مدونات TRهام

قناة إسطنبول البحرية… المشروع المعجز في هذا القرن

عام 1453

لم يكن هذا العام عاما كغيره من الأعوام، ففيه فتحت القسطنطينية كما بشر رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم “لتفتحنّ القسطنطينية، فلنعم الأمير أميرها، و لنعم الجيش ذلك الجيش”، فتحت هذه المدينة على يد السلطان محمد الثاني “الفاتح” وأصبحت القسطنطينية عاصمة للخلافة العثمانية بمسمّاها الجديد “إسطنبول”.

عام 2011

بؤبؤ عين الدنيا.. إسطنبول، بالبدء بمشروع القرن تتقدم هذه المدينة العظيمة اليوم بخطوات ثابتة في طريقها لتكون مركز العالم، فهي ستكون صاحبة أجمل ممر مائي اصطناعي بعد سنوات قليلة.

ستولد مدينة جديدة في إسطنبول، وبتعبير آخر، بعدد سكان 7,5 مليون نسمة ستولد ثاني أكبر مدينة في تركيا من رحم أكبر مدينة في هذا البلد، إسطنبول.

تبلغ مساحة المدينة الجديدة في إسطنبول 543 مليون متر مربع، منها 78 مليون متر مربع للمطار الثالث الذي سيفتتح أول قسم منه أواخر العام الجاري 2018، و30 مليون متر مربع لقناة إسطنبول و33 مليون متر مربع لقلعتي إسبارطة وبهتشه شهير، و108 مليون متر مربع من الطرقات السريعة، و167 مليون متر مربع مساحات مخصصة للبناء، و37 مليون متر مربع مساحات خضراء مشتركة.

في الواقع، يوجد داخل المساحات المخصصة للطرقات، 26 مليون متر مربع للمساحات الخضراء على الأرصفة و المنصفات الطرقية، إلى جانب 83 مليون متر مربع من المساحات الخضراء داخل المناطق المخصصة للبناء، وبالتالي يتساوى مجموع هاتين المساحتين مع المساحة الخضراء المشتركة 146 مليون متر مربع، إذا استثنينا مساحة المطار و قناة إسطنبول.

ستكون بذلك نسبة الأراضي الخضراء من المشروع كاملاً 42%، لتكون المدينة الجديدة من أكثر المدن المغطاة بالخضرة بالعالم.

وبفضل 108 مليون متر مربع المخصصة للطرق والتي ستخدم سكان المدينة، لن تعاني المدينة من الإزدحام المروري حتى في وقت الذروة، وستكون هي المدينة الأولى في العالم بهذه المواصفات.

مرورا ببحيرة “كوتشوك تشكمجه” و سد “سازلي ديرة” إلى شرق بحيرة “تيركوس” وصولاً إلى البحر الأسود، ستكون قناة إسطنبول بعرض 400 متر و عمق 25 مترا، ستبنى على طول القناة 10 جسور بتصماميم مختلفة ستضفي لمسة رائعة على المظهر العام للقناة.

خمسة من هذه الجسور ستربط الطرق البريّة السريعة ببعضها البعض، و5 أخرى ستبنى لربط طرفي المدينة الجديدة، وعلى امتداد طرفي القناة ستكون هناك مساحات خضراء و حدائق على مسافة 100 متر، وستكون الطرق التي تصل إلى هذه المساحات على الطرفين بعرض 50 مترا وتضم 8 مسارب للسيارات، وستبنى تحت هذه الشوارع مواقف سيارات بسعة تصل إلى 150 ألف سيارة.

وبحسب إحصاءات رسمية، فإنه من المقرر أن تمر في القناة يوميا ما متوسطه 137 سفينة شحن، و27 ناقلة على متنها حمولات تجارية يصل وزنها إلى 150 مليون طن.

أما ما سينتج عن حفريات قناة إسطنبول فلن يرمى دون أن تتم الاستفادة منه، إذ إنه سيتم من هذا الردم الذي يقدر حجمه بـ2.7 مليار متر مكعب، إنشاء 3 جزر متميزة ستضفي مزيدا من الجمال على هذا المشروع العملاق.

تشكل التضاريس التي تحيط بالقناة خلجاناً ذات مناظر جميلة ومرفأ للقوارب الصغيرة، وستبنى على سواحل بحيرة “كوتشوك تشكمجه” ومدخل البحر الأسود و أماكن محددة في القناة مراكز ثقافيّة تضم معارض ومسارح ومتاحف، على أن يضم أحد تلك الخلجان منطقة مفتوحة ستشيّد فيها أبنية على الطراز المعماري التركي والألماني والأميريكي والياباني والصيني والهندي والفرنسي والتايلندي والإيطالي والبرازيلي والإسباني وعدد من الأنماط المعمارية لدول أخرى.

أما المساجد التي تزيّن إسطنبول، لها حصة مميزة أيضا في هذا المشروع، إذ أنها ستتواجد في كل حي من أحياء القناة، فضلا عن “كليّة المسجد المركزي” التي تحتوي مركزاً تعليميًّا وثقافيًّا وسوقاً عثمانيًّا ومطعماً مجانيًّا وفندقأ.

يتسّع مشروع المسجد المركزي لـ 72 ألف مصلّ، وتمثّل مآذن المسجد الستّة أركان الإيمان الستّة، و يمثّل مجموع طول المآذن 622 عاماً بعد الميلاد (عام الهجرة النبويّة)، ويمثّل قطر قبّة المسجد البالغ 114 متراً عدد سور القرآن الكريم.

ستؤمنّ المدينة الجديدة الراحة الكاملة لسكانها وستكون المدينة الوحيدة في العالم الخالية من أي أزمة مروريّة، ومن المتوقع أن ينتهي المشروع المعجز عام 2023 كما وعد الرئيس التركي رجب طيّب أردوغان، وهو بكلفة تترواح بين 10 إلى 15 مليار دولار أمريكي.

أهداف المشروع

من أهداف حفر هذه القناة، تخفيف الضغط عن مضيق البوسفور الذي يعتبر ممرا لنحو 50 ألف سفينة سنويًا، سواء السفن التجاريّة أو المدنيّة أو العسكريّة أو ناقلات النفط، وهو يعتبر من أكثر الممرات المائية ازدحاما حول العالم، وهو المنفذ البحري الوحيد إلى المحيطات بالنسبة إلى بلغاريا ورومانيا وأوكرانيا وجورجيا وموانئ روسيا على البحر الأسود.

ورغم أهميّة السبب الأوّل، ولكن هناك سبب آخر هام لتنفيذ هذا المشروع، إذ ستتمكن تركيا من تعويض الأموال التي حُرمت منها جراء اتفاقية “مونترو” التي دخلت حيز التنفيذ في نوفمبر/تشرين الثاني 1936، بهدف تنظيم حركة المرور عبر مضائق البحر الأسود للسفن التجارية والتي حرمت تركيا من الحصول على 10 مليارات دولار سنوياً.

سيدّر هذا المشروع على تركيا نحو 8 مليار دولار سنويا و هو واحد من المشاريع العملاقة ضمن الأهداف التي يعمل الرئيس التركي على تحقيقها بحلول عام 2023.

عام 2023

هل سنرى تركيا الجديدة ضمن أقوى 10 إقتصادات في العالم؟!

أحمد خلدون طالب

مهندس مدني خريج جامعة "بهتشه شهير" في إسطنبول
زر الذهاب إلى الأعلى