- كان الإهتمام بمنطقة الحجاز أيام الدولة العثمانية، من السمات التي حافظ عليها كل السلاطيين العثمانيين، نظراً لاحتوائها على أقدس منطقتين في العالم، مكة المكرمة، والمدينة المنورة.
يبدأ الإعداد لقافلة الحج قبل 3 أشهر من بداية موسم الحج، ويولي السلطان العثماني لهذا الأمر اهتماماً زائداً، يكلف الباب العالي لجنة خاصة رفيعة المستوى ترتبط مباشرة بالصدر الأعظم “رئيس الوزراء”، مهمتها متابعة أمور المحامل في الأقاليم الإسلامية والإيعاز لولاة البلدان بتلبية طلبات واحتياجات المحامل وتوفير الأمان لها، وتسهيل أمور القائمين عليها.
- وتبدأ مراسم الحج في اليوم الأول لعيد الفطر في دمشق، وتسمى “مراسم الزيت والشمع والمحمل”، حيث تصطف الفرق العسكرية أمام المسجد الأموي، وتؤدي التحية لوالي المدينة وقائدها العسكري، وبعض كبار الموظفين، وبعد الانتهاء تجرى حفلة إخراج الشموع والزيوت المهيأة لإرسالها مع موكب الحج إلى الحرمين الشريفين.
- في “يوم الزيت” وهو الثاني من شوال كل عام، يتم الاحتفال بنقل الزيت من “كفر سوسة” أحد ضواحي دمشق في الماضي، ضمن ظروف، على ظهور الإبل حتى “الكيلار” في منطقة البحصة، وهو المستودع الخاص بأدوات محمل الحج.
- في اليوم الثالث من شوال (يوم الشمع) ينقل الشمع باحتفال رسمي، مع ماء الورد والملبّس، محمولاً على أعناق الرجال وملفوفًا بشال من “الكشمير” لإهدائه إلى الحرمين.
- وفي يوم السنجق، يُتم إخراج السنجق الشريف وهو عبارة عن قطعة من القماش المتين، كتب عليه بالخيوط الذهبية الآيات القرآنية، من القلعة حيث يُحتفظ به، وينقل باحتفال مهيب إلى دائرة المشيرية، ليستقبله المُشير ويضعه في قصره.
- اليوم الرابع من هذه المراسم، هو (يوم المحمل)، حيث يخرج موكب الحج الشريف مع المحمل والسنجق إلى حي الميدان، ثم باب مصر، ومنه إلى قرية القدم التي فيها قبة جامع “العسالي”، وتحت هذه القبة، يوضع المحمل نحو عشرة أيام في مكان تجمع الحجاج للسفر إلى الحجاز.
أهم قوافل الحج أيام العثمانيين
- قافلة الحج الشامي: وتضم حجاج بلاد الشام والجزيرة وأذربيجان والقوقاز والقرم والأناضول والبلقان، وحجاج إسطنبول نفسها، وكان عددها يتراوح ما بين ثلاثين وخمسين ألفًا، وقد كان السلطان العثماني يشرف بنفسه على ترتيب وإعداد هذه القافلة وخروجها من مدينة إسطنبول.
- قافلة الحج المصري: وتضم حجيج مصر وشمال أفريقيا، وكانت من أهم القوافل خلال العصر العثماني، حيث كانت تضم المحمل المصري وكسوة الكعبة المشرفة الجديدة. وكانت تتحرك من القاهرة خلال الأسبوع الأخير من شوال من كل عام، وسط احتفالات عظيمة تتم تحت إشراف الوالي نفسه. وتقطع المسافة في 37 يوما، سالكة طريق السويس وسيناء والعقبة ثم تلتقي في بعض الطرق مع قوافل الحج الشامي، وفي بعض السنوات كانت تستقل السفن من السويس إلى جدة، أو من الموانيء المصرية الأخرى المواجهة لجدة.
- قافلة الحج العراقي: وتضم حجاج العراق وفارس، وتسلك الطريق الذي يعبر جزيرة العرب نفسها. وكان كثير من حجاج فارس والخليج العربي واليمن يفضلون طريق البحر والسفن البحرية.
- قافلة الحج اليمني: وتضم حجيج اليمن والهند وماليزيا وأندونيسيا، وينضم إليهم حجاج الحبشة والصومال والأفارقة الذين يصلون إلى مصوع وسواكن وموانيء اليمن.
- لحماية طرق هذه القوافل كانت الدولة العثمانية تقيم الحصون والقلاع والمخافر على طول الطرق، وتوفر لها القوات التي تقوم بالحراسة وكسر شوكة قطاع الطرق والبدو والخارجين عليها.