تقاريرهام

“حرب وجود لا حدود”.. محللون: اختيار يحيى السنوار لقيادة “حماس” تحد كبير للاحتلال الإسرائيلي (تقرير)

أعلنت حركة المقاومة الإسلامية “حماس”، قبل يومين، اختيار يحيى السنوار رئيسًا للمكتب السياسي لها خلفًا للشهيد إسماعيل هنية.

يأتي هذا القرار في ظل ظروف استثنائية تمر بها الحركة والقضية الفلسطينية، حيث تواجه عدواناً شرساً من قبل الاحتلال الإسرائيلي.

ويعتبر هذا الاختيار رسالة قوية من حركة “حماس” للداخل والخارج، فمن ناحية، يؤكد على وحدة الحركة وقدرتها على اتخاذ قرارات مصيرية بسرعة وإجماع، حيث تم اختيار السنوار بعيد وقت قصير جدا من استشهاد هنية، ومن ناحية أخرى، يشير إلى تبني الحركة لنهج أكثر تشددًا في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي، حسب محللين ومراقبين.

السنوار، المعروف بخلفيته الأمنية والعسكرية القوية، يعد من مؤسسي جهاز الأمن الداخلي لـ”حماس”، كما قاد عمليات عسكرية كبرى ضد الاحتلال الإسرائيلي، بما في ذلك معركتي “سيف القدس” و”طوفان الأقصى”.

وحسب مراقبين، فإن هذه الخلفية تشير إلى أن “حماس” قد تتبنى استراتيجية أكثر حزماً وحسماً في المرحلة المقبلة.

كما يرى محللون أن اختيار السنوار يمثل تحديًا كبيرًا للاحتلال الإسرائيلي ورئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو، فقد وصف بعضهم قرار نتنياهو باغتيال هنية أنه “خطأ فادح”، إذ أدى إلى وصول شخصية أكثر تشددًا لقيادة الحركة.

بالمقابل، تؤكد قيادات “حماس” أن اختيار السنوار هو قرار داخلي بحت، لا يخضع لأي ضغوط خارجية.

وترى الحركة أن هذا الاختيار يعكس رؤيتها أن “لغة القوة هي لغة المرحلة التي لا يفهم الاحتلال غيرها”، كما تشدد على أن الحركة غير معنية بالمفاوضات وفق شروط الاحتلال الإسرائيلي، بل ستفاوض وفق شروطها وشروط الميدان.

ويرى المراقبون أن “حماس” بقيادة السنوار، ستواصل نهجها المقاوم، مع التركيز على العمل العسكري والأمني.

وقد وصفت الحركة المرحلة القادمة أنها “حرب وجود لا حدود، حرب فناء أو إفناء”، ما يشير إلى تصعيد محتمل في المواجهة مع الاحتلال الإسرائيلي.

وفي هذا الصدد، قال الدكتور طلعت فهمي المتحدث الإعلامي باسم جماعة الإخوان المسلمين في تصريح لـ”وكالة أنباء تركيا”، أن “اختيار القائد يحيى السنوار رئيسًا للمكتب السياسي لحركة حماس وقائدًا للحركة خلال هذه المرحلة الحساسة من تاريخ القضية الفلسطينية، يحمل دلالات ورسائل متعددة أولها: أن قرار الحركة ينبع من داخلها وفقا لضوابط التعاقب الإداري المتبعة داخلها والالتزام بآليات الشورى والعمل المؤسسي، وثانيها: أن مقاومة الاحتلال الغاشم هو محل إجماع بين جميع أبناء الحركة وأنه أمر غير قابل للمساومة”.

وأضاف “كما أن هذا الاختيار حمل رسائل بليغة للاحتلال الصهيوني ولنتياهو أنه استنفذ كثيرا من الأوراق التي لعب بها وضيّع فيها الأوقات في المماطلة والمساومة على وقف العدوان، ليجد نفسه الآن أمام حقائق الميدان التي يقررها الشعب الفلسطيني الذي يواجه هذه الآلة الإجرامية المدعومة من القوى الدولية”.

وتابع فهمي “كما أن هذا القرار يسقط من يد الاحتلال كافة الأوراق الإقليمية التي يسعى للعب بها في محاولة إجبار المقاومة ومساومتها على الخضوع لشروط الاحتلال الإجرامية التي تستهدف مزيدًا من بسط يد الاحتلال على أراضي قطاع غزة”.

واعتبر محللون آخرون أن اختيار يحيى السنوار لقيادة حركة “حماس” يمثل تحولًا مهمًا في مسار الصراع الفلسطيني ضد الاحتلال الإسرائيلي، فهو يعكس توجهًا نحو تبني استراتيجية أكثر تشددًا وعسكرة في مواجهة الاحتلال، مما قد يؤدي إلى تصعيد التوتر في المنطقة، في حين يبقى السؤال: كيف سيتعامل الاحتلال الإسرائيلي والمجتمع الدولي الداعم للاحتلال مع هذا التطور الجديد في قيادة أحد أهم الفصائل الفلسطينية؟

وحول ذلك، قال الكاتب والمحلل الفلسطيني محمد صفية في تصريح لـ”وكالة أنباء تركيا”، إن “اختيار القائد أبو إبراهيم يحيى السنوار فيه رسالة تحدي قوية للاحتلال الإسرائيلي الذي كان يظن أن اغتيال هنية كقائد لحركة حماس سيضعف حركة حماس، فجاء هذا الاختيار لتوجيه رسالة التحدي للاحتلال بأن قادة قيادة الحركة بكافة أطرها ومكاتبها وفروعها أصبحت تدار الآن من الخنادق والأنفاق والجبهات، وهي رسالة تحدي بأن قادتنا هم مشاريع شهادة أولا وأخيرا”.

وأضاف أن “الرسالة الثانية، هي أن اختيار السنوار يعكس المشهد القادم للسياسة التي تتبعها حركة حماس بما يتناسب مع الظروف التي صاحبت معركة طوفان الأقصى، والتي شهدت خذلاناً واضحاً بل ومشاركة من دول عربية في العدوان على غزة، كما تشارك الإمارات والأردن والسعودية بالفعل في هذه المعركة ضد الحركة، وهذا سيضطر الحركة إلى ترسيخ علاقاتها مع إيران في الفترة القادمة، وهو توجه معروف لدى الأخ أبراهيم بما تقتضيه المرحلة”.

وزاد صفية قائلاً، إن “اختيار الأخ أبو إبراهيم هو اختيار موفق وذو سائل قوية وربما صادمة للاحتلال، ورسالة مهمة بالنسبة لموضوع التفاوض، بمعنى أن الأخ الشهيد أبو العبد هنية كان يوصف بأنه الأكثر اعتدالا والأكثر مرونة في التفاوض والآن تم اغتياله من قبل نتنياهو، فتعالوا الآن جربوا التفاوض مع أبو أبراهيم يحيى السنوار”.

وتعالت الأصوات وخاصة في منصات التواصل الاجتماعي، للإشادة بسرعة القرار والتشاور بين الداخل والخارج لدى حركة “حماس”، ما يعني أن الآليات الشورية والتنظيمية في الحركة فاعلة، وهي قادرة على اتخاذ قرارات مصيرية في لحظات دقيقة، وفق تعبيرهم.

من جهته، لفت الباحث في مركز جسور للدراسات رشيد الحوراني في حديثه لـ”وكالة أنباء تركيا”، إلى أن “هناك رسائل متعددة من اختيار السنوار قائدا للحركة، أبرزها تماسك الحركة داخلياً، فبعد أسبوع تقريبا من استشهاد زعيمها تم تعيين قائدا لها. كما أن تعيين شخصية من الحركة داخل غزة يحمل رسالة تحدي للاحتلال الإسرائيلي مفادها إن كنتم قادرين على اغتيال القادة في الخارج فإن الاحتلال الإسرائيلي فشل في نقل الاغتيالات إلى داخل غز. وأيضا يحمل رسالة مفادها استمرار تصدي الحركة للاحتلال الإسرائيلي عسكريا باعتبار السنوار هو القائد العسكري الفعلي لعملية طوفان الأقصى”.

يشار إلى أن اختيار “حماس” يحيى السنوار خلفاً للشهيد إسماعيل هنية، شكّل مفاجأة صادمة للاحتلال الإسرائيلي، حيث أقرت هيئة البث الإسرائيلية أن “تعيين السنوار مفاجئ ورسالة لإسرائيل بأنه حي وأن قيادة حماس بغزة قوية وقائمة وستبقى”.

زر الذهاب إلى الأعلى