المشاغب توران.. صانع الأزمات الذي يترقب الفرصة الأخيرة
إسطنبول / هيثم السويفي / وكالة أنباء تركيا
كانت الأجواء مثالية تمامًا في صيف عام 2015، أمام اللاعب الدولي التركي أردا توران من أجل إعادة كتابة التاريخ في ساحات القارة العجوز، وتسطير اسمه كأحد أبرز نجوم كرة القدم في العصر الحديث، بعدما تخلى مشاغب جالاتا سراي عن الكثير من العادات السيئة، وصب تركيزه على التألق في ملاعب الليجا ليحصد كافة الألقاب الممكنة رفقة قطب العاصمة الإسبانية أتليتكو مدريد.
وقبل أن يغلق العام 2015 أبوابه، حط صانع ألعاب الروخي بلانكوس رحاله في قلعة كامب نو، للدفاع عن ألوان أحد عمالقة أوروبا فريق برشلونة، في صفقة كلفت الكتلان قرابة 35 مليون يورو، بحثا عن تحدٍ جديد قد يحلق به على قمة دوري الأبطال، رفقة أسماء من نوعية ميسي وسواريز ونيمار وإنيستا.
إلا أن رياح كتالونيا أتت بما لا يشتهي قارب توران، بعدما حاصرته مقاعد البدلاء لصالح الثالوث المميز آنذاك MSN، على الرغم من الحضور المميز لمحارب الروخي بلانكوس في الدقائق القليلة التي شارك بها رفقة البلوجرانا.
العودة إلى البدايات
في الساعات القليلة الماضية عاد توران، إلى واجهة المشهد من جديد، في ظل رغبة نادي جالاتا سراي في استعادة خدمات نجمه السابق، والذي قدم من قبل أوراق اعتماده عبر البساط الأخضر لكبير السوبر ليج.
وتمسك المدير الفني المخضرم فاتح تريم، بالتعاقد مع توران على الرغم من المستوى المتواضع الذي قدمه اللاعب في الموسم المنصرم بألوان باشاك شهير والذي رحل إليه معارا من البارسا، ودخول توران في دوامة من الأزمات داخل الملعب وخارجه، كلفته عقوبة قياسية من الاتحاد التركي بالإيقاف 16 مباراة، تم تخفيضها فيما بعد إلى 10، فضلا عن شبح السجن الذي يخيم على صانع ألعاب برشلونة، بعد أزمة «الملهي الليلي» الشهيرة.
ويثق شيخ المدربين الأتراك في إمكانيات توران، كقائد محنك في منطقة العمليات لا يشق له غبار، متجاوزا المزاج المتقلب لمشاغب إسطنبول، وتخطيه حاجز الـ32 عاما، إلا أن رغبة مدرب جالاتا سراي في الاستعانة بعناصر الخبرة في معترك دوري الأبطال الموسم المقبل، جعل أردا خيارا مثاليا في كتيبة تريم، خاصة وأنه يمتلك مفاتيح اللاعب ويعرف كيف يوجه بوصلته جيدا.
دوافع كتالونية
رغبة جالاتا سراى تتفق مع تطلعات فريق برشلونة في التخلي عن عقد توران في الميركاتو الجاري، من أجل الاستفادة ماديا من بيع اللاعب الذي كلف النادي أموالا طائلة دون جدوى، وتجنب رحيله الصيف المقبل مجانا.
وكشفت صحيفة «موندو ديبورتيفو»، مطلع الأسبوع الجاري، أن برشلونة لن يمانع في رحيل متوسط ميدانه التركي، والذي يرتبط بعقد مع البلوجرانا حتى يونيو 2021، ويرغب في استثمار رغبة فاتح تريم في إعادة توران إلى جالاتا سراي، من أجل تعويض القليل من الأموال التي تكبدتها خزينة النادي في استقدام اللاعب من مدريد.
ولم يترك برشلونة الوقت يمر دون أن يتحرك في اتجاه بيع اللاعب، وإلقاء حجر في المياه الراكدة، خاصة في ظل حاجة بطل الليجا إلى أموال لمواصلة الميركاتو المجنون، والذي كلف النادي حتى الآن قرابة 200 مليون يورو، من أجل ضم الفرنسي أنطوان جريزمان، والهولندي دي يونج، مع مساعٍ حثيثة لضم مدافع أياكس أمستردام الواعد دي ليخت.
وقرر البارسا مراجعة نادي باشاك شهير من أجل حسم موقفه من التعاقد مع توران، خاصة وأن النادي التركي يمتلك أولوية شراء اللاعب بموجب عقد الإعارة، وهي فرصة مواتية لزيادة قيمة أردا، خاصة بعدما عجز البارسا عن تسويقه في السنوات الماضية.
الفرصة الأخيرة
توران صاحب الـ32 عامًا يدرك أنه على أعتاب الفرصة الأخيرة في مسيرته، لمحو الصورة الذهنية السلبية التي ترسخت في أذهان الأنصار بالآونة الأخيرة، والتي عصفت خلالها المشاكل بمشوار اللاعب، وكلفته خوض 27 مباراة فقط الموسم الماضي، بسبب العقوبة القاسية التي تعرض لها.
ويمتلك توران حنينا جارفا ناحية جالاتا سراي، بعدما بدأ مسيرته الاحترافية بين أروقة الأحمر والأصفر، وقضى معه 6 مواسم ناجحة، حزم بعدها حقائبه صوب التوهج رفقة أتلتيكو مدريد صيف 2011.
ولن يجد توران فرصة مثل التي منحاها إياه فاتح تريم للخروج من النفق المظلم، خاصة وأن الأقدار جاءت رحيمة بما يكفي للاعب التركي بعد كل ما فعل الموسم الماضي، والذي كان كفيلا بصرف الأنظار عنه تجنبا للمشاكل التي تلاحقه كلما حل وارتحل.
ومر توران بفترة عصيبة في مسيرته الكروية، بعد العقوبة القاسية، التي طالته في مباراة باشاك شهير أمام سيفاسبور في الجولة الـ32 من الدوري المحلي، وانتهت بالتعادل 1-1، بعدما تعدى على حكم الراية بسبب عدم احتسابه خطأ لصالحه، في الدقيقة الأخيرة من اللقاء.
فشل توران في كبح جماح غضبه، كلفه تلقى البطاقة الحمراء المباشرة، غير أنّ الأمر لم يتوقف عند حدود الطرد، ليقرر الاتحاد التركي إيقافه 16 مباراة، تم تخفيضها فيما بعد إلى 10 فقط بعد الاستئناف.
الملهي الليلي
عقوبة مباراة سيفاسبور لم تكن أكثر قسوة من موقعة «الملهي الليلي»، في حقبة سيطر خلالها على عنوان الصحف ليس لتألقه المعتاد داخل الملعب، وإنما لتهوره خارجه، بعدما دخل في مشاجرة أسفرت عن كسر أنف المطرب بيركاي شاهين.
وعلى الرغم من نفي اللاعب لتفاصيل الواقعة على النحو الذي تناولته وسائل الإعلام، إلا أن توران وجد نفسه مهددًا بالسجن لـ12 عامًا ونصف، على خلفية اتهامات بالتحرش والحيازة غير المشروعة للأسلحة والاعتداء المتعمد الذي نتج عنه إصابات.
توران ورغم الأزمات يبقى أحد أبرز اللاعبين في تاريخ الكرة التركية، في مسيرة وقع خلالها على 100 مباراة دولية، مسجلا 16 هدفا وصنع 25 أخرين، وقاد نجوم الهلال إلى المربع الذهبي في يورو 2008، كما تربع على قمة أفضل اللاعبين الأتراك في أربع مناسبات أعوام، 2008، 2009، 2014، 2015، وحصد كافة الألقاب في تركيا وإسبانيا بقمصان جالاتا سراي وأتلتيكو وبرشلونة، بواقع 13 لقبا، بينها الدوري الأوروبي «يوروباليج» بقميص الأتليتي عام 2012، والسوبر القاري مرتين.
ومع دخول مسيرته الكروية المنعطف الأخير، بات على توران التمسك بالفرصة التي منحها له القدر، حال إتمام صفقة انتقاله إلى جالاتا سراي، من أجل البحث عن أفضل ختام ممكن لمسيرة متقلبة لصانع ألعاب فذ، كان في إمكانه بالتأكيد أفضل مما كان، وباتت الكرة الآن في ملعبه، لاستعادة البريق المفقود قبل أن يعلق الحذاء.