مدونات TRمميز

الانتخابات التركية.. ميلاد مشرق جديد يجب أن نكون فاعلين فيه

المستقبل المشرق ليس شيئا جميلا نفاجأ به، بل هو أشياء جميلة نصنعها بأيدينا وبعرق جبيننا.. مستلهمين ذلك من قول الله تعالى:”وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ” التوبة (105).

ما يحدث في تركيا، أيام فاصلة، لها ما بعدها لتركيا والمنطقة والعالم.

ما يجري في تركيا ليست انتخابات داخلية عادية وتدوال للسلطة فحسب كما يحدث عادة في كل دولة، وإلا لما شهدنا هذا الاهتمام العالمي اليومي غير المسبوق.

ما يحدث في تركيا انتخابات يراهن عليها الشعب التركي وتراهن عليها شعوب المنطقة وشعوب العالم العربي والإسلامي بنفس الوقت.

لا تزال تركيا بنجاحاتها المبهرة المتتالية تمثل النموذج الوحيد الذي تحتذي به شعوب المنطقة ومثار إعجاب الشعوب الإسلامية بقيادة حزب العدالة والتنمية، رائد الانفتاح والتغيير والتجديد، الذي قدم تجربة رائدة ثرية شكلت مصدر إلهام للشعوب والنخب على طريق التفاني في العمل وخدمة الأوطان.

النظام الرئاسي التي تطمح إليه تركيا كنظام حكم ليس ابتداعا جديدا، فكثير من دول العالم نصت دساتيرها على هذا النظام وخاصة الولايات المتحدة الأمريكية لأنه النظام الأقوى والأكثر استقرارا داخليا وخارجيا في قيادة الدولة.

و لا شك أن هذه الخطوة الجريئة ستكون إحدى الإنجازات في سلم النجاحات التركية المتلاحقة التي عودتنا عليها تركيا في السنوات الأخيرة.

والسؤال الذي يطرح نفسه: لماذا تركيا بحاجة للانتخابات المبكرة؟

الجواب: من أجل الدخول الفعلي في النظام الجديد، النظام الرئاسي، الذي لا تدخل فيه تركيا إلا مع إجراء انتخابات برلمانية ورئاسية.

ما هي أهم نتائج الانتخابات على المستوى الداخلي والخارجي؟

على المستوى الداخلي:

ـ سيفوز الطيب أردوغان بالرئاسة وسيفوز حزب العدالة والتنمية في الانتخابات، وستكون هناك مصالحات داخلية في المجتمع التركي تجعله أكثر قوة وتماسكا.

ـ سيرتفع النمو الاقتصادي التركي أكثر ويؤكد نجاح مشروع العدالة والتنمية الداخلي والمحلي.

ـ ستتخلص تركيا من قيود النظام الحالي للنظام الرئاسي الجديد.

ـ سيعزز ذلك صلاحيات رئيس الجمهورية وينظم عمل البرلمان بشكل أفضل.

ـ سيكون ذلك عامل استقرار داخلي بسبب توافق سياسة الحكومة مع مؤسسة الرئاسة.

ومن أبرز الأمور التي ستحصل في هذه الانتخابات وفق التعديلات الدستورية الجديدة الإيجابية لتركيا:

ـ رفع عدد نواب البرلمان من 550 إلى 600.

ـ خفض سن الترشح لخوض الانتخابات العامة من 25 إلى 18 عاما وهذه فرصة كبيرة للشباب لممارسة حقوقهم السياسية والانخراط في قيادة الدولة لدولة شابة صاعدة وطموحة.

ـ تجري الانتخابات العامة والرئاسية في نفس اليوم كل 5 سنوات.

ـ يستخدم البرلمان صلاحيته في الرقابة والتفتيش والحصول على معلومات عبر “تقصي برلماني” أو “اجتماع عام” أو “تحقيق برلماني” أو “سؤال خطي”.

ـ ولاية رئيس الدولة 5 سنوات، ولا يحق للشخص أن يتولى منصب الرئاسة أكثر من مرتين.

– المرشح الذي يحصل على أغلبية مطلقة في الانتخابات يفوز بمنصب الرئاسة.

– رئيس الدولة يتولى صلاحيات تنفيذية، وقيادة الجيش، ويحق له تعيين نوابه والوزراء وإقالتهم.

– يعرض الرئيس القوانين المتعلق بتغيير الدستور على استفتاء شعبي في حال رآها ضرورية وهذا تفعيل مباشر لحق الشعب في ممارسة حقوقه السياسية .

– يحق للرئيس اصدار مراسيم في مواضيع تتعلق بالسلطة التنفيذية، لكن لا يحق له إصدار مراسيم في المسائل التي ينظمها القانون بشكل واضح.

– يعتبر المرسوم الرئاسي ملغى في حال أصدر البرلمان قانونا يتناول نفس الموضوع.

– يحق للبرلمان طلب فتح تحقيق بحق رئيس الدولة ونوابه والوزراء، ولا يحق للرئيس في هذه الحالة الدعوة إلى انتخابات عامة.

– يحق للرئيس تعيين نائب له أو أكثر.

– تسقط العضوية البرلمانية عن النواب الذين يتم تعيينهم في منصب نواب الرئيس أو وزراء.

– يمكن للبرلمان اتخاذ قرار بإجراء انتخابات جديدة بموافقة ثلاث أخماس مجموع عدد النواب.

– يحق للرئيس إعلان حالة الطوارئ في حال توفر الشروط المحددة في القانون.

– تلغى المحاكم العسكرية، بما فيها المحكمة القضائية العليا العسكرية والمحكمة الإدارية العليا العسكرية.

ـ يحظر إنشاء محاكم عسكرية في البلاد باستثناء المحاكم التأديبية.

– رئيس الدولة يعرض الميزانية العامة على البرلمان.

– يلغى منصب رئيس الحكومة، ويتولى الرئيس مهام وصلاحيات السلطة التنفيذية، بما يتناسب مع الدستور
وهذه التغيرات بمجملها ستدفع عجلة الاقتصاد إلى أعلى مستوياتها لتتربع تركيا خلال فترة معينة على عرش الدول العشر الأولى في العالم إن شاء الله تعالى.

أما على المستوى الخارجي:

ـ سيرتفع النمو الاقتصادي التركي أكثر ويؤكد نجاح مشروع العدالة والتنمية إقليمياً ودولياً إقتصاديا وسياسيا.. وخاصة إذا استثمر هذا النجاح بالتعاون مع الدول الخليجية ومع ماليزيا و إندونيسيا.

ـ في النظام الجديد ستدخل تركيا مرحلة جديدة أقوى في الوقوف بوجه الذين يكيدون اليوم لتركيا وشعبها، بمكائد معروفة وواضحة للقاصي والداني.

ـ في النظام الجديد ستؤكد تركيا للعالم أن الديموقراطية تليق بشعوب الشرق وأن إسرائيل ليست الديمقراطية الوحيدة في المنطقة التي يكررها الغرب زورا وبهتانا، في الوقت الذي يدعم بشكل لا محدود الطغاة والدكتاتوريين في بلادنا ثم يعيرنا بهم!

ـ في النظام الجديد ستكون تركيا مستقرة وقوية وأقدر على رفض المظالم والتنازل عن المقدسات الإسلامية والقدس والأقصى والأرض والعرض وأمانة الأجداد في سبيل إرضاء إدارة أمريكية متهورة تفتقد للإخلاق و القيم.

ـ في النظام الجديد ستصبح تركيا قادرة على التمرد على ظلم العالم المتوحش وفجوره وموازينه المتعددة والجائرة، سيما وأنها اعتادت تاريخيا على الوقوف مع الحق والوقوف في وجه الظالم وهي تحتظن اليوم المضطهدين والمظلومين في العالم من بورما إلى سوريا والعراق واليمن وليبيا وفلسطين وغزة ومصر وغيرهم وتشكل أملا وملاذا وملجأ آمنا لهم.

ـ في النظام الجديد ستشهد تركيا قيادة متصالحة مع تراث أمتها وملتزمة بقيمها في إسلام منفتح يحمل رسالة إعمار الدنيا وإصلاح الآخرة، نظام ديموقراطي بديل عن الديمقراطية الغربية العرجاء التي تحمي مصالحها المادية بالقوة الهوجاء.

ـ في النظام الجديد ستكون تركيا أكثر تحررا من هيمنة الغرب وتستعيد هويتها وقرارها وقوتها ومكانتها بين الأمم وفي مصاف الدول العظمى.

ونختم بالقول:

إنها أيام فاصلة لها ما بعدها، وعلينا كنخب و كشعوب أن لا نكتفي بالترقب للحدث بل يجب أن نكون فاعلين فيه، علينا الوقوف مع تركيا إعلاميا وسياسيا واقتصاديا.

إن المسؤولية الأخلاقية والتاريخية تحتم علينا كأفراد ومستثمرين ومؤسسات ومنابر ودول أن نقف مع الخيار التركي والثقة به والمراهنة عليه بلا تردد ولا تعثر “والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس “

خالد شبيب

أستاذ الاقتصاد في المجلس العام للمؤسسات والبنوك الإسلامية
زر الذهاب إلى الأعلى