سؤال يتكرر بين الناس وفي اجتماعاتهم، ويحق لهم أن يسألوه.
الناس منقسمة إلى قسمين في الجواب على هذا السؤال:
قسم يعتقد أن تطور أي بلد مرهون بالنظام الديمقراطي الكامل المبني على نظام الأحزاب، ويدلل على ذلك بأن أوروبا وماليزيا وسنغافورة وتركيا وغيرها الكثير من الدول ما نهضت إلا بالأحزاب.
وقسم يعتقد أن الأحزاب هي سبب خراب البلاد لأن كل حزب سيقدم مصلحته الخاصة على مصلحة البلد العامة، ويدلل على ذلك بأن الحروب العالمية لم يشنها إلا الأحزاب الأوروبية التي كان يقودها هتلر وستالين وموسيليني وغيرهم، وانظر إن شئت إلى الدول العربية اليوم ومدى تأثير الأحزاب السلبي عليها.
وقبل أن أجيب على هذا السؤال، هناك حقيقة يجب أن أقررها وهي أن كثيرا من المفاهيم المدمرة التي نبذتها أوروبا بعد الحرب العالمية الثانية تلقاها العرب وللأسف بصدر رحب، فالقومية التي دمرت ألمانيا وإيطاليا تلقاها العرب وعلى رأسهم جمال عبدالناصر وحافظ الأسد.
ومن المفاهيم التي نبذها الغرب هو منع أي عسكري من الخوض بالشأن السياسي خاصة الداخلي منه، لأنهم شاهدوا بأعينهم نتاج حكم هتلر و موسوليني وغيرهم، وعلموا أن أفضل وسيلة لجعل البلد يدمر نفسه بنفسه هو تمكين الحكم للعسكر.
لذلك تلاحظ كم الانقلابات العسكرية الرهيبة التي دعمها الغرب في الدول العربية والإسلامية، خذ على سبيل المثال:
تم دعم انقلاب جمال عبدالناصر على الملكية
تم دعم انقلاب عسكري في الجزائر مطلع التسعينات
تم تمكين العسكر في تونس
وتم تمكين العسكر من الحكم في سوريا
وتم تمكين العسكر أيضا من حكم العراق
ولا ننسى أيضا ليبيا
وهذه أمثلة فقط والمجال ليس للحصر
والمطلع على التاريخ الإسلامي الحديث يدرك كم محاولات النهضات التي أخمدها العسكر في الدول الإسلامية.
قارن بين مصر الملكية ومصر ما بعدها، خاصة من حيث رغد عيش الناس.
عدنان مندريس ونجم الدين أربكان حاولا النهوض بتركيا لكن العسكر منعوهما.
ليبيا النفط عبارة عن صحراء بسبب العسكر.
والعراق وما أدراك مالعراق حيث النفط والزراعة والتاريخ والآثار
آخرها.. حين وصل محمد مرسي للحكم في مصر عن طريق الانتخاب تم اسقاطه خلال سنة واحدة فقط.
نعم تدمرت أوروبا حينما حكمها العسكر بقانون القوة لكنها نهضت أيضا حينما حكمت بقوة القانون.
إذن نظام الأحزاب إنما هو أداة يمكن استخدامها بالخير أو الشر، فالعيب ليس في الأداة وإنما في طريقة الاستخدام، وعليه لا يمكن الحكم على نظام الأحزاب بالخير أو الشر إلا وفق آليات تطبيقه.
فإذا تم تقنين قانون الأحزاب بألا تكون مبنية على نظام طائفي أو مذهبي أو عرقي فإن مآل النظام سيكون إلى خير، وإذا تم السماح للعسكر أو الطائفيين أو المذهبيين من الترشح فإن مآل البلد إلى خراب.