
صنعاء (اليمن) / يرستين النهمي / وكالة أنباء تركيا
لا تحتاج لآلة زمنية لمشاهدة بصمة الأتراك في اليمن، كل ما تحتاجه هو أن تجوب داخل المدينة المسورة (صنعاء القديمة) حينها ستشعر بنبض زخارف المنازل والأبواب وكأنها تناديك من زمن بعيد لتقص عليك أثر امتزاج الأسر التركية داخل الجسد اليمني.
تحتفظ الكثير من المناطق اليمنية بآثار ومواقع تاريخية تشير إلى حقب زمنية عديدة، ومن أهم المناطق أو المواقع الأثرية والتاريخية المرتبطة بالدولة العثمانية جبل “مضرخي”، وجبل “حضار”، و”القرية التركية”.
وشرقي محافظة إب (جنوب غربي اليمن) يوجد الحصن الشهير “حصن حنسر”، الذي بناه العثمانيون في منطقة “إبان” خلال وجودهم في اليمن في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر.
لا تزال شواهد وجود العثمانيين موجودة في الأسر اليمنية ذات الأصول التركية، والتي فضلت البقاء إلى جانب الآثار والمعالم في مناطق يمنية عدة، ومن أبرز تلك المناطق “العود”، و”صنعاء”، و”قرية الأتراك”، وهي مناطق تزخر بعدد من المعالم العثمانية.
ويصل عدد الأسر اليمنية المنحدرة من أصول تركية إلى 30 ألف أسرة، منها 6 آلاف تعيش في العاصمة صنعاء، ويُطلق عليها “اليمنيون الأتراك”، ومن أبرز العائلات اليمنية التي تعرف بأصولها التركية، عائلات “آغا”، “أفندي”، “المضرحي”، “بابكر”، “سلمان”، “بيرق”، “الساروي”، “التركي”، و”جعول”.
ستدهشك زقازيق صنعاء القديمة عندما تنظر إلى ملامح بعض سكانها، وتقاسيم وجوههم التي تعكس أصولهم والعرق التركي الذي انحدروا منه، فهم برغم اندماجهم في المجتمع اليمني لسنين طويلة، ظلوا معتزين بأجدادهم وجذورهم.
كما أن العديد من العادات والتقاليد التركية أصبحت ثفافة وهوية يمنية، فالمباني لاتزال شاهدة عل حقبة من التاريخ اليمني بل حاضرة في تفاصيل المجتمع اليمني.
وبينما تتجول في الأزقة وخاصة وقت الظهيرة ستثيرك أصوات النار الصاخبة الصادرة من مطعم “السلته” الشهير لتجد نفسك متلذذا بمذاق الأكلات اليمنية ذات الأصول التركية.
وتعد “السلتة “من أهم المأكولات التي ارتبطت بوجدان اليمنيين، فلا تخلو منها موائدهم.
ولا تنتهي رحلتك هنا، فلايزال هناك من سيناديك وأنت تتجول خلف أسوار صنعاء العتيقة، أي الحلويات اليمنية التي تعيدك إلى العهد العثماني في اليمن.
سكان المدينة يعتبرون هذه الحلويات موروثا عثمانيا ثابت الجذور ومكملا رئيسا للطعام، ولا يستقيم الغذاء إلا به.
وحالما تقترب من محلات الحلويات الشعبية ستجذبك رائحتها، وما أن تتذوقها حتى يأخذك مذاقها إلى العهد العثماني، وستعلم حينها مدى تأثير الأتراك على المجتمع اليمني في كثير من مناحي الحياة.
لا تنتهى بصمة الأتراك عندما تنتهي من التجول في أزقة المدينة المسورة، فبرغم التاريخ البعيد إلا أن أقدام الأتراك مازالت راسخة في جميع زوايا اليمن، بل إنه رسمٌ ثقافي وعادات متعددة يراها اليمنيون رمزا للحفاظ على هويتهم، وفي كل زيارة لك إلى اليمن ستعيش تفاصيل جديدة تحملك إلى الزمن القديم، فكل منزل يمني يحمل إرثا عثمانيا تركيا يهب فيه معنى الحياة والانتماء.