تقاريرهام

مصانع الكبتاغون في عهد المخلوع بشار الأسد.. اقتصاد الظل للنظام المنهار (تقرير)

مع سقوط نظام الأسد السابق في سوريا، بدأت تتكشف العديد من الحقائق المتعلقة بشبكة صناعة وتجارة المخدرات التي أدارها النظام السابق بالتعاون مع ميليشيات إيرانية.

ولم تكن هذه الصناعة مجرد نشاط جانبي، بل مثلت واحدة من أعمدة الاقتصاد غير المشروع للنظام السابق، حسب مراقبين.

ووفق تقارير ميدانية متطابقة تم اكتشاف مصنع كبير لإنتاج المخدرات داخل فيلا تعود لماهر الأسد، شقيق بشار الأسد، في منطقة الديماس غربي دمشق.

ووثقت التقارير المشاهد داخل الفيلا، التي احتوت على عشرات البراميل المليئة بالمواد الخام والمعدات المستخدمة في تصنيع المخدرات.

وأكدت هذه التقارير أن النظام السابق استولى على أملاك المدنيين وحوّلها إلى مصانع مخدرات، ما يبرز الطبيعة الممنهجة لهذه الأنشطة.

ومع سقوط النظام، عثرت إدارة العمليات العسكرية على عدة مواقع تستخدم لإنتاج المخدرات في أنحاء سوريا.

وتشير تقارير إلى تورط الفرقة الرابعة بقيادة ماهر الأسد، في إدارة هذه الشبكة التي تعتمد على إنتاج المنشطات الشبيهة بالأمفيتامين المعروفة باسم الكبتاغون.

وقال الناشط السياسي محمد عيد لـ “وكالة أنباء تركيا”، “نلاحظ من خلال وكالات الأنباء والمراسلين الذين شاهدوا بأم العين مصانع الكبتاغون وتحويل مؤسسات الدولة السورية كمصانع لكافة أنواع المخدرات وأقلها الكبتاغون، وأصبحت المنافسة على العلن بين عناصر الفرقة الرابعة بقيادة المخلوع ماهر الأسد وعناصر حزب الله في مضايا والزبداني في ريف دمشق والقصير في ريف حمص ونبل والزهراء في ريف حلب، وعناصر الحشد الشعبي العراقي وفيلق القدس الفلسطيني في منطقة النيرب بجوار مطار حلب الدولي حيث تم تحويل الكثير من مستودعات المنشآت الحيوية على كامل مساحة الدولة السورية إلى معامل لإنتاج الكبتاغون وكافة أنواع المخدرات على مرأى ومسمع رأس النظام المخلوع بشار الأسد، وهذه ستكون جريمة موصوفة تضاف إلى عشرات الجرائم بحق الشعب السوري أقلها المسلخ البشري في سجن صيدنايا سيئ السمعة”.

وأضاف أن “هناك عشرات وربما مئات المنظمات الحقوقية الدولية باشرت فعلياً بإعداد لوائح الادعاء وجمع الأدلة لمحاسبة مجرمي الحرب في سوريا أمام محكمة الجنايات الدولية والمحاكم الثورية في سورية الحرة في قابل الأيام”.

من جهتها، قدّرت كارولين روز، مديرة مشروع تجارة الكبتاغون في معهد “نيو لاينز”، قيمة التجارة العالمية للكبتاغون بنحو 10 مليارات دولار، مع تحقيق النظام السابق أرباحاً سنوية تقارب 2.4 مليار دولار، موضحة أن إنتاج الكبتاغون ظل متواصلاً داخل الأراضي السورية حتى سقوط النظام السابق، حسب تقرير شاركت في إعداده مؤخراً.

وتتنوع مسارات تهريب الكبتاغون المصنع في سوريا للوصول إلى الأسواق في الخليج العربي.

وكشف اللواء طايل المجالي، مدير مكافحة المخدرات الأردني السابق، عن وجود أكثر من 295 مصنعاً لإنتاج الكبتاغون في سوريا، وفق تقارير متطابقة.

وأكد أن الأجهزة الأمنية الأردنية تمتلك معلومات دقيقة عن مواقع هذه المصانع والجهات المسؤولة عنها، والتي تشمل ميليشيات إيرانية وعناصر من الفرقة الرابعة.

ووفق تقرير وثائقي بثته قناة “المملكة” الأردنية، لعبت الفرقة الرابعة دوراً محورياً في تصنيع وتهريب المخدرات، مستخدمة صلاحياتها العسكرية لنقل المواد المخدرة إلى الحدود.

وروى شهود عيان تفاصيل دقيقة عن عمليات التهريب التي شملت مناطق الجنوب السوري، حيث تعاونت ميليشيات محلية وعصابات مع الفرقة الرابعة لتحقيق أهدافها.

وأكدت الحكومات الغربية مراراً مسؤولية نظام الأسد السابق عن إدارة تجارة الكبتاغون، التي أصبحت متجذرة في الشرق الأوسط.

وفي هذا الجانب، قال الكاتب والمحلل السياسي فراس السقال لـ “وكالة أنباء تركيا”، “لقد تنوعت أساليب التدمير في سورية، فمنها تدمير للأحياء والأبنية والبُنى التحتية عبر القصف والبراميل المتفجرة والأسلحة المحرّمة، ومنها تدمير النفوس والأرواح عبر القتل والتعذيب والاعتقال، ومنها تدمير عبر الإفساد والتحكّم بعقول البشر، وهو الأخطر على الإطلاق، فما قيمة البلاد بلا عباد، وما قيمة العباد بلا عقول تهديهم سبل الرشاد”.

وأضاف “لقد دعم النظام السوري تجارة وتصنيع المخدرات لا سيما الكبتاغون، وهي مادة كيميائية خطيرة تؤثر على الدماغ والقلب والأعصاب، وهي على شكل كبسولات تسبب الهلوسة والإدمان وبها يتم التحكم بالبشر، ولقد استخدم النظام السوري هذه المادة كسلاح فتاك بكل معنى الكلمة، وهو سريع الانتشار والتأثير، ورخيص التحضير والتصنيع وله أسواق إقليمية وعالمية، وقد تولى كبر هذه الصناعة والتسويق ماهر الوحش أخو بشار بالتعاون مع إيران وحزب الله.

وتابع “وبهذه التجارة استطاع المجرم بشار وأخوه ماهر من السيطرة على الشعب، بإفساد الشباب بهذه المواد ونشرها بين الأولاد في المدارس، فكانت تباع رخيصة في الأكشاك للطلاب، ما أدى إلى فساد شبابنا، وانتشار السرقات لتأمين تلك المادة، وازدياد حالات القتل بين أفراد الأسرة، ناهيك عن المشاكل النفسية والاجتماعية والأخلاقية في المجتمع السوري، وساهمت هذه التجارة خارجياً بإرباك السياسات الإقليمية تجاه سورية، فكانت حمولات الكبتاغون تخترق الحدود والبلاد المجاورة وتصل إلى أي بلد فيه أسواق رائجة لهذه المادة لا سيما بلاد الخليج العربي، ما أدى إلى إجبار الحكام العرب لإعادة النظر في سياسة المقاطعة للنظام السوري، أملاً في إيقاف تلك التجارة المجرمة التي أودت بحياة المجتمعات الشبابية في عموم دول العالم والعربية بشكل خاص، فكان النظام السوري يشغل العالم بمصانع وتجارة الكبتاغون لإلهائهم عن مسألة أكبر، ألا وهي إسقاط النظام في سورية”.

وتورطت أجهزة أمنية سورية وميليشيات تابعة لـ”حزب الله” في هذه الأنشطة، ما يضع سوريا تحت عدسة المجتمع الدولي كدولة راعية لتجارة المخدرات، حسب مراقبين.
وتحولت سوريا تحت حكم الأسد إلى مركز عالمي لإنتاج وتصدير الكبتاغون، مستغلة الفوضى الأمنية والجيوسياسية.

وحسب السقال “تعتبر تجارة الكبتاغون تجارة مربحة للغاية فقد أسهمت في ثراء العوائل المحيطة بالعائلة الحاكمة ثراء فاحشاً بعد الحصار الاقتصادي على سورية، كما يعتبر عقوبة لكل من وقف مع تطلعات الشعب السوري وثورته الحرّة، وبكل صراحة إن نظام المجرم بشار الوحش أسوء مافيا عرفها التاريخ، فالمافيات تضرّ كل من حولها دون أهلها، أما النظام السوري فأول من أفسد هو شعبه وأهله وبيته الداخلي.  وقد ظهرت الآن بعد فتح دمشق تلك المعامل التي كانت تصنّع حبوب الموت وترسلها للعالم أجمع”.

وختم قائلاً، إن “بعض الدول (أقصد الحكام) تستحق ذلك الفساد التي حلّ بشعوبها، فهي عندما خرست عن نظام بشار المجرم وما فعله من البشائع بشعبه، ثم قامت بالتطبيع معه، ابتلاها الله في انتشار الفساد في بلادها، فجعل الجزاء من جنس العمل، فكما قبلوا بالفساد الأكبر على الشعب السوري أذاقهم الله شرّ ذلك الوبال، وأسأل الله أن يحمي جميع الشعوب، ويرفع البلاء عنهم، ويخلصنا من حكام غدت عملاء لأعداء الإنسانية”.

ووسط كل ذلك ومع سقوط النظام، تتكشف يوماً بعد يوم أبعاد هذه التجارة غير المشروعة التي ساهمت في تمويل آلة القمع والحرب على حساب أمن واستقرار المنطقة، وفق محللين وخبراء مهتمين بهذا الملف.

زر الذهاب إلى الأعلى