تناولت خطبة الجمعة في عموم مساجد تركيا، اليوم، موضوع حماية البيئة من منظور إسلامي، مؤكدة على مسؤولية الإنسان تجاه الكون الذي خلقه الله.
وبدأت الخطبة بالتذكير بنعم الله في خلق الكون وتسخيره للإنسان، ثم انتقلت إلى مفهوم البيئة كأمانة يجب الحفاظ عليها.
وسلطت الخطبة الضوء على المشاكل البيئية الحالية، خاصة ندرة المياه والتلوث، مدينة في ذات الوقت الممارسات الضارة بالبيئة.
وأشارت إلى الإبادة الجماعية في غزة كمثال على تدمير الإنسان للحياة والبيئة.
واختتمت الخطبة بدعوة المسلمين للعناية بالبيئة كجزء من واجبهم الديني، مشددة على أهمية النظافة والحفاظ على الموارد الطبيعية لضمان مستقبل مستدام للأجيال القادمة.
وجاء في خطبة الجمعة “إننا نعيش في بنية متقنة واسمها الكون، فربنا سبحانه وتعالى هو الذي خلق هذا الكون البديع من العدم، وهو الذي يحفظه ويديره، والله سبحانه وتعالى هو الذي يمنحنا الماء الذي هو مصدر حياتنا، والهواء الذي نحتاج إليه في كل نفس، وهو الذي يجعل التربة مصدرا للخصوبة والغابات مصدرا للأكسجين، إن الله سبحانه وتعالى هو الذي خلق الشمس والقمر والنجوم والبحار والبحيرات والأنهار أي كل النعم المتاحة للبشرية”.
وأضافت “في الواقع، يقول ربنا سبحانه وتعالى في الآية الكريمة (وسخر لكم ما في السماوات وما في الأرض جميعا منه ۚ إن في ذٰلك لآيات لقوم يتفكرون)”.
وتابعت، إن “بيئتنا هبة من الله تعالى، وهي أمانة ورثناها عن أسلافنا ويجب علينا أن ننقلها إلى الأجيال القادمة، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في أحد أحاديثه (لا إيمان لمن لا أمانة له)”، وذكر رعاية الأمانة من مظاهر الإيمان، فإذا راعينا بيئتنا وحافظنا عليها بدقة فإننا سنحافظ على هذه الأمانة.
وجاء فيها أيضا، أنه “لم يحدث أي فساد في الأرض من تلقاء نفسه، بل إن ربنا سبحانه وتعالى يقول (ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس)”،مضيفة “نعم، إن البشر اليوم الذين لا يفكرون في شيء سوى أنفسهم ويبحثون عن السعادة الأبدية يخلون بالتوازن الطبيعي على الأرض، كثير من الناس أسرى الجشع والطمع الذين يستسلمون لرغبات غرورهم التي لا تشبع يدمرون بلا مسؤولية مجالات الإستخدام المشتركة لجميع المخلوقات”.
ولفتت إلى أن “الظالمين الذين يجعلون الأرض غير صالحة للسكنى بالأسلحة الكيميائية والقنابل التي ينتجونها ولا يقتلون الأبرياء فحسب، بل يقتلون الحياة الطبيعية أيضا بالإبادة الجماعية التي يرتكبونها في أنحاء مختلفة من العالم، وخاصة في غزة، وفي واقع الأمر يعرفنا ربنا سبحانه وتعالى بهؤلاء الظالمين على النحو التالي: (وإذا تولىٰ سعىٰ في الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل ۗ والله لا يحب الفساد)، أي إن من أكثر المشاكل البيئية التي يعاني منها العالم اليوم هي مشكلة العطش والجفاف، وقد نهى نبينا صلى الله عليه وسلم عن إهدار قطرة ماء واحدة ونصحنا بالاقتصاد في استخدام الماء حتى عندما نتوضأ من النهر”.
وتابعت “ومع ذلك، فإن موارد المياه تختفي اليوم في العديد من الأماكن، بما في ذلك بلادنا، نتيجة الاستخدام غير الضروري، فالنفايات الملقاة بشكل غير مسؤول، وآبار المياه غير المخطط لها، والري غير الواعي يهدد مستقبل المياه التي هي مصدر حياتنا”.
وأكدت “نحن لسنا مالكين للعالم، بل نحن أمناء عليه، وما علينا فعله هو الابتعاد عن الإسراف والتبذير وحماية بيئتنا بوعي العبادة، وأن نحافظ على نظافة وحماية حياتنا الطبيعية وغاباتنا ومناطق التنزه، وخاصة مواردنا المائية، وأن نكون حذرين من حرائق الغابات، خاصة في أشهر الصيف، وأن نتجنب كل أنواع التصرفات والسلوكيات التي من شأنها الإضرار ببيئتنا والكائنات الحية والإخلال بالتوازن الطبيعي، وأن نسعى لترك عالم صالح للعيش وبيئة نظيفة لأجيالنا”.
وزادت “ولا ننسى أن النظافة هي نصف الإيمان والشرط الأساسي للعبادة، وهي أهم صفة من صفات المسلم، لذا، ينبغي على المسلم أن يحافظ على نظافة مكان عمله وشارعه وبيئته وأماكن الترفيه، وعليه أن يتجنب بشدة المواقف والسلوكيات التي من شأنها الإخلال بالتوازن الإلهي الذي وضعه ربنا في الكون”.
واختتمت الخطبة بحديث الرسول صلى الله عليه وسلم “(عرضت علي أعمال أمتي، حسنها وسيئها، فوجدت في محاسن أعمالها الأذى يماط عن الطريق)”.