تقاريرمميز

أكذوبة العام.. تركيا تجند مقاتلين لإرسالهم إلى اليمن (تقرير)

اليمن

لم يتوقف استهداف تركيا بالإشاعات والأكاذيب وتلفيق التهم الباطلة، منذ إعلانها استقلالية قرارها ووقوفها إلى جانب المظلومين، وتجسيد مبدأ العدالة والحرية بين فئات الجمهور التركي ومن ثم الشعوب الأخرى، الأمر الذي دفع بالأنظمة المستبدة إلى محاربة هذه الدولة التي أتت بمفاهيم ورؤى جديدة للحكم والتعامل مع الشعوب، أهمها رفض الاستبداد والظلم والتفرد بتقرير مصير العالم.

يستمر التضليل الكاذب واستهداف تركيا بشكل هستيري، وقد كانت آخر هذه الهستيريات الإشاعات التي ترأسها الإعلام الإماراتي والمصري، والتي تزعم أن “تركيا تقوم بتجنيد مقاتلين سوريين في بلدة عفرين الواقعة في أقصى الشمال الغربي السوري، من أجل إرسالهم إلى اليمن للقتال في صفوف الشرعية وحزب التجمع اليمني للإصلاح”.

سوريون: ادعاءات كاذبة ومدفوعة

للتحقق من هذه الادعاءات تواصلت “وكالة أنباء تركيا” أولا مع ناشطين وحقوقيين سوريين، وقد أكدوا أن تلك الادعاءت كاذبة ولا يمكن لتركيا أن تقوم بذلك.

وقال الناشط السوري أيمن الطويل، إن “هذه الأخبار كاذبة ولا يمكن أن تتدخل تركيا بالشأن اليمني، فلوجستيًا لا يمكن إيصال قوات من تركيا إلى اليمن”.

وأضاف الطويل أن “هناك حربا إعلامية على تركيا بشكل مخيف جدا، فقبل فترة نشروا صورة للرئيس التركي رجب طيب أردوغان مع ضباط من الجيش التركي، وقالوا إن الصورة لأردوغان في مدينة سرت الليبية يعطي تعليماته للجيش التركي المتواجد هناك، ليتضح فيما بعد أن الصورة تعود للعام  2018، أثناء زيارة أردوغان لقاعدة جوية تركية”.

وأشار الطويل إلى أن “المحور الإماراتي السعودي المصري لا يقصّر بخلق الإشاعات والفتن، ودعم مثل هذه الادعاءات”.

وفي نفس السياق، قال الإعلامي السوري عهد الصليبي “إذا فكرت تركيا بإرسال مقاتلين سوريين إلى اليمن فإلى صف من سيقاتل هؤلاء؟، لأنه ليس هناك مصلحة حقيقية حتى الآن لتركيا بخصوص ذلك، ومن ثم كيف سيدخلون؟”.

وأضاف الصليبي “منطقتنا في الشمال السوري أمام عمل عسكري سيشنه النظام السوري ضدها، وبالتالي هذا يناقض وينفي فكرة إرسال مقاتلين إلى اليمن، وقد اطلعت على هذا الموضوع شخصيا ولم أجد شيئا بتاتا”.

مجرد إشاعات مغرضة

ولم يصدق اليمنيون بكافة توجهاتهم هذا الادعاء كونهم متواجدين على الأرض، ورأوا أن تنفيذ ذلك مستحيل في ظل تواجد الإمارات والسعودية على الحدود البرية والجوية والبحرية، بالإضافة إلى أن دولة كتركيا لا تتعامل بمنطق المليشيات والعصابات ولا تتدخل في أي بلد إلا بنداء وطلب رسمي، وقبل أي قرار يتم عرض ذلك على مجلس النواب للتصويت عليه.

القيادي في حزب التجمع اليمني للإصلاح النائب شوقي القاضي قال لـ”وكالة أنباء تركيا”، “للأسف هذه المقولات كاذبة، واليمن لتحرير أرضه من الحوثيين لا ينقصه مقاتلون، فالجيش الوطني اليمني والمقاومة المساندة له والقبائل المتواجدة أثبتت بما لا يدع مجالا للشك أن اليمن لا ينقصه جيش ولا مقاتلين”.

وتابع القاضي قائلا إن “اليمن ينقصه قرار التحالف لأن التحالف للأسف انحرفت أجندته فبدلا من الذهاب لتحرير صنعاء والحديدة اتجه إلى المهرة وسقطرى والحديدة، فالتحالف منع تحرير ما بقي من محافظات، وأقولها بالفم الملآن إن التحالف منع تحرير تعز والحديدة وصنعاء”.

وأكد القاضي أن “هذه الادعاءات كاذبة والإعلام الذي ينشر ذلك يمثل فجورا وتخبطا لا مثيل له، وهذا الإعلام وهذه المخابرات والدول المساندة له، تمثل خنجرا مسموما يطعن الشرعية اليمنية والقضية ومستقبل اليمنيين”.

وقال القاضي أيضا إن “تركيا من الدول التي تحكمها مؤسسات وقانون، وبالتالي هي لا تتحرك عبر مجاميع ومليشيات بل تتحرك بوضوح”، مشيرا إلى أن “تركيا عودتنا أنها عندما تتحرك لمساندة أي دولة لتحقيق مصالح مشتركة، تتحرك في ضوء النهار وبناء على قرار يُتخذ من البرلمان، وعلى ضوء تواصل مع جهات شرعية تمثل البلد ويتم التنسيق معها بوضوح”.

مبرر للوجود الإماراتي في اليمن

المحلل السياسي اليمني نبيل البكيري قال لـ”وكالة أنباء تركيا”، إن “تلك الإشاعات ليس لها أي منطق، خصوصا أنها تنبع من حرب الإشاعات الإعلامية التي تُخاض ضد تركيا وأطراف يمنية”.

وأكد البكري أن “هذه الإشاعات أتت تزامنا مع الأحداث في ليبيا، ليتم الحديث عن أن تركيا تريد التدخل في اليمن بالاتفاق مع بعض التكتلات السياسية كالتجمع اليمني للإصلاح،وهذه إشاعات لا أساس لها من الصحة”.

وأضاف البكري أن “هذه إشاعات إعلامية يروج لها الإعلام الإماراتي تحديدا ويتبعه الإعلام المصري، والغرض من ذلك استدامة تواجد الإمارات في اليمن، وإيجاد المبرر لبقائها وللتغطية على ممارستها”.

تكهنات كاذبة

المحقق الاستقصائي اليمني جمال المليكي تحدث عن أن هذه الادعاءات هي عبارة عن تكهنات كاذبة وغير حقيقية، وقال إن “من يتتبع سياق الأحداث منذ انطلاق الربيع العربي إلى اليوم، سيجد أن هناك دولا اختارت مواجهة كل ما له علاقة بإصرار الشعوب على التحول والاتجاه نحو الحرية والكرامة والديمقراطية”.

وأضاف المليكي أنه “في هذا السياق تأتي هذه المزاعم والتكهنات التي ليس لها أي صحة على أرض الواقع، ومن يفهم طبيعة اليمن والصراع فيه يجد أنه ليس هناك أي طرف من الأطراف يحتاج إلى مقاتلين، فالمقاتل اليمني على الأرض هو الأشرس على مر التاريخ، ولذلك هذه مزاعم لمواجهة إصرار الشعوب التي اختارت النضال، من أجل بناء دول حديثة تنتصر لقيم الحرية والعدالة التي كانت من أبرز تطلعات الربيع العربي”.

كل المنافذ تحت سيطرة التحالف

الناشط اليمني عبد الرزاق محمد قال أيضا إن “كل المنافذ البرية والجوية والبحرية تحت سيطرة التحالف ممثلا بالسعودية والإمارات، وهاتان الدولتات تشنان هجوما ممنهجا على تركيا وهما من تسيطرا على كل المداخل اليمنية، فمن أين سيدخل الدعم التركي للشرعية أو للإصلاح إن صحت هذه الإشاعة المغرضة التي هي في الأصل أكذوبة الهدف منها ضرب الشرعية وأكبر مكون فيها وهو حزب التجمع اليمني للإصلاح؟”.

وأضاف محمد “أجزم أن هذه الإشاعة ابتكرها النظام الإماراتي الغاشم لتكون مبررا له لضرب الشرعية اليمنية وأكبر مكون فيها وهو (الإصلاح)، لأنه باعتقادي أن الشرعية بدون (الإصلاح) ستكون بلا وجود، كون حزب (الإصلاح) حزبا كبيرا يتمتع بشعبية هائلة ورهيبة في البلاد، وبالتالي ضربه سيعزز من رصيد الإمارات واحتمالية الاستمرار في تنفيذ أجندتها الاحتلالية”.

ومن وجهة نظر الناطق باسم الجيش في تعز، العقيد عبد الباسط البحر نائب التوجيه المعنوي في محور تعز، فإن “اليمن ليس بحاجة إلى مقاتلين لأنه مليئ بالأبطال والشخصيات القتالية، وهو مخزن الرجال في كل زمان ومكان”.

وتعليقا على الادعاء الذي نشرته وسائل إعلامية مختلفة، قال العقيد البحر إن “تلك الوسائل هي من المطابخ المعادية، وهي تشيع مثل ذلك للتبرير لتدخلهم الوقح في إسقاط المحافظات المحررة بيد المليشيات المتمردة على الشرعية، وهو تبرير ممجوج وغير منطقي بل مفضوح تماما، وتلك من الاشاعات السوداء، لكنها لن تُهضم عند البسطاء ناهيك عن المتعمقين والمختصين”.

وأضاف العقيد البحر أن “التجنيد من أجل سوريا هو المنطقي والسوريون أحوج وأقرب، أما بالنسبة لليمن فكل من يدخل إليه أو يخرج منه يتم بمعرفة التحالف العربي وهم يراقبوا المداخل وغيرها”.

أكاذيب للتغطية على التطبيع

الإعلامي والمحلل السياسي الدكتور يحيى الأحمدي تحدث عن الانتحار الإعلامي ومحاولة التغطية على التطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي، من خلال هذه الإشاعات، حيث قال “إنها ليست المرة الأولى التي يتخلى فيها الإعلام الإماراتي والمصري عن المهنية والمصداقية، فالمرحلة الماضية كشفت مساوءه وخروجه عن دائرة العمل الصحفي، حيث أصبح أداؤه ترجمة للتوجهات السياسية التي اتخذت موقف العداء والخصومة من الأحزاب، التي قد تعيق مسيرة التطبيع والهرولة نحو إسرائيل”.

وأضاف الأحمدي “لقد وقع ذلك الإعلام في مثل هذا السقوط المهني والأخلاقي أكثر من مرة، ولا يزال يمارس الكذب والتدليس دون مراعاة للمنطق أو العقل، أو أي احترام للمتابع”.

وأكد أن “هذا الخلط والتضليل أوقعهم في تناقض واضح، لاسيما وقد تداولت وسائل إعلامهم أخبارا تتحدث عن إرسال مجندين من الاصلاح إلى ليبيا سابقا”.

وأشار الأحمدي إلى أن “تسويق مثل هذه الأكاذيب يأتي ضمن جهود التغطية على الفضائح التي ترتكبها هذه المشاريع، لا سيما فيما يتعلق بالتطبيع مع إسرائيل”.

وقال أيضا “لكن ذلك في حقيقته هو انتحار إعلامي وشذوذ مهني مهما كانت المبررات، وكل المعطيات على الأرض تكذب هذه الإشاعات التي تحاول أن تقدم الإصلاح بهذه الطريقة بغرض التشويه والملشنة، هذا من جانب”.

وأضاف الأحمدي أنه “من جانب آخر فإن المعركة في اليمن تسير وفق رؤية قيادة الشرعية التي تديرها وتشرف على سير عملياتها، وليس في مقدور حزب الإصلاح استقدام المقاتلين، ناهيك عن أن الجيش اليمني المكتفي ذاتيا يقوم بالمهمة بعيدا عن تدخل الأحزاب السياسية، وليس بحاجة لإضافة أعباء أو استقدام أي أعداد من الخارج”.

المرصد السوري ينفي الإشاعة ويتهم الإعلام

وبعد البحث تواصلنا مع أول جهة تبنت هذه الإشاعة بحسب وسائل الإعلام التي نشرتها، وقد تحدثت كل الوسائل الإعلامية التي تناولت الإشاعة أن رئيس “المرصد السوري” رامي عبد الرحمن، هو من صرح لهم بهذا الادعاء.

وأثناء تواصلنا مع عبد الرحمن للحصول على حقيقة ما تم نشره قال، إن “وسائل الإعلام ما شاء الله يستغلون حرفا ويبنون منه قصة، كل حسب توجهه”.

وأضاف عبد الرحمن لـ”وكالة أنباء تركيا” أنه “حتى الآن لا يوجد شيء بخصوص النقل، وقد توقفنا عند ذلك ولم نتابع الموضوع لأن هناك عملية لغط، إذ كيف سيتم نقل مقاتلين إلى اليمن والحدود تحت سيطرة الإمارات والسعودية، ونحن عندما تحدثنا عن الموضوع ابتداء تحدثنا عن موضوع التحضير وذهابهم من تركيا إلى قطر، وقد توقفنا عن ذلك بعد أن توقفت هذه المجاميع في قطر حسب علمنا”.

وبهذا التصريح يكون ما تم نشره في مئات الوسائل الإعلامية هو مجرد تدليس وكذب وهراء، أضف إلى ذلك تأكيد ناشطين سوريين وسياسيين وإعلاميين يمنيين، على أن ذلك لم يحدث وهو مجرد إشاعة لأهداف سياسية تقف خلفها دول معادية للجمهورية اليمنية والجمهورية التركية على حد سواء.

صدام الحريبي

كاتب يمني
زر الذهاب إلى الأعلى