تقاريرهام

8 أشهر على قمة الرياض “من أجل غزة”.. لا حصار كسر ولا عدوان تم إيقافه والمأساة مستمرة (تقرير)

قبل ثمانية أشهر من الآن وتحديدا في في تشرين الثاني/نوفمبر 2023، اجتمع قادة أكثر من 50 دولة عربية وإسلامية في العاصمة السعودية الرياض لمناقشة عدوان الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة.

وفي ذلك الوقت، وتزامنا مع انعقاد القمة العربية الطارئة في الرياض، كان عدد الشهداء الفلسطينيين قد بلغ حوالي 11 ألف شخص.

واليوم، بعد مرور ثمانية أشهر على تلك القمة، ازداد الوضع في غزة سوءًا بشكل كبير، مع ارتفاع عدد الشهداء والجرحى بشكل كبير جدا وتصاعد الانتهاكات وعدوان الاحتلال الإسرائيلي على غزة.

وعلى الرغم من الدعوات الدولية لوقف إطلاق النار، استمر عدوان الاحتلال الإسرائيلي على غزة، حيث رأى مراقبون أن “هذا الوضع يشير إلى فشل بتنفيذ قرارات قمة الرياض”.

ورغم قرار القمة بـ”كسر الحصار على غزة”، لا يزال قطاع غزة يعاني من حصار شديد، والقيود المفروضة على دخول المساعدات الإنسانية لا تزال قائمة، ما يؤدي إلى تفاقم الأزمة الإنسانية، وفق مراقبين.

ورغم الدعوات لـ”فرض إدخال قوافل مساعدات” في قمة الرياض، إلا أن كمية المساعدات التي تدخل غزة لا تزال غير كافية لتلبية الاحتياجات الأساسية للسكان، ما يعكس عدم قدرة تلك القمة على تغيير أي شيء على أرض الواقع.

وحول ذلك، تحدث المحلل السياسي محمد القيق لـ”وكالة أنباء تركيا”، قائلا “بالفعل، سنجد عدد الشهداء أكثر بكثير، والحصار أكثر، والمجاعة أكثر، لأن الذي جرى هو قرار ديكور سياسي وليس قراراً للتطبيق الفعلي للعروبة والإسلام والحالة الإنسانية، ما جرى فقط هو تفريغ لمضمون جامعة الدول العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي لصالح جامعة الدول الشرق الأوسط لتضم إسرائيل بعد إلغاء فلسطين”.

وأضاف القيق “لا يعقل بتاتا في المنطق ولا في السياسة ولا في الأخلاق ولا في الدين، أن تكون هكذا إبادة جماعية وهكذا مشاركة فعلية غربية لإسرائيل بكل الدعم، وأن يكون كثير من العرب جزءً من الإبادة الجماعية أولا بتجاهلهم لهكذا نقطة، وثانيا بحمايتهم لإسرائيل في كل الجوانب والجسور البرية والجسور الجوية والمساعدات والمطارات مفتوحة لإسرائيل والموانئ، وكذلك ملاحقة من يناصر فلسطين واعتقالهم وحظر نشاط فلسطين، وهذا كله يؤكد أن ما يجري من قرارات من هذه الجامعة وهذه القمم هو شكلي، والفعلي هو قمم أمنية لسحق القضية الفلسطينية ولتعزيز التطبيع والترويض”.

وبرغم من التأكيد على “حل الدولتين” في القمة، إلا أنه لم يتم إحراز أي تقدم ملموس نحو تحقيق هذا الهدف، بل على العكس، يبدو أن الوضع السياسي قد تدهور أكثر، بحسب مهتمين بالشأن الفلسطيني.

ويعكس عدم قدرة الدول العربية والإسلامية على تنفيذ قرارات القمة، ضعف موقفها الجماعي وعدم قدرتها على التأثير بشكل فعال في مجريات الأحداث، وفق كثير من المحللين.

ورأى المحللون أيضاً، أن عدم اتخاذ مجلس الأمن الدولي لقرارات حاسمة وملزمة، كما طالبت القمة “يشير إلى محدودية تأثير الضغط العربي والإسلامي على الساحة الدولية”.

ومع استمرار عدوان الاحتلال الإسرائيلي “يشير المراقبون إلى أن استمرار قطع الكهرباء والاتصالات والإنترنت، ونقص المياه والغذاء والوقود، يدل على فشل قمة الرياض بضمان الحد الأدنى من الحقوق الإنسانية لسكان غزة”.

وقالت الناشطة السياسية الفلسطينية ليلى جرار لـ”وكالة أنباء تركيا”، إن “ما يميز القمة العربية  التي انعقدت منذ 8 أشهر في الرياض فقط أنها  انعقدت لهول الحدث في حرب غير متكافئة وشرسة ضد شعب أعزل  محاصر منذ أكثر من 20 عاماً، لكنها للأسف كباقي القمم العربية  المنعقدة سابقاً  لكثير من قضايا تخص الأمة العربية والإسلامية لا إلزام للأسف بقراراتها، هي قمم شكلية تنفيسية وخاصة حالياً بالحرب على غزة ودعوة من الرياض”.

وأضافت جرار أن “دول الخليج بشكل عام مطبعه سواء معلن أو مخفي أو على طريق التطبيع، باستثناءات بسيطة مثل قطر، أي أن أولويات تلك الدول المطبعة القضاء على المقاومة حسب رأي الأسياد (أمريكا وإسرائيل)”.

وتابعت “أما بالنسبه لقرارات قمة الرياض قبل ثماني أشهر بكسر الحصار وإدخال المساعدات يجب أن نركز على جوهر القرار، فالقرارات لم تتطرق لوقف إطلاق النار فوراً ودون شروط وانسحاب الجيش الاسرائيلي من المناطق التي احتلها وإنهاء الحرب وتبادل الأسرى، فكيف لا يكون هناك شهداء ودمار وخراب جديد ويومي ومجازر دائمة؟ فقبل ثمانية أشهر كانت قافلة الشهداء تعدُ 11 الف شهيد، أمّا حالياً فاق العدد أكثر من 50 الف شهيد وما يقارب من 20 ألف مفقود أو تحت أنقاض المنازل وأيضاً 5 آلاف أسير، بالإضافة إلى حجم الدمار والخراب للبنية التحتية والعمران من مؤسسات ومنازل ومكاتب وغير ذلك”.

وأشارت جرار إلى أن “هذا المشهد اللإنساني يشترك بفعله أو السكوت عليه تلك الـ 50 دولة التي شاركت بمؤتمر القمة ولم تحصد أي نتيجة من قراراتها سوى إذلال الشعب الفلسطيني في غزه ببعض المساعدات العينية التي تقذف عليهم تارة بالطائرات فيركضون تحت الخطر لإحضارها، وتارة من خلال معبر رفح المصري المذل لأهل غزة، فثمن خروج ابن أو بنت غزه لخارج غزة بهدف الدراسة أو العلاج يكلف 10 آلاف دولار للفرد والدفع على المعبر لجنرالات الجيش المصري وجهاز الأمن”.

واعتبرت أن “سيناريو القمم العربية غير مؤهل لأخذ قرارات تنصف الشعوب وتسانده بقضاياه العادلة وحقهم بحياة كريمة، كونها قرارات أنظمة خارجة عن رغبة شعوبها بالحرية والاستقلال، كونها مرتبطة بدول وأنظمة تحمي كراسيها ووجودها، وبالتالي تدفع ضريبة ذلك حماية هذا الكيان الصهيوني المحتل الغاشم”.

وختمت أن “هدف الحرب لم يتحقق  بعد بالنسبة لنتنياهو بسحق المقاومة والإفراج عن الأسرى الإسرائيليين، لأنه بقناعته يجب أن يستمر بالحرب وهذا متعلق باستمرار حكومته”.

ووسط كل ذلك، وبعد مرور ثمانية أشهر على القمة العربية الإسلامية في الرياض، يبدو أن معظم القرارات والتوصيات التي صدرت عنها لم تترجم إلى واقع ملموس على الأرض، في حين أن استمرار ارتفاع عدد الضحايا وتصاعد الانتهاكات في غزة يشير إلى فشل واضح في تحقيق الأهداف المرجوة من تلك القمة.

ويطرح هذا الوضع تساؤلات جدية حول فعالية الدبلوماسية العربية والإسلامية، وقدرة هذه الدول على التأثير في القرارات الدولية، كما يسلط الضوء على الحاجة الملحة لمراجعة الاستراتيجيات المتبعة وتطوير آليات أكثر فعالية للتعامل مع الأزمات الإقليمية.

وفي النهاية “يبقى الشعب الفلسطيني في غزة هو الضحية الرئيسية لهذا الفشل الدبلوماسي والسياسي، ما يستدعي تحركًا عاجلًا وفعالًا من المجتمع الدولي لوقف المعاناة وإيجاد حل عادل ودائم للقضية الفلسطينية”، وفق محللين وأكاديميين.

زر الذهاب إلى الأعلى