تناولت خطبة الجمعة في عموم مساجد تركيا، اليوم، موضوعاً هاماً يتعلق بالتوازن بين الدنيا والآخرة في حياة المسلم.
واستهلت الخطبة بحديث نبوي شريف يحذر من خطر حب الدنيا وكراهية الموت، مشيرة إلى أهمية الحفاظ على وحدة الأمة الإسلامية وقوتها.
وركزت الخطبة على ضرورة عدم الانغماس المفرط في الدنيا وإهمال الآخرة، مؤكدة أن الدنيا هي ميدان للعمل من أجل الآخرة. دعت إلى التوازن بين متطلبات الحياة الدنيا والاستعداد للآخرة، مستشهدة بآيات قرآنية تحث على هذا التوازن.
وتطرقت الخطبة أيضاً إلى مسؤولية المسلمين في مواجهة التحديات المعاصرة، داعية إلى التخلي عن الأنانية والفردية، والتحلي بالرحمة والوحدة.
وجاء في خطبة الجمعة “قال نبينا صلى الله عليه وسلم ذات يوم للصحابة الكرام (يوشك الأمم أن تداعى عليكم كما تداعى الأكلة إلى قصعتها، فقال قائل: أومن قلة نحن يومئذ؟ قال صلى الله عليه وسلم بل أنتم يومئذ كثير، ولكنكم غثاء كغثاء السيل، ولينزعن الله من صدور عدوكم المهابة منكم، وليقذفن الله في قلوبكم الوهن، فقال قائل: يا رسول الله وما الوهن؟ قال حب الدنيا وكراهية الموت”.
وأضافت “ذكرنا نبينا صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث النبوي الشريف بأن المسلمين يحافظون على وجودهم عندما يحافظون على الوحدة والتضامن وعندما يتصرفون بوعي الأمة ويحافظون على موقفهم النبيل والكريم وعندما يخفقون بقلوبهم معا يحافظون على عزتهم ويقوون أواصر الأخوة عندما لا يفسحون المجال للفتنة والأذى والشقاق”.
وتابعت “ولكن المسلمين إذا نسوا الغاية من خلقهم وموتهم ومن الحساب والجنة والنار ومالوا إلى الدنيا ميلا زائدا عن الحد فقدوا قوتهم ووقعوا في الضعف، وإذا جعلوا في قلوبهم حب المال والملك والمنصب والجاه والشهرة بدلا من حب الله ورسوله فإنهم يتناثرون كأوراق الشجر أمام الريح، وإذا آثروا مصالحهم الشخصية وشهواتهم ورفاهيتهم وراحتهم على محبة الله تعالى فإنهم يواجهون خطر التفرق والتفكك”.
وأشارت إلى أنه “قد ننغمس بين الفينة والأخرى في شؤون الدنيا ونتجاهل مبادئ الإسلام الحياتية، وقد نهمل مسؤولياتنا تجاه ربنا وبيئتنا والناس ونتجه تماما نحو الدنيا، ويمكن أن ننسى عبوديتنا وننزع القيم الإنسانية والأخلاقية من حياتنا، ولكن الله سبحانه وتعالى يحذرنا بالآية الكريمة (تريدون عرض الدنيا والله يريد الآخرة)، وينصحنا بأن نعيش دون إهمال دارنا الأبدية، فالدنيا في ديننا العظيم الإسلام ليست سوى متاع زائل وفارغ ومتعة إذا ما قورنت بالاخرة، وإلا فالدنيا ونعيمها ليست سيئة ولا قيمة لها ولا أهمية لها إنما السيئ هو الدنيا التي تبعد الناس عن الله ومرضاته”.
وزادت موضحة “دعونا لا ننسى أن الدنيا هي ميدان الآخرة، وإنها المكان الذي سنفوز فيه بالجنة، وهي المكان الذي نحقق فيه اختبارنا للعبودية والتي يتحدد فيها أينا أحسن عملا”.
وأكدت أن “ما يريده ديننا منا ليس أن نترك الآخرة للدنيا ولا أن نترك الدنيا للآخرة، بل هو العمل لهما معا في سبيل مرضاة الله تعالى، حيث يقول الله تعالى في هذا الصدد (وابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة، ولا تنس نصيبك من الدنيا)”.
وجاء في خطبة الجمعة أيضا “إذا كان الحقد والغضب والشر والقسوة تحيط اليوم بالأرض، وتداس حقوق الإنسان والقيم الأخلاقية بالأقدام، فليس السبب في ذلك أن الظالمين أقوياء، إن السبب الحقيقي هو أن المسلمين يضحون بالعمل من أجل الكسل، فهم لا يقومون بمسؤولياتهم التي هي من مقتضيات إيمانهم، ولا يقومون بالاستعدادات اللازمة في كل ميدان ضد أعدائهم من أجل حماية أوطانهم وقيمهم. ولا يعمرون دنياهم بالإيمان والعمل الصالح والأخلاق الحميدة”.
وتابعت “غير أن وعد ربنا سبحانه وتعالى في هذا الصدد واضح جدا (وعد ٱلله ٱلذين آمنوا منكمۡ وعملوا ٱلصٰلحٰت ليسۡتخۡلفنهمۡ في ٱلۡأرۡض كما ٱسۡتخۡلف ٱلذين من قبۡلهمۡ)”، مضيفة “اليوم هو يوم التخلص من الدنيوية المفرطة والفردية والأنانية، وكبح جماح رغباتنا وأمانينا غير المحدودة، إنه وقت قبول اختلافاتنا كثروة والسير معا على طريق الوحدة والسلام، إنه الوقت الذي يجب أن نتحلى فيه بالرأفة والرحمة بالمؤمنين والوقار والعزة أمام الكافرين والظالمين”.
وفي نهاية الخطبة تمت الإشارة إلى أنه “بدأت عمليات التسجيل المسبق وتجديد التسجيل لحج 2025 وستستمر حتى 16 أيلول/سبتمبر 2024، ويجب على المواطنين الأتراك الذين يرغبون في أداء فريضة الحج التسجيل شخصيا مسبقا من خلال نظام الحكومة الإلكترونية، وبما أن رئاستنا لن تجدد تسجيلها هذا العام، فإن مواطنينا الذين سجلوا في الأعوام السابقة يجب عليهم أيضا تحديث تسجيلهم من خلال نظام الحكومة الإلكترونية، ويمكن الحصول على معلومات حول هذا الموضوع من مكاتب الإفتاء في الولايات والمناطق”.