مدونات TR

هنا في تركيا… لا تترك شيئا للصدفة

زارني صديق ذات مرة عندما كنت مقيما في تركيا، صديق أكبر مني سنا وتجربة في الحياة، أحترمه وأقدره، خرجنا ذات يوم مع عائلاتنا لتلك المناطق السياحية والحدائق التي تملأ الأماكن والأرجاء، كان يندهش كثيرا عندما يرى أن الأمور تسري بوتيرة متناسقة، لا تداخل في الأعمال يؤدي إلى الإرباك والتأخير، وإذا ما وجد هناك تداخلا في الأعمال فهو تداخل تكميلي، عملٌ يكمل عملاً ويؤديان في نهاية المطاف إلى إنجاز عمل جميل ومبهر، كباقي الأعمال والإنجازات الجميلة البهية.

في تلك الأثناء كنت قد أخرجت هاتفي من جيبي لأتأكد (بواسطة التطبيق) من موعد وصول الباص وهذا الأمر أثار انتباهه وقال على الفور :”ماذا تفعل؟”، للتأكد من موعد وصول الباص الذي سوف يأتي بعد (كذا) دقيقة، أجبته بثقة مطلقة لا متناهية.

ضحك ساخرا مني ظنا منه أنني أمازحه أو أنني أمارس نوعا من التباهي تجاهه، قال أمعقول ما تقول؟

أجبته بالإيجاب على الفور وأضفت أن تلك الدقائق هي الفيصل بيننا.

وفعلا وبعد تلك الدقائق وصل الباص الذي كنا ننتظره وصعدنا فيه.

ابتسم الرجل بوجهي (خجلا مني) وقال كلمة لا يزال صداها عالقا في اذني إلى هذه اللحظة قال :”الحياة هنا كالساعة”.

فصححت له ذلك المفهوم على الفور وقلت له كالساعة الذرية التي لا تخطأ ولا تتأخر بمواعيدها الا ثانية واحدة كل ثلاثين مليون عام وإنني أتوقع أن الأتراك بنشاطهم وهمتهم، بقلبهم الأبيض وعقلهم النير وروحهم السمحة سيتغلبون على تلك الثانية وستبقى عجلة الإعمار والازدهار والتقدم تدور وتدور وتدور.

كم كبرتُ بعين صديقي لإعطائه موعدا محددا، وكم كبرتْ بعيني تركيا واحببتها وعشقتها أكثر لاحترامها أناسها ومواعيدها، أحببتها وعشقتها فوق كل الحب والعشق الذي أكنه لها.

مواعيدها دقيقة كالأنفاس، أمورها مرتبة منظمة.

وهي لا تخطئ أبدا ولا تترك شيئا للصدفة.

زر الذهاب إلى الأعلى