التاريخ يكتبه المنتصرون.. ولطالما كانت معركة التاريخ من أشد المعارك الصامتة تأثيراً في حاضر ومستقبل شعوب شتى.
ولأن تاريخ الدولة العثمانية، مشوب بالعديد من المغالطات، التي تسللت إثر الحرب الثقافية والتاريخية المعاصرة إلى العقول، وجدت تركيا نفسها مسؤولة عن تصحيح هذه المفاهيم، ونشرها بشكل أو بآخر.
لقد تمكنت تركيا خلال الأعوام السابقة، من استخدام أدوات القوة الناعمة التي تمتلكها على عدة مستويات.. سياسية، ودبلوماسية، وثقافية، وإعلامية، لتساهم تلك الأدوات وعلى رأسها “الدراما التركية” من إحداث تأثير قوي في عمق المجتمعات المحيطة بها.
هذا الأثر الذي أحدثته الدراما التركية في مشاعر مواطني الدول الأخرى وبالأخص عندما نتحدث عن المجتمع العربي، دفع ببعض الجهات إلى محاربة انتشار هذه المسلسلات تمريراً لأغراض سياسية، من خلال إيقاف عرضها على الشاشات العربية.
ونظراً لما أحدثته الدراما من تأثير كبير ونسبة مشاهدات مرتفعة في الدول العربية ودول البلقان وإيران وغيرها.. وجد القائمون على صناعة الدراما التركية، مفتاحاً لإعادة إحياء الملاحم التاريخية، من خلال التركيز على صناعة ومضاعفة إنتاج المسلسلات الوطنية والتاريخية التي تحاكي شخصيات لها مكانة كبرى في ماضي وحاضر ومستقبل الأمة التركية.
وحققت المسلسلات التاريخية التركية كمسلسل أرطغرل، والسلطان عبدالحميد، نسبة مشاهدة عالية في العالم العربي.
إذ بلغت نسبة المشاهدة لحلقات مسلسل أرطغرل في العالم العربي حوالي 200 مليون مشاهدة، حيث تأتي السعودية على أكثر البلاد العربية بنسبة 600 ألف مشاهد؛ يليها الكويت بـ 400 ألف، ثم مصر الجزائر والمغرب وقطر.
بالإضافة إلى ذلك، تم رصد العديد من الحالات الطريفة لتفاعل متابعي المسلسل مع أحداثه عقب نهاية كل حلقة، والتي أكدت مدى تأثيره في وعي المشاهد، كقيام مواطن كويتي بوضع نعي على لافتة كبيرة معزياً في وفاة إحدى شخصيات المسلسل يدعى “بامسي” في مدينة الجهراء (شرق العاصمة الكويت)؛ وكتب عليها “عزاء قبيلة الكايه.. توفى إلى رحمة الله تعالى بامسي.. أرطغرل.. وأشهد الله أنك فقيده يا بامسي”.
على صعيد متصل، واجه مواطن مصري تهماً تتعلق بتمويل الإرهاب، بعد قيامه بافتتاح مطعم تحت اسم “أرطغرل” في العاصمة المصرية القاهرة.
ويرى متابعون أن المسلسلات التاريخية كمسلسل أرطغرل ومسلسل السلطان عبدالحميد وغيرها، ساهمت في تصحيح بعض المفاهيم المغلوطة في عقل المواطن العربي عن تاريخ الدولة العثمانية، كما أسست لرابطة قوية بين المتابع العربي وتركيا؛ استفادت منها الحكومة التركية من خلال تنشيط قطاعات اقتصادية وسياحية في البلاد.