تقاريرمميز

أزمة سد النهضة.. هل تأتي تركيا بالحل؟ (تقرير)

ما هي احتمالات نجاح تركيا بتذليل الخلافات بين مصر وإثيوبيا والسودان؟

بينما تستمر المحادثات التركية المصرية، برزت تركيا بشكل واضح على خط ملفّ رئيسي، ألا وهو ملف سدّ النهضة الخلافيّ بين إثيوبيا من جهة، ومصر والسودان من جهةٍ ثانية.

فهل تستطيع تركيا أن تلعب دوراً إيجابياً بين هذه الأطراف، أو دوراً وسيطاً يساهم بتوصّل البلدان الثلاثة إلى اتفاقٍ مقبول؟

في حديث لـ”وكالة أنباء تركيا”، رأى أستاذ العلاقات الدولية رائد المصري أن “تركيا قادرة على النجاح بلعب دور الوسيط في ملف سدّ النهضة إذا كانت هناك علاقات متينة وقوية ومبنية على الثقة بين تركيا ومصر إلى جانب تقوية العلاقات التركية الإثيوبية”.

ولفت إلى أنه “حتى الآن هذه العلاقات تترنّح صعوداً وهبوطاً وبالتالي لم تستقر على مسار ثابت على مستوى الإقليم وعلى مستوى التفاهمات”.

وأضاف أن “هناك خطوات تركية جدّية حيال توثيق هذه العلاقات مع القاهرة، لكن ظروف وتطورات الأحداث الاستراتيجية المتسارعة على مستوى المنطقة جعل هذه العلاقة تترنّح بين الفينة والأخرى”.

وقال المصري “لا بد من أن تقوم تركيا بهذا الدور الوازن حول ملف سد النهضة لأنه ملفٌّ حيويّ وخطير في الوقت نفسه ويعطي القوة لتركيا إذا ما نجحت به، وعليها أن تستمرّ في هذا المجال”.

من جانبه، أعرب أستاذ العلاقات الدولية جمال واكيم في حديث لـ”وكالة أنباء تركيا”، عن اعتقاده أن “تركيا يمكن أن تلعب دوراً فيما يتعلّق بملف سد النهضة، خاصةً في ظل انفراج العلاقات بينها وبين مصر إلى حدٍّ كبير”.

ورأى أنه “يمكن لتركيا أن تلعب هذا الدور بحكم أن لها علاقات طيبة بالأساس مع إثيوبيا، وهي كانت (فلنقُل) قد استفادت إلى حدٍّ ما من الضغوط التي مارستها إثيوبيا على السودان ومصر في زمن الخصومة المصرية التركية”.

وأضاف “يمكن لها (تركيا) أن تبادل ملفات، بمعنى أن تساهم في حلّ أزمة سدّ النهضة بمقابل أن تنال حصةً من النفوذ في منطقة شرقي المتوسط، ونعلم أن هنالك صراعٌ جارٍ الآن بين مصر والسعودية والإمارات وفرنسا من جهة ومعهم اليونان، في مواجهة تركيا”.

وخلص واكيم أنه “بناء عليه من الممكن أن يحصل تبادل منافع في مناطق استراتيجية مختلفة”.

أما المحلل السياسي يوسف كاتب أوغلو فقال لـ”وكالة أنباء تركيا” إن “تركيا لاعبٌ إقليمي متنامٍ ومهمّ بالمنطقة، وهي حريصة على أن يكون هناك أمن واستقرار إقليميّ في دول الجوار.

وقال إن “تركيا حريصة على لعب دور بنّاء وفعّال بفضل علاقاتها المتميزة مع إثيوبيا والسودان، وهي الآن تحاول من خلال فتح قنوات الحوار مع المسؤولين في مصر أيضاً أن يكون لها دورٌ إيجابيّ في حلّ المشاكل من خلال السياسة والدبلوماسية التركية التي لها وزنٌ إقليميٌّ لا يستهان به”.

ومن هنا رأى كاتب أوغلو أن “تركيا مستعدة للعب دورٍ بناء وأن تكون وسيطاً بما يتناسب مع تحقيق المصالح العادلة لجميع الأطراف. سواء بالنسبة إلى التحاصص أو التدارك وإنهاء أيّ قلقٍ يهدّد الأمن المائيّ للدول كمصر والسودان، وأن يكون هناك تفاهمٌ وتقاربٌ وربما اتفاقات دائمة تنعكس بشكل إيجابيّ على هذه الدول”.

وأوضح أن “تركيا ما تزال لها، بثقلها الاستراتيجي السياسي والدبلوماسي، وساطاتُها في حلّ أزمات المنطقة.. إذ نجد أن تركيا كان لها دورٌ إيجابيٌّ فعّال في حلّ مشكلة قطر مع جيرانها السعودية والإمارات، ولديها دور فعّال في حل مشكلة ليبيا مع مصر، والآن هي مستعدة للعب دورٍ أساسيّ ونزيه في حلّ الخلافات بين كلٍّ من مصر والسودان من طرف وإثيوبيا من طرفٍ آخر”.

وخلص كاتب أوغلو إلى القول “بالتالي، نعم، تركيا موجودة وبقوة، ومستعدة للعب هذا الدور وستكون هناك نتائج إيجابية إذا ما تمّ اعتمادها من جميع الأطراف”.

وكان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قد عرض وساطة تركيا لحل النزاع ودّياً بين إثيوبيا والسودان بشأن منطقة الفشقة، خلال زيارة رئيس وزراء إثيوبيا آبي أحمد علي لتركيا مطلع الأسبوع الماضي.

من جانبه، قال آبي أحمد في تصريحات من العاصمة التركية أنقرة “نولي أهمية كبيرة لصداقتنا وشراكتنا مع تركيا، فهي دولة تتمتع بنفوذ دوليّ ولها دور في هيكلة العلاقات العالمية”.

وتعد الفشقة منطقة حدودية بين السودان وإثيوبيا، ويرجع تاريخ الخلاف عليها بين البلدين إلى الحقبة الاستعمارية، وقد تصاعد مؤخراً بسبب بناء إثيوبيا سدّ النهضة.

زر الذهاب إلى الأعلى