
السيسي.. الانقلابي الذي وصل إلى السلطة فوق بركة من الدماء
لم يكن وصول الرئيس المصري الحالي عبد الفتاح السيسي، وليد تجربة ديمقراطية أو شعبية، فالرئيس الذي يواجه اليوم موجة غضب شعبي بعد 6 أعوام من حكمه، كان قد وصل إلى سدة الحكم عبر انقلاب عسكري على السلطة الشرعية المنتخبة في مصر والتي كانت تتمثل بالرئيس المصري الراحل محمد مرسي.
تسلسل زمني لانقلاب السيسي على الديمقراطية
- تولى السيسي خلال فترة حكم الرئيس الراحل محمد مرسي، منصب رئيس المخابرات الحربية والاستطلاع، قبل أن يصدر مرسي قرارا بترقيته من رتبة لواء إلى رتبة فريق أول، وتعيينه وزيرا للدفاع وقائدا عاما للقوات المسلحة، خلفا للمشير محمد حسين طنطاوي في 12 آب/أغسطس 2012.
- اعتبر تعيين السيسي وزيرا للدفاع، نقطة تحول كبرى في المشهد المصري، حيث بدأ نجم السيسي بالصعود، وأسست هذه المرحلة لما تلاها من مخططات للإطاحة بمرسي والديمقراطية في مصر.
- قبيل 30 يونيو/حزيران 2013، ضجت وسائل الإعلام المصرية بحملة غير مسبوقة تحريضا على مرسي، رافقها ظهور عدد من الشخصيات المغمورة، التي لم يكن لديها أي ظهور سابق، أو مشاركة سياسية مسبقة، بهدف الضغط على مرسي، حيث بلغت الضغوط التي تعرض لها الرئيس الراحل ذروتها، وكان ذلك بدعم ومباركة مباشرة من الجيش المصري، الذي حرض بعض فئات الشعب على التظاهر ضد حكم مرسي في ما أسماها “ثورة 30 يونيو”.
- ردت على هذه المظاهرات حشود كبيرة من المصريين، من خلال تنظيم اعتصامات مؤيدة لمرسي في عدة ميادين بالمحافظات المصرية، كان أشهرها اعتصامي ميداني رابعة العدوية في القاهرة، والنهضة في الجيزة، اللذين استمرا إلى ما بعد الانقلاب العسكري.
- قسّمت هذه المؤشرات مصر إلى معسكرين رئيسيين، الأول جمع ما اصطلح على تسميتهم “فلول نظام مبارك” وأنصار “الثورة المضادة”، والمعسكر الثاني حمل لواء الدفاع عن الديمقراطية والشرعية في مصر، المستمدة من أول انتخابات ديمقراطية في مصر الحديثة، انتخب الشعب بها أول رئيس مدني بعد ثورة شعبية.
- مساء 1 تموز/يوليو 2013، ألقى الرئيس الراحل محمد مرسي خطابا لساعتين ونصف الساعة دافع فيه عن شرعيته، ودعا للحوار وتشكيل لجنة لتعديل الدستور والمصالحة الوطنية، لكن المعارضة رفضت الاستجابة لدعوته.
- أعقب ذلك بيان للسيسي أمهل فيه القوى السياسية 48 ساعة لـ”تحمل أعباء الظرف التاريخي، وإذا لم تتحقق مطالب الشعب خلال هذه المدة فإن القوات المسلحة ستعلن عن خريطة مستقبل وإجراءات تشرف على تنفيذها”، على حد تعبيره.
- وفي الساعات الأولى من يوم الثلاثاء 2 يوليو/تموز 2013 أصدرت الرئاسة بيانا قالت فيه إنها “ترى أن بعض العبارات الواردة في بيان الجيش، تحمل من الدلالات ما يمكن أن يتسبب في حدوث إرباك للمشهد الوطني المركب”.
- في 3 تموز/ يوليو 2013 انقلب عبد الفتاح السيسي على الرئيس محمد مرسي، وأعلن عزله واحتجازه في مكان غير معلوم، وعطّل العمل بالدستور، وصدرت أوامر باعتقال المئات من أعضاء جماعة الإخوان المسلمين أحيلوا لاحقا إلى المحاكمة، وصدرت أحكام بإعدام العديد منهم، دون أدلة قاطعة.
أبرز التطورات منذ الانقلاب
– 8 تموز/يوليو: سقوط 57 قتيلا و480 جريحًا، بالمجزرة التي ارتكبها الحرس الجمهوري في ميدان رابعة.
– 24 تموز/يوليو: السيسي يطالب الشعب المصري بتحمل مسؤولياته والنزول يوم الجمعة التالية إلى الشوارع، لتفويضه في مواجهة ما سماه “الإرهاب المحتمل”.
– 26 يوليو/تموز: مظاهرات حاشدة لمؤيدي الرئيس المعزول مطالبين بعودته، فضلا عن مظاهرات مؤيدة للسيسي.
– 27 تموز/يوليو: مقتل 81 من مؤيدي مرسي على يد قوات الجيش والشرطة ومسلحين يرتدون ملابس مدنية، وذلك خلال أحداث المنصة التي وقعت قرب اعتصام رابعة.
– 1 آب/أغسطس: وزير الخارجية الأميركي جون كيري، يدعم الانقلاب معلنا أنّ “تدخل العسكر في مصر كان بطلب من ملايين المصريين لمنع انزلاق البلاد نحو العنف، ولم يكن انقلابا عسكريا”.
– 14 آب/أغسطس: قوات الأمن والجيش تفض بالقوة اعتصامي ميداني رابعة والنهضة بالقاهرة، لتُسقط المواجهات التي اتسع نطاقها إلى سائر أنحاء البلاد ألفين و200 قتيل وأكثر من عشرة آلاف جريح.
– 16آب/أغسطس: مقتل 200 شخص واعتقال أكثر من ألف خلال مظاهرات معارضي الانقلاب فيما يسمى “أحداث مسجد الفتح”.
حالة قمع غير مسبوقة
أعقب الانقلاب العسكري في مصر بقيادة عبد الفتاح السيسي، حالة قمع غير مسبوقة شهدتها البلاد، من خلال فرض القبضة الأمنية على جميع مفاصل الحياة المدنية داخل مصر، الأمر الذي أدى إلى ازدياد الانتهاكات لحقوق الإنسان، من خلال القتل والاعتقال التعسفي، والاخفاء القسري، وقرارات الإعدام الجماعية، والمحاكمات الصورية، والتضييق على الحريات الصحفية واعتقال عدد كبير من الصحفيين وفصل عدد منهم من وظائفهم، إلى جانب إغلاق عدد من القنوات الفضائية والصحف، حيث بلغ عدد الصحفيين المحبوسين 19 صحفيا.
كما كانت مذبحتي ميداني رابعة والنهضة من أكثر مجازر القتل الجماعي دموية في تاريخ مصر الحديث.
وشهد عهد عبد الفتاح السيسي ارتفاعا ملحوظا في أعداد المحكوم عليهم بالإعدام حيث ارتفع العدد من 109 عام 2013، إلى 509 عام 2014.
في أيلول/سبتمبر 2014 استنكرت منظمة “هيومان رايتس ووتش” تردي حقوق الإنسان في مصر تحت حكم السيسي، حيث انتقدت “وجود الحملات القمعية المستمرة على الحريات الأساسية، بما فيها الحريات الضرورية للديمقراطية، وسجن المعارضين السياسيين على نطاق واسع، وأحكام الإعدام الجماعية، وغياب المحاسبة على مقتل أكثر من ألف متظاهر بأيدي قوات الأمن في تموز/يوليو وآب/أغسطس 2013”.
ترشح السيسي للرئاسة
في 26 آذار/مارس 2014، أعلن السيسي استقالته رسميا من منصبه كوزير للدفاع وترشيح نفسه لانتخابات رئاسة الجمهورية في مصر التي كانت مقررة في أيار/مايو 2014.
جرت انتخابات 2014 في ظل غياب للمنافسة، وتأثر الانتخابات بالمناخ القمعي التي شهدته البلاد منذ الانقلاب، في عزل تام للأجواء الديمقراطية، إذ انحصرت المنافسة بين السيسي والمرشح الأسبق حمدين صباحي، الذي اعتبره مراقبون مجرد مؤدٍ لدور وظيفي فيما أسموها “مسرحية الانتخابات الهزلية”.
وأسفرت الانتخابات عن فوز السيسي بنسبة 96.9% من الأصوات مقابل 3.9% لصباحي.
تعديل الدستور.. السيسي للأبد
في نيسان/أبريل 2019، وافق البرلمان المصري على مشروع تعديلات دستورية، تسمح بتمديد ولاية السيسي حتى عام 2034، وتوسع صلاحياته التشريعية والتنفيذية، كما توسع من سيطرته على السلطة القضائية، وتضع هذه التعديلات الجيش “فوق الدولة بصفته حاميا للدستور ومدنية الدولة”.
يذكر أن الولاية الأولى للسيسي كانت بين عامي 2014 و2018، فيما كانت الولاية الثانية بين عامي 2018 و2022، قبل أن يتم تعديل الدستور لتستمر الولاية الحالية حتى 2024.
فيما أتاح الدستور الجديد تمديد دورة الرئاسة إلى 6 سنوات بدل 4، مع الإبقاء على عدم جواز انتخاب الرئيس لأكثر من دورتين متتاليتين، كما تضمن مادة انتقالية تتيح للسيسي فقط بصفته رئيس البلاد الحالي الترشح مجددا بعد انتهاء دورته الثانية الحالية لفترتين جديدتين مدة كل منهما 6 سنوات، وهو ما يعني إمكانية استمراره في الحكم حتى عام 2034.