تقاريرهام

الاحتلال الإسرائيلي في فلسطين والميليشيات الإيرانية في سوريا.. أوجه عدة من الشبه والتشابه (تقرير)

لطالما كانت منطقة الشرق الأوسط ساحة للصراعات والنفوذ، حيث تتشابك المصالح الإقليمية والدولية، ومن بين الفاعلين البارزين في هذا المشهد الملتبس، الاحتلال الإسرائيلي في فلسطين والميليشيات الإيرانية في سوريا، اللذين يظهران أوجهًا عديدة من التشابه في الأساليب والأهداف رغم اختلاف الأيديولوجيات والمرجعيات.

ويعتمد الاحتلال الإسرائيلي سياسة استيطانية تهدف إلى السيطرة على أكبر مساحة ممكنة من الأراضي الفلسطينية، حيث يتجسد ذلك من خلال تهجير السكان الفلسطينيين الأصليين، وبناء المستوطنات، ومحاولة فرض واقع ديموغرافي جديد يخدم مشروعه الاستيطاني.

من جهتها، تسعى الميليشيات الإيرانية إلى تغيير التركيبة السكانية في سوريا، لا سيما في المناطق التي يسيطر عليها النظام السوري، حيث يتم ذلك عبر تهجير السكان الأصليين واستقدام عائلات موالية لإيران من خارج البلاد، بما يخدم أهدافها التوسعية، حسب مراقبين.

بدوره، يوظف الاحتلال الإسرائيلي النصوص التوراتية والأساطير الدينية لتبرير الاحتلال والسيطرة على الأرض الفلسطينية، تحت شعار “شعب الله المختار” وأسطورة “أرض الميعاد” هما ركيزتان في هذا السياق.

أمّا الميليشيات الإيرانية فتستغل الشعارات الطائفية والتحريضية، مستخدمة شعارات دينية لتبرير تدخلاتها في سوريا.

يعتمد الاحتلال الإسرائيلي على القصف العشوائي، والاغتيالات، والاعتقالات التعسفية، إضافة إلى الحصار الخانق لتحقيق أهدافه، في حين تمارس الميليشيات الإيرانية بدورها العنف الممنهج، بما في ذلك القصف العشوائي، واستخدام القوة المفرطة، وارتكاب المجازر، لدعم النظام السوري وتعزيز وجودها.

يسعى الاحتلال الإسرائيلي لأن يصبح قوة إقليمية مهيمنة، مستخدمًا القوة العسكرية والنفوذ السياسي لتحقيق مكاسب طويلة الأمد، في حين تمثل الميليشيات الإيرانية ذراعًا لمشروع إيران التوسعي، الذي يهدف إلى تعزيز النفوذ الإقليمي باستخدام سوريا كقاعدة استراتيجية.

محللون كثر يشيرون إلى أن شعوب المنطقة تقف موقفًا موحدًا ضد المشروعين الصهيوني والإيراني، فالممارسات الإيرانية التي تتخذ الدين غطاءً، مشابهة تمامًا لممارسات الاحتلال الإسرائيلي، وكلاهما يهدف إلى تفتيت هوية الأوطان وسلبها.

وحول ذلك، قال الكاتب والمحلل السياسي فراس السقال لـ”وكالة أنباء تركيا” إنه “لم تسلم بلادنا العربية منذ عقود من سرطان الاحتلالات والعدوان لاسيما بلاد الشام لما تحمله من مكانة ورمزية تاريخية وحضارية ودينية وثقافية متنوعة إضافة إلى موقعها الجغرافي المهم، وغنى أرضها بشتى أنواع الكنوز الباطنية. كلّ ذلك دعا قوى الاستعمار لغزو بلادنا، والتسلّط عليها، ونهب خيراتها، ونشر الفساد والدمار فيها، تمهيداً لعملية تغيير ديمغرافي يتماشى وسياسة المحتل الجديد، ومن تلك السرطانات التخريبية المحتلّ الصهيوني في أرض فلسطين، والمحتلّ الإيراني في سورية.

وأضاف السقال “هناك العديد من أوجه الشبه بين الصهيونية والرافضية الإيرانية: منها التغيير الديموغرافي: فالاحتلال الإسرائيلي يسعى إلى توسيع السيطرة على الأراضي الفلسطينية من خلال بناء المستوطنات وتهجير الفلسطينيين، ما يغيّر التركيبة الديموغرافية بشكل يخدم أهدافه الاستيطانية، والميليشيات الإيرانية كذلك تعمل على تغيير التركيبة السكانية في المناطق السورية التي يسيطر عليها النظام السوري المجرم – كما فعلت في العراق – من خلال تهجير أهل سورية الأصليين واستقدام عائلات مواليّة لها، ما يعزز وجودها وتأثيرها في البلاد”.

وتابع “ومن الناحية الدينية: فالاحتلال الإسرائيلي يستخدم الخطاب الديني التوراتي لتبرير سياساته الاستيطانية وربطها بأساطير وأكاذيب تاريخية ودينية مختلقة لا وجود لها، وكذلك الميليشيات الإيرانية تستغلّ الشعارات والمعتقدات الطائفية التحريضية وبعض الشخصيات الإسلامية لتعزيز نفوذها في سورية وخلق ولاءات جديدة لمشروعها”.

وأشار السقال إلى أنه “من الناحية الاستراتيجية: فالاحتلال الإسرائيلي يسعى إلى تثبيت وجوده كدولة ذات نفوذ إقليمي وتحقيق مكاسب سياسية وعسكرية طويلة الأمد، وللميليشيات الإيرانية نفس المطلب فهي تخدم أهداف إيران التوسعية الإقليمية، حيث تستخدم سورية كقاعدة لتحقيق نفوذ أكبر في المنطقة”.

وزاد موضحا أن “الاحتلال الإسرائيلي يعتمد على العنف الممنهج لتحقيق أهدافه، بما في ذلك الحصار، القصف، والاغتيالات، والاعتقالات التعسفية. وهذا ما رأيناه من الميليشيات الإيرانية فهي تعتمد على قوة السلاح، القصف العشوائي، والتدخل المباشر لتثبيت وجودها”.

وقال السقال أيضا إنه “مع أوجه التشابه هذه هناك وجه آخر متشابه ينتظر كلّ منهما ألا وهو الهزيمة النكراء والسحق المنتظر بإذن الله الذي سيلحق بهما عاجلاً غير آجل، ولربما قد بدأ فعلاً فهذا هو طوفان الأقصى ينكّل بالصهاينة المحتلّين وكذلك ردع العدوان يُعمّق قبور الرافضية الإيرانية المقيتة في سورية ويفتك بها”.

أما المنسق العام لمجلس القبائل والعشائر السورية مضر الأسعد لـ”وكالة أنباء تركيا”، إن “الاحتلال الإسرائيلي منذ عام 1948 وحتى يومنا هذا ارتكبت جرائم مروعة بحق الشعب الفلسطيني، وكذلك عملت على تهجير الشعب الفلسطيني من فلسطين وتجريف المئات من القرى والبلدات والأحياء وكذلك المدن وإزالتها عن سطح الكرة الأرضية وبناء مستوطنات جديدة تحت مسميات يهودية في فلسطين المحتلة”.

وأضاف الأسعد “بالمقابل، فإن الميليشيات الإيرانية ومنذ عام 2012 حتى يومنا هذا ارتكبت جرائم تفوق جرائم الاحتلال الإسرائيلي في فلسطين، فهي عمدت إلى افتعال جرائم يندى لها جبين الإنسانية في سوريا، وساهعمت في تهجير أكثر من 12 مليون نسمة من الشعب السوري مع نحو 4 مليون نازح يقيمون شمالي سوريا في المخيمات أو البلدات أو القرى هناك”.

وختم الأسعد قائلا إنه “كذلك ارتكبت الميليشيات الإيرانية جرائم مروعة بحق الفلسطينيين في المخيمات الفلسطينية داخل سوريا، سواء في حلب أو دمشق أو حمص”.

زر الذهاب إلى الأعلى