
في خضم الأزمة المتصاعدة التي يشهدها لبنان جراء عدوان الاحتلال الإسرائيلي المستمر بشكل مكثف منذ 23 أيلول/سبتمبر 2024، برزت دولة قطر مرة جديد في ساحة جديدة كرائدة في تقديم المساعدات الإنسانية والإغاثية العاجلة للشعب اللبناني المنكوب، بعد أن كانت تميزت في خدمة من يحتاج للعون والمساعدة الإنسانية في كثير من دول العالم.
وقد تجلى هذا الدور الريادي من خلال سلسلة من المبادرات السريعة والفعالة التي أطلقتها قطر لدعم لبنان في هذه المحنة.
بدأت المبادرة القطرية بتوجيهات مباشرة من أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، الذي وجّه بإرسال مساعدات طبية وإغاثية عاجلة إلى لبنان، وإطلاق جسر جوي خاص لإغاثة الشعب اللبناني، وهو ما بدأ بالفعل.
وزارة الخارجية القطرية أكدت في بياناتها أن “هذه الخطوة تأتي في إطار موقف دولة قطر الثابت والداعم للبنان”، مشددة على “وقوف الدوحة المستمر إلى جانب الشعب اللبناني في أوقات الشدة”.
وفي تصريح يعكس موقف قطر من الأزمة، كتب أمير قطر على حسابه في منصة “إكس” قائلاً، إن “فشل المجتمع الدولي في وقف الحرب على غزة كان بمثابة الضوء الأخضر لتوسيع رقعة الصراع، دون أدنى درجة من درجات المسؤولية من قبل المعتدين”، مؤكداً على “وقوف قطر الكامل إلى جانب لبنان وشعبه، ضد الاعتداءات الوحشية التي يتعرض لها”.
وترجمة لهذه التوجيهات على أرض الواقع، سارعت قطر بإرسال فريق من مجموعة البحث والإنقاذ القطرية الدولية التابعة لقوة الأمن الداخلي (لخويا) إلى العاصمة اللبنانية بيروت، حيث باشر هذا الفريق فور وصوله بتقديم المساعدات والإغاثات الإنسانية العاجلة للمتضررين.
كما أعلنت وزيرة الدولة للتعاون الدولي في وزارة الخارجية القطرية لولوة الخاطر عن بدء تسيير جسر جوي إلى لبنان لنقل المساعدات الإغاثية العاجلة، حيث قادت بنفسها عملية إطلاق الجسر ووصلت عبر طائرة عسكرية قطرية إلى العاصمة اللبنانية بيروت قبل أيام.
وأكدت الوزيرة القطرية أنه “من المتوقع إرسال 10 طائرات شحن ضمن هذا الجسر خلال الشهر الجاري، محملة بالمواد الطبية والغذائية الضرورية”.
شاهد.. وزيرة الدولة للتعاون الدولي في وزارة الخارجية القطرية لولوة الخاطر في حديث مع "وكالة أنباء تركيا" من بيروت: قطر وتركيا تتعاونان لتقديم الدعم الإنساني العاجل للشعب اللبناني خاصة عن طريق البحر. pic.twitter.com/63HcExt4qy
— وكالة أنباء تركيا (@tragency1) October 8, 2024
نشطاء على منصة “إكس”، أشادوا بالجهود الإنسانية القطرية لدعم لبنان، مؤكدين أن “لبنان في القلب دائمًا، ودولة قطر تثبت مرارًا وتكرارًا أنها شريك إنساني راسخ في دعم الشعوب الشقيقة”.
وأضافوا أن “الجسر الجوي الإنساني الذي أطلق من قطر يعكس التضامن العميق مع لبنان الحبيب، وتوجيهات صاحب سمو أمير دولة قطر تترجم روح التعاون والوقوف بجانب لبنان في محنته”.
وتابعوا “نثمن عاليًا هذا الجهد المبارك ونعبر عن أملنا أن يسود السلام وتستعيد بيروت بريقها وصمودها، تحية للطواقم الطبية والإغاثية اللبنانية التي تقدم نموذجًا في التضحية والإنسانية، حفظ الله لبنان وشعبه الأبيّ”.
اقرأ أيضا | وجه بإرسال مساعدات كبيرة.. أمير قطر يؤكد الدعم الكامل للبنان بوجه عدوان الاحتلال الإسرائيلي
وفي السياق ذاته، أعلن صندوق قطر للتنمية عن إرسال 35 طناً من المساعدات الإنسانية العاجلة لدعم الشعب اللبناني.
وعلى الصعيد الميداني، برزت جهود “قطر الخيرية” كواحدة من أولى المنظمات الإنسانية، على الصعيدين العربي والدولي، التي تحركت لمساعدة النازحين اللبنانيين.
وبدأت فرقها الميدانية بتوزيع السلال الغذائية ومياه الشرب وحقائب النظافة الشخصية ومستلزمات الإيواء على النازحين، خاصة في ظل ارتفاع عدد النازحين الذين يقطنون المدارس حالياً.
تجدر الإشارة إلى أن لبنان يشهد حركة نزوح كثيفة ومتواصلة من الجنوب والشرق في اتجاه العاصمة اللبنانية بيروت وكذلك باتجاه شمالي البلاد، مما دفع السلطات اللبنانية إلى فتح المدارس لإيواء النازحين.
لبنان.. "قطر الخيرية" تقدم المزيد من المساعدات الإنسانية الطارئة للمدنيين النازحين جراء استمرار عدوان الاحتلال الإسرائيلي. pic.twitter.com/yQOd9iXVkO
— وكالة أنباء تركيا (@tragency1) October 7, 2024
وفي هذا السياق، تسعى “قطر الخيرية” لمواصلة تقديم المساعدات للمتضررين، مع التركيز على توفير السلال الغذائية ومواد الإيواء وحقائب النظافة الشخصية، بالإضافة إلى مياه الشرب النظيفة.
ولاقت هذه الجهود القطرية إشادة واسعة من قبل الوزراء والسياسيين والأكاديميين اللبنانيين، مؤكدين في تصريحات لصحيفة “الشرق” القطرية، أن “قطر كانت دائماً سباقة في دعم لبنان والوقوف إلى جانبه في مختلف المراحل والأزمات التي مر بها”.
وتعكس هذه المبادرات القطرية السريعة والشاملة عمق العلاقات بين الدوحة وبيروت، وتؤكد على الدور الإنساني الرائد الذي تلعبه قطر في المنطقة.
اقرأ أيضا.. دبلوماسية لبنانية: توجيهات أمير قطر بإغاثة لبنان موضع تقدير كل اللبنانيين
ويتميز الدعم القطري، حسب مراقبين، بالسرعة في الاستجابة، إذ تجلت في سرعة إطلاق الجسر الجوي استجابة للأزمة الراهنة، كما يمتاز بالبعد الدبلوماسي، بمعنى أنه يتضمن جهوداً دبلوماسية مثل المبادرة الخماسية لانتخاب رئيس للبنان.
ويُنظر إلى الدعم القطري على أنه: رمز للتضامن والتآزر العربي في وقت حرج، مساهمة فعالة في تخفيف معاناة الشعب اللبناني، تأكيد على عمق العلاقات الأخوية بين قطر ولبنان، ودعم معنوي هام للبنان في مواجهة التحديات الإقليمية
كما يبرز الدور القطري كنموذج للدعم العربي الفعال والمستمر للبنان في أوقات الأزمات، حسب مراقبين.
ويؤكد هذا الدور على أهمية التضامن العربي في مواجهة التحديات الإقليمية، ويفتح الباب أمام تساؤلات حول إمكانية تعزيز هذا النموذج على نطاق أوسع في العالم العربي.
شاهد.. أمير قطر يوجّه بإرسال مساعدات إلى لبنان. pic.twitter.com/OriCmL4e7M
— وكالة أنباء تركيا (@tragency1) October 5, 2024
وفي الوقت الذي يواجه فيه لبنان تحديات غير مسبوقة، تبرز أهمية هذا الدعم في التخفيف من معاناة الشعب اللبناني وتعزيز صموده في وجه العدوان.
ووسط كل ذلك، يبقى السؤال مطروحاً حول مدى استجابة المجتمع الدولي لدعوات قطر وغيرها من الدول وعلى رأسها تركيا للتحرك العاجل لوقف عدوان الاحتلال الإسرائيلي على لبنان، فبينما تواصل قطر ومعها تركيا جهودها الإنسانية، تزداد الحاجة إلى موقف دولي موحد وحازم لحماية المدنيين وإعادة الاستقرار إلى المنطقة، حسب مراقبين.
اقرأ أيضا.. الوزيرة لولوة الخاطر: قطر تنسق مع تركيا لإنشاء ممر بحري لمساعدة وإغاثة لبنان