
في ظل الأزمة الإنسانية المتفاقمة التي مرّ بها قطاع غزة، برزت تركيا وقطر كدولتين رائدتين في تقديم الدعم الإنساني والسياسي للشعب الفلسطيني، حيث كانتا تعملان بشكل وثيق لتخفيف معاناة المدنيين ودعم حقوقهم المشروعة.
ومنذ بداية عدوان الاحتلال الإسرائيلي على غزة في 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023، سارعت تركيا وقطر إلى تقديم المساعدات الإنسانية والإغاثية بشكل متواصل.
وفي إطار الجهود المشتركة، أسست تركيا وقطر في العام الماضي لجنة مشتركة تضم المؤسسات ذات الصلة، بهدف تنسيق العمل الإنساني في المنطقة وإيصال المساعدات إلى غزة.
وقد أكد ياسين أكرم سريم، نائب وزير الخارجية التركي، في مقابلة مع قناة “الجزيرة”، أن هذه اللجنة تعمل على ضمان وصول المساعدات بشكل فعال إلى المحتاجين في القطاع، مضيفا أن تركيا وقطر تعملان على “القيام بدورهما خاصة من أجل التعافي السريع في غزة”.
وفي تموز/يوليو 2024، أطلقت تركيا وقطر مبادرة جديدة مشتركة لتنسيق إيصال المساعدات الإنسانية إلى سكان غزة.
كما اتخذت تركيا إجراءات صارمة ضد الاحتلال الإسرائيلي، حيث أعلنت وزارة التجارة التركية، مطلع أيار/مايو 2024، تعليق جميع المعاملات التجارية مع الاحتلال الإسرائيلي، وذلك بسبب “تفاقم المأساة الإنسانية” في الأراضي الفلسطينية.
وأكد وزير التجارة التركي، عمر بولات، أن هذا القرار سيستمر حتى يتم تأمين وقف إطلاق نار دائم في غزة وضمان تدفق المساعدات الإنسانية دون عوائق.
ومنذ بداية عدوان الاحتلال الإسرائيلي على غزة، لعبت قطر دورًا نشطًا في الوساطة بقيادة أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني.
وقد نجحت قطر في تأمين وقف إطلاق النار في مراحل سابقة، بالإضافة إلى توفير مساعدات مالية وإنسانية كبيرة لمن هم في أمس الحاجة إليها في قطاع غزة.
وأكد المتحدث باسم وزارة الخارجية القطرية، ماجد الأنصاري، في نيسان/أبريل 2024، أن تركيا تعد من أهم الدول الداعمة لجهود الوساطة التي تقودها قطر لوقف عدوان الاحتلال الإسرائيلي على غزة.
كما عملت تركيا وقطر أيضًا على تبني “خطة الإنعاش المبكر” في غزة، مستفيدتين من الخبرة التركية في الاستجابة للأزمات الإنسانية، خاصة بعد تجربتها في أعقاب الزلزال الذي ضرب تركيا.
وأشار المسؤولون الأتراك إلى أن تركيا تتمتع بالقدرة والخبرة في مجال الإنشاءات والبنية التحتية، وترغب في تقديم هذه الإمكانات بالتعاون مع قطر والدول الصديقة لإعادة إعمار غزة.
وتحتل تركيا المرتبة الأولى بنسبة 32% من إجمالي المساعدات الإنسانية التي تم تقديمها إلى قطاع غزة، حيث أرسلت حوالي 56 ألف طن من مواد الإغاثة عبر 13 طائرة و12 سفينة، كما تم نقل 3,000 شخص من سكان غزة، بما في ذلك المرضى والجرحى، إلى تركيا لتلقي العلاج في المستشفيات التركية.
وتعبر تركيا وقطر عن التزامهما بحل الدولتين كأساس لتحقيق السلام الشامل والعادل في المنطقة، وتؤكد تركيا على ضرورة إقامة دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة كاملة على حدود عام 1967، وعاصمتها القدس الشرقية.
وتواصل الدولتان العمل معًا لدعم القضية الفلسطينية على الصعيدين الإنساني والسياسي، معربتين عن استمرار جهودهما لتحقيق العدالة والسلام في المنطقة.
ووسط كل ذلك، يمثل التعاون التركي القطري نموذجًا للعمل الإنساني والسياسي المتكامل، حيث تسعى الدولتان إلى تخفيف معاناة الشعب الفلسطيني ودعم حقوقه المشروعة في ظل الأزمة المستمرة في غزة، حسب مراقبين.