافية بين الشعبين التركي والصومالي، ففي زمن الدولة العثمانية، كانت هناك اتصالات بين الدولة العثمانية والسلاطين في الساحل الشرقي لإفريقيا، بما في ذلك الصومال.
ومع الجمهورية التركية الحديثة، تأثرت العلاقات التركية الصومالية بشكل كبير بالتحولات السياسية في الصومال بعد انهيار الحكومة المركزية عام 1991.
قدمت تركيا مساعدات إنسانية كبيرة خلال فترة المجاعة في عام 2011، ما عزز من روابط التعاون بين البلدين، في حين كانت زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى العاصمة الصومالية مقديشو في نفس العام (كان يومها رئيسا للوزراء في تركيا) نقطة تحول، حيث أطلق ذلك مرحلة جديدة من التعاون الشامل بين تركيا والصومال.
أما التعاون الاقتصادي بين البلدين فيشكل محورًا رئيسيًا في العلاقات بينهما، حيث استثمرت الشركات التركية بشكل كبير في مشاريع البنية التحتية والتنمية في الصومال، ومن بين المشاريع الهامة:
– إدارة ميناء مقديشو الدولي: تعد شركة “ألبيراك” التركية من أبرز الجهات التي تدير ميناء مقديشو، ما يعزز من التجارة الدولية ويساهم في تحسين الاقتصاد المحلي.
– مشاريع البنية التحتية: شاركت تركيا في بناء الطرق، المطارات، والمستشفيات في الصومال، مثل بناء مستشفى أردوغان التعليمي في مقديشو، الذي يعد واحدًا من أكبر المرافق الصحية في البلاد.
– المساعدات الاقتصادية: قدمت تركيا مساعدات غذائية ومشاريع تنموية، بما في ذلك تحسين إمدادات المياه والطاقة.
أما من الناحية العسكرية، فيلعب التعاون العسكري والأمني دورًا محوريًا في العلاقات بين تركيا والصومال، حيث وقعت تركيا والصومال في العاصمة التركية أنقرة يوم 8 شباط/فبراير الماضي، اتفاقية للتعاون الدفاعي والاقتصادي، وذلك خلال زيارة لوزير الدفاع الصومالي عبد القادر محمد نور إلى تركيا ولقاء نظيره التركي يشار غولار.
ومن بين أبرز جوانب التعاون العسكري بين تركيا والصومال:
– القاعدة العسكرية التركية الصومالية المشتركة في مقديشو: أنشأت تركيا قاعدة عسكرية في العاصمة الصومالية، حيث تقدم التدريب والمساعدة للقوات المسلحة الصومالية، وهي تخرّج بشكل دوري ضباطا في الجيش الصومالي ما يعزز قوة هذا الجيش في حفظ الأمن والاستقرار في البلاد.
– التدريب والدعم الفني: يقدم الخبراء العسكريون الأتراك تدريبًا شاملاً للقوات الصومالية، ما يعزز أيضا من قدراتها في مكافحة الإرهاب وتحقيق الاستقرار.
– المساعدات الأمنية: تشمل هذه المساعدات توفير المعدات العسكرية والتقنية، وكذلك تبادل المعلومات الاستخباراتية.
ولا تقتصر العلاقات التركية الصومال على الجوانب العسكرية والاقتصادية والسياسية، بل تمتد أيضا إلى العلاقات الثقافية والتعليمية، واليت تعزز التفاهم والتقارب بين الشعبين، وتشمل هذه العلاقات:
– المنح الدراسية: تقدم تركيا منحًا دراسية للطلاب الصوماليين للدراسة في الجامعات التركية، ما يفتح فرصًا تعليمية جديدة ويساهم في بناء الكوادر الصومالية المؤهلة.
– المبادرات الثقافية: تنظم تركيا العديد من الفعاليات الثقافية في الصومال، مثل المهرجانات الثقافية ومعارض الكتب، مما يعزز من التبادل الثقافي.
– دعم المؤسسات التعليمية: تساهم تركيا في بناء المدارس والمراكز التعليمية في الصومال، مما يدعم النظام التعليمي في البلاد.
تتمتع الصومال بموقع جغرافي استراتيجي على ساحل المحيط الهندي، ما يجعلها نقطة محورية للتجارة البحرية الدولية، لذلك فإن الأهمية الاستراتيجية للعلاقات التركية الصومالية تشمل:
– تعزيز النفوذ التركي: من خلال تعزيز العلاقات مع الصومال، تسعى تركيا إلى تعزيز نفوذها في منطقة القرن الإفريقي والبحر الأحمر، ما يعزز من قدرتها على التأثير في القضايا الإقليمية والدولية.
– مكافحة القرصنة والإرهاب: التعاون العسكري والأمني مع الصومال يسهم في مكافحة القرصنة في خليج عدن والإرهاب في المنطقة، ما يعزز من الأمن والاستقرار ومن قوة وتأثير الصومال في تلك المنطقة.
– التأثير الاقتصادي: الاستثمارات التركية في الصومال تسهم في تعزيز الاقتصاد المحلي وتوفير فرص العمل، ما يساهم في تحقيق التنمية المستدامة، وكذلك يلعب رجال الأعمال الصوماليين دورا إيجابيا في السوق التركي.
تعد العلاقات بين تركيا والصومال نموذجًا للتعاون المثمر بين بلدين يسعيان لتحقيق مصالح مشتركة وتعزيز الاستقرار والتنمية في المنطقة، وتظل هذه العلاقات مهمة لأبعادها الاقتصادية والعسكرية والثقافية، وكذلك لأهميتها الاستراتيجية في السياق الإقليمي والدولي، ومن خلال التعاون المستمر، يمكن للبلدين تعزيز علاقاتهما وتحقيق المزيد من الفوائد والمصالح المتبادلة.