منوعاتهام

خطبة الجمعة في تركيا.. سورة الحجرات في القرآن الكريم وأخلاق تنظيم العلاقات في الإسلام

ركزت خطبة الجمعة في عموم مساجد تركيا، اليوم، على سورة الحجرات، التي تُعرف بسورة الأخلاق، حيث استعرض الخطيب رسائلها العميقة في تنظيم علاقة الإنسان بربه وبالآخرين.

وأشارت الخطبة إلى أهمية الالتزام بآداب المعاشرة، الحذر من الأخبار الكاذبة، ونبذ العنصرية والكبر، مؤكدة أن هذه المبادئ ضرورة لتحقيق التماسك الاجتماعي والتقوى.

كما تناولت الخطبة أيضاً دور المسلمين في مواجهة الشرور والظلم بالحكمة والإيمان.

وجاء في خطبة الجمعة، إن “سورة الحجرات هي واحدة من السور التي تنظم علاقة الإنسان مع خالقه ومع الآخرين ومع بيئته، وتقدم مبادئ أساسية في هذا الشأن، وتعرف أيضا بسورة الأخلاق، حيث تخبرنا أن الناس لن يحققوا الشرف إلا بالإيمان، وأنهم سيصلون إلى العزة من خلال الإسلام، وتُذكر المؤمنين بضرورة التلاحم من خلال رابطة الإيمان، والالتزام بآداب المعاشرة، والابتعاد عن كل قول أو سلوك أو تصرف قد يضر بوحدتهم وتماسكهم”.

وتابعت أن “الرسالة الأولى من ربنا العظيم في سورة الحجرات هي (يا أيها الذين آمنوا لا تقدموا بين يدي الله ورسوله)، عدم التقدم بين يدي الله ورسوله يعني أن نحبهم أكثر من أي شخص آخر وأن نفضل رضا الله ومحبة نبينا  صلى الله عليه وسلم على كل شيء وأن نرتبط بالقرآن والسنة بصدق في كل زمان ومكان وأن نعتبر أحكام الله ورسوله أهم وأثمن من قراراتنا واختياراتنا وآرائنا وأفكارنا، باختصار، عدم التقدم بين يدي الله ورسوله هو أمر ملزم به كل مؤمن وضرورة إيمانية”.

وأضافت أن “رسالة أخرى في سورة الحجرات هي (يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا)، هذه الآية تدعونا إلى الحذر من الأخبار الكاذبة والمعلومات المضللة لأن نشر الأخبار الكاذبة سواء في الحياة الواقعية أو في الوسائط الرقمية ومشاركة المعلومات التي لم يتم التحقق من صحتها يؤدي إلى انتشار الفتنة والفساد بين الناس، ويزعزع الأمان والطمأنينة في المجتمع، وقد يتسبب ذلك في انقطاع الكثير من الناس عن الحياة وتفكك العديد من الأسر، وفساد الكثير من الصداقات، ولا ننسى أبدا أن مشاركة معلومات أو أخبار غير مؤكدة هي ذنب كبير وعقوبة ثقيلة”.

وأشارت إلى أن “الرسالة الأخرى الواردة في سورة الحجرات هي (يا أيها الذين آمنوا  لا يسخر قوم من قوم ولا تلمزوا أنفسكم ولا تنابزوا بالألقاب)، وهذا أمر واضح، ووفقا للإسلام فإن الإنسان يستحق الاحترام والتقدير فلا يجوز السخرية منه حتى ولو على سبيل المزاح سواء بالإشارة باليد أو اللسان أو الحواجب أو العيون ولا يجوز المساس بكرامة الإنسان ولا يجوز أن تلصق به ألقاب تسيء إلى شرفه وكرامته، وكل هذه الأخطاء تنبع من الكبر والتفاخر وهما ما لا يحبه الله إذ أن الشخص الذي يحب نفسه يعتبر الآخرين دون مستواه”.

أما الرسالة الأخرى التي وردت في سورة الحجرات هي “(يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيرا من الظن فإن بعض الظن إثم ولا تجسسوا، ولا يغتب بعضكم بعضا)، وهذا تحذير مهم المؤمن هو من يسلم الناس من يده ولسانه والمؤمن دائما يحمل حسن الظن تجاه الآخرين يهتم بعيوبه هو وليس بعيوب الآخرين، والمؤمن لا يغتاب ولا يتحدث في الأعراض، ولا ينقل الكلام”.

ولفتت إلى أن “الله تعالى يخاطب جميع الناس في سورة الحجرات قائلا (يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم)، لقد حرم ديننا العظيم الإسلام كل أنواع العنصرية، ومع ذلك، نجد اليوم أن بعض الظالمين الذين يرون أنفسهم متحضرين ومتميزين والذين لم يأخذوا نصيبهم من الإنسانية ويتغذون على الوحشية يمارسون كل أنواع الظلم والتعذيب والضغط على المسلمين في فلسطين وغزة وفي أماكن عديدة أخرى، أما الله تعالى فقد أوضح في سورة الحجرات ما يجب على أمة محمد فعله لإنهاء كل هذه الشرور (إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله ثم لم يرتابوا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله، أولئك هم الصادقون)”.

وجاء في ختام الخطبة “أسأل الله العظيم أن يجعلنا نتبنى الحقائق المذكورة في سورة الحجرات في حياتنا وأن يبعد عنا كل الشرور التي تلوث عقولنا وقلوبنا وألسنتنا والتي تعيق حياتنا المشتركة في الإسلام، وأنهي خطبتي بدعاء نبينا محمد  صلى الله عليه وسلم (اللهم إني أعوذ بك من شر سمعي، ومن شر بصري، ومن شر لساني، ومن شر قلبي)”.

زر الذهاب إلى الأعلى