أمناقتصادتقارير

تركيا والعراق.. علاقات أمنية واقتصادية تفرضها الجغرافيا والمصالح المشتركة (تقرير)

تلعب العوامل الاقتصادية دورا مهما في تحديد طبيعة العلاقات التركية العراقية

تربط تركيا والعراق علاقات تجارية واقتصادية واستراتيجية هامة، وينسق البلدان على مختلف الأصعدة وخاصة التجارية والاقتصادية والأمنية، باعتبار أنهما يتمتعان بخصائص جيوستراتيجية تأتي من الموقع الجغرافي الاستراتيجي لهما إضافة إلى المشتركات الجيوبوليتكية والثقافية.

وتلعب العوامل الاقتصادية دورا مهما في تحديد طبيعة العلاقات التركية العراقية، حيث الحاجة المتبادلة بين الدولتين، إذ تشكل تركيا بالنسبة للعراق مدخلا حيويا لوارداته التجارية ودخول مختلف أنواع البضائع والسلع إلى أسواقه، فضلا عن كونها منفذا لتصدير نفطه بواسطة الأنابيب التي تصل إلى الموانئ التركية.

أما تركيا فتدرك ضرورة تواجدها في الساحة العراقية التي تتطلب المزيد من الشركات للعمل في مجال الاعمار والاستثمار ولاسيما في إطار مكافحة التنظيمات الإرهابية وعلى رأسها PKK و”داعش” الإرهابيين.

تعاون أمني اقتصادي

في 28 آب/أغسطس 2021، أعلن وزير الدفاع العراقي جمعة عناد، عن رغبة بلاده بشراء مسيرات تركية محلية الصنع من طراز “بيرقدار تي بي 2” ومروحيات وأسلحة متطورة تنتجها تركيا.

وأشار الوزير العراقي إلى أن “العراق طلب من تركيا تحضير عروض وعقود لحيازة طائرات (بيرقدار تي بي 2) و مروحيات (أتاك 1) وأنظمة مضادة للطائرات بدون طيار”.

وأوضح أن “المسيرات تمتلك فعالية ليلية خاصة في إطار مواجهة (داعش) الإرهابي”، موضحا أن “الجيش العراقي يفتقد لهذه الميزة”.

فيما أجرى رئيس مؤسسة الصناعات الدفاعية التركية إسماعيل دمير، زيارة إلى العراق، مطلع تشرين الأول/أكتوبر 2021، التقى فيها رئيس هيئة التصنيع الحربي العراقي محمد الدراجي، حيث تمخضت الزيارة عن توقيع اتفاقية تعاون بمجال الصناعات الدفاعية، تشمل إنتاج أنظمة طيران وأسلحة مختلفة، وذلك في إطار تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين.

وفي هذا السياق، قال الباحث الأكاديمي والمحلل السياسي كاظم ياور، في تصريح لـ”وكالة أنباء تركيا”، إن “لدى العراق وتركيا حدود مشتركة طويلة، ومصالح اقتصادية كبيرة، إذ يعتمد العراق بنسبة تصل إلى 90% باقتصاده الخارجي في بيع الطاقة والبترول والاستيراد على تركيا كمعبر للنشاط الاقتصادي”.

وأضاف ياور أن “تركيا شهدت ثورة صناعية في مجال الصناعات الدفاعية بعد أن تم استخدام منتجاتها خاصة المسيرات في العديد من الجبهات مثل شمالي العراق وسوريا، التي تم فيها استهداف إرهابيين”.

ولفت ياور إلى أن “وجود تنظيمات إرهابية على الحدود بين البلدين يسبب مشاكل أمنية لدى البلدين، والقضاء عليها يخلق بيئة آمنة لتوسيع العلاقات الاقتصادية بينهما”.

وأكد أن “العراق لا يملك سوى إجراء مزيد من الاتفاقيات مع تركيا لحل المشاكل العالقة بين البلدين، والأمر نفسه بالنسبة لباقي دول المنطقة”.

وحول التعاون بين البلدين في مجال الصناعات الدفاعية، قال ياور إن “العراق يحتاج إلى تعاون عسكري وثيق مع تركيا لتعزيز أمنه واقتصاده.. خاصة أن تنظيمات (داعش) وPKK الإرهابية تحاول استهداف أمن واستقرار العراق ودول جواره”.

ولفت إلى أن “العراق لديه مشاكل داخلية وتدخلات تعرقل الاستفادة من الصناعات الدفاعية التركية، خاصة أنه طلب تزويده بمسيرات تركية وأسلحة أخرى”.

ورأى ياور أنه “لا بد أن تعقد تركيا والعراق اتفاقيات أمنية تحمي حقوق تركيا، إذا ما تم استغلال قدرات الصناعات الدفاعية التركية من قبل دولة ثالثة، في حال اشترت العراق أسلحة تركية”.

وتابع “كذلك بإمكان البلدين التنسيق في العديد من الملفات وفي مقدمتها الملف الأمني الذي إذا ما تم حله سيعود بالفائدة على الملفات الاقتصادية والسياسية”.

أبعاد جديدة للعلاقات بين البلدين

على الرغم من وجود بعض المشاكل العالقة بين تركيا والعراق، إلا أن حجم التبادل التجاري بينهما يبلغ 17 مليار دولار، ويطمحان لرفعه إلى 20 مليارا خلال الفترة المقبلة.

وكان رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي أجرى زيارة إلى تركيا في كانون الأول/ديسمبر 2020، التقى خلالها عددا من المسؤولين الأتراك وعلى رأسهم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.

واتفق البلدان، خلال الزيارة، على تعزيز العلاقات بين البلدين على مختلف الأصعدة ولا سيما التجارة والاقتصاد والاستثمار.

وفي هذا الصدد، قال أستاذ العلاقات الدولية في جامعة بغداد، جاسم الحريري، إنه “في أدب العلاقات الدولية هناك قانون ثابت ومعروف، يفيد بأنه لا توجد صداقات دائمة ولا توجد عداوات دائمة، بل توجد مصالح دائمة وهذا القانون يمكن تطبيقه في سياق العلاقات العراقية التركية”.

وأضاف الحريري في تصريح لـ”وكالة أنباء تركيا”، أن “العلاقات التركية العراقية أخذت إطارا جديدا عبر تنظيم مجالات التعاون بينهما”، موضحا أن “التطور المهم في هذا المجال زيارة وزير التجارة التركي محمد موش، إلى بغداد في شهر آب الماضي، ولقاءه نظيره العراقي علاء الجبوري، حيث اتفقا على تشكيل لجان مشتركة لحل القضايا الخلافية وإيجاد رؤية مشتركة تسهم في تطور العلاقات بين البلدين”.

وأوضح الحريري أن “اللافت للنظر أن تركيا تريد أن تتغلغل داخل القطاع الخاص العراقي وتساهم معه في إيجاد فرص للتعاون كما أكد ذلك الوزير التركي لتأسيس ما قال إنه (مشاريع مشتركة)”.

وأشار الحريري إلى أن “المستقبل القريب لإطار العلاقات التركية العراقية يجري في ظل سعي العراق لتوثيق علاقاته العسكرية مع تركيا وسعي الأخيرة لتطوير حجم صادراتها إلى العراق إلى رقم يتجاوز 20 مليار دولار”.

وبيّن أن “الطرفين يدافعان عن الملفات الساخنة التي تهمهما، فتركيا لازالت تمارس عملياتها العسكرية داخل إقليم كردستان العراق ضد PKK، وفي الوقت نفسه تريد لها حضورا في الأسواق العراقية”.

وتابع “والعراق يحاول أن يدافع عن ملفاته مع تركيا ولعل الملف المائي من أبرز الملفات”، مشيرا إلى “وجود ضوء لتمرير مذكرة التفاهم بين العراق وتركيا الموقعة عام 2014، في البرلمان التركي مستقبلا، ليكون بموجبها نهري دجلة والفرات من الأنهار المشتركة بين الدولتين”.

ومن المؤمل أن تشهد حجم التجارة بين البلدين تطورًا ملحوظًا بسبب رغبة البلدين في تطويرها وتوسيعها، وتأتي هذه الرغبة المشتركة كناتج لحاجة البلدين لبعضهما البعض وكذلك لعلاقات حسن الجوار بينهما والمدعوم بالاحترام المتبادل مع بزوغ عصر جديد في العراق عقب تخلصه من إرهابيي “داعش” واستقراره الأمني والسياسي.

للاشتراك بقناة “وكالة أنباء تركيا” على تليغرام.. عبر الرابط التالي: https://t.me/tragency1

 

زر الذهاب إلى الأعلى