تقاريرمميز

“كوت العمارة”.. الذكرى 102 لآخر انتصار تركي عربي على بريطانيا

معركة مازال التاريخ يذكرها كمثال على المصير المشترك والتلاحم والوحدة بين الأتراك والعرب

تصادف اليوم 29 نيسان/أبريل الذكرى الـ 102 لمعركة كوت العمارة، التي وقعت إبان الحرب العالمية الأولى في منطقة جنوب شرقي العاصمة العراقية بغداد، بين القوات العثمانية والقوات البريطانية.

وتعد المعركة ثاني أكبر انتصارات الجيش العثماني خلال الحرب العالمية الأولى، بعد معركة “جناق قلعة” إذ انتهى الحصار الذي استمر 147 يوماً بهزيمة الجيش البريطاني بالكامل وقوامه 13 ألف جندي واستسلامه للجيش العثماني.

ووفقاً لوثائق عسكرية في أرشيف رئاسة الأركان التركية، فإن قائد الجيش العثماني آنذاك، خليل باشا، أعلن النصر في المعركة قائلا إن “ثبات العثمانيين كسر عناد الإنكليز، فكان النصر الأول في جناق قلعة، والثاني هنا”.

ووصف المؤرخ البريطاني جيمس موريس معركة الكوت بأنها “الاستسلام الأكثر إذلالاً في التاريخ العسكري البريطاني”.

وكان الجيش العثماني الذي حقق هذا الانتصار العظيم يضم قوات تركية وعربية قاتلت جانباً إلى جنب، أمر مازال التاريخ يذكره كمثال على المصير المشترك والتلاحم والوحدة بين الأتراك والعرب.

أسباب الحصار

كانت الفرقة 6 في الجيش البريطاني بقيادة الجنرال “تشارلز فير فيريرز تاونسند” تتقدم نحو بغداد، ولكن المواجهات مع الجيش العثماني في معركة سلمان باك، أجبرها على التراجع إلى منطقة الكوت في 3 كانون الأول/ديسمبر 1915، التي حاصرتها القوات العثمانية في 27 كانون الأول/ديسمبر 1915.

بدأت القوات البريطانية هجوماً لإنقاذ المحاصرين في الكوت، إلا أنها اضطرت إلى التراجع بعد أن خسرت 4 آلاف جندي في معركة الشيخ سعد في 6 كانون الثاني/يناير 1916.

وفي 13 كانون الثاني/يناير 1916 خسر الجيش البريطاني 1600 جندي في معركة الوادي، كما فقد ألفين و700 جندي في معركة أم الحنة، التي وقعت في 21 كانون الثاني/يناير من العام نفسه.

وفي 8 آذار/مارس عاودت القوات البريطانية الهجوم على الفيلق 13 العثماني بقيادة العقيد علي إحسان بيك، ودارت معركة سابيس، التي انتهت بهزيمة البريطانيين ومقتل ثلاثة آلاف و500 منهم، الأمر الذي أجبرهم على الانسحاب.

البريطانيون يحاولون تقديم رشوة للجيش العثماني مقابل فك الحصار

حاول البريطانيون إسقاط أكياس دقيق من الجو لإنقاذ جيشهم المحاصر، إلا أن الطائرات الحربية العثمانية أسقطت الطائرات البريطانية.

وحاول البريطانيون أيضا إدخال المؤن عبر السفن ليلاً لكن العثمانيين كشفوهم وصادروا السفن.

ومع فشل المحاولات وطوال فترة الحصار، وبحسب الوثائق العسكرية، فإن خليل باشا أرسل تلغرافًا لقيادة الجيش العثماني أوضح فيه أن “تاونسند عرض مبلغ مليون جنيه مقابل السماح له ولجيشه بالتوجه إلى الهند”.

وطلب خليل باشا من أصحاب القرار في الدولة العثمانية إعطاءه توجيهات بهذا الخصوص.

وجاء رد قيادة الجيش العثماني لخليل باشا :”لا حاجة لنا بالنقود، يمكنكم السماح لتاونسند فقط بالرحيل مع أسر جيشه”.

وفي برقية أخرى، أوضحت قيادة الجيش العثماني أنه “يمكن السماح لتاونسند بالذهاب بحرية إلى المكان الذي يريد، مقابل استسلامه مع جنوده وتعهده بألا يعتدي على الجيش العثماني، طوال فترة الحرب”.

استسلام الجيش البريطاني

طلب تاونسند من خليل باشا التوسط من أجل “السماح له وعدد من مساعديه، بالانتقال إلى إسطنبول”، معلنًا استعداده لتسليم جنوده.

وقال تاونسند في برقيته لخليل باشا “السيد خليل باشا، الجوع يجبرنا على ترك السلاح، لذا فإنني بناء على عهدكم بأن جنودنا الأبطال سيحلّون ضيوفًا مكرمين لديكم، أعلم جنابكم العالي باستعدادي لتسليم جنودي لكم”.

وأضاف تاونسند في برقيته “نحن مستعدون لتسليم كوت العمارة”.

وتابع “أعرض عليكم زيارة الجرحى، حيث ستشاهدون من بترت أقدامهم وأيديهم، أو من حل بهم والمرض، ولا أعتقد أنكم ستأخذونهم أسرى حرب، وأعرض نقلهم إلى الهند بدل ذلك”.

وفي صباح يوم 16 نيسان/أبريل، بدأت عملية أسر تاونسند وجنوده المحاصرين البالغ عددهم 13 ألفا و100 جندي.

الجيش العثماني يأسر قيادات الجيش البريطاني

بعد إعلان الاستسلام، بدأ أفراد الجيش البريطاني بإتلاف أسلحتهم خلال الليل، ثم تسليم أنفسهم للجيش العثماني صباحاً، فيما تم إرسال تاونسند و4 من معاونيه إلى إسطنبول، كأسرى حرب.

انتصار لن ينساه التاريخ

قال خليل باشا في رسالة إلى الجيش السادس العثماني بعد الانتصار “لقد سقط 350 ضابطاً و10 آلاف جندي من جيشنا، شهداء في المعركة، إلا أنها انتهت في النهاية باستسلام 13 جنرالاً و481 ضابطاً، و13 ألف و300 جنديا من الجيش البريطاني، كما انسحبت القوات التي كانت تحاول إنقاذ الجيش البريطاني، بعد أن سقط منها 30 ألف قتيل”.

وأضاف خليل باشا “نحن أمام فرق كبير إلى درجة تدهش العالم، سيجد المؤرخون صعوبة في إيجاد كلمات لوصف هذه المعركة”.

وكالة أنباء تركيا

وكالة إخباريــة تركيــة ناطقــة باللغــة العربيــة.
زر الذهاب إلى الأعلى