ياسين أقطاي: شعبويون يمارسون مكرا سياسيا يصعب إدارة تركيا لملف اللاجئين
انتقد السياسي التركي وأستاذ علم الاجتماع ياسين أقطاي “الأصوات الشعبوية” التي تطالب بإرسال اللاجئين إلى بلادهم، محذّراً في الوقت ذاته “من الشعبويين الذين يمارسون مكرا سياسيا رخيصا يزيد من تعقيد وصعوبة إدارة تركيا لملف الهجرة واللاجئين”.
كلام أقطاي جاء في مقال له بعنوان “إدارة مشكلة اللاجئين” نشرته صحيفة “يني شفق” التركية، الأربعاء.
وقال أقطاي إن “عدد اللاجئين الذين انجذبوا إلى تركيا يتماشى مع التقدم والتطور الذي أحرزته تركيا. وبطبيعة الحال، تمنح تركيا الشعور بأنها أكثر أماناً وملاءمة للعيش”.
ولفت إلى أن “الهجرة مشكلة، مثلها مثل كل المشاكل، تتطلب إدارة حكيمة لا تتجاهلها أو تستغني عنها”، مشيرا إلى أن “هناك أصوات مرتفعة تخرج تتحدث عن إرسال اللاجئين وهناك أذان صاغية لتلك العقلية، ومن المؤسف أن هذا النهج، الذي يزداد انتشارًا ويلاقي رواجًا بين الشعبوية، لا علاقة له بطبيعة الحال بالإدارة الحكيمة لتلك المشكلة”.
وتابع قائلا إنه “عندما نقول إن الترحيل القسري لن يكون خيارًا أبدًا، علينا أيضًا أن نقول إنه ليس لدينا نية لإبقاء السوريين قسرًا في تركيا، ومع ذلك، فإن (الترحيل القسري) يعد جريمة تنتهك القانون الدولي وقانون اللاجئين أو طالبي اللجوء، وأولئك الذين يتحدثون بسهولة عن الترحيل القسري للاجئين هم في الواقع يحرضون ويشجعون شعبًا بأكمله على ارتكاب جريمة وذنب، ناهيك عن أن هذه الجريمة محاولة لاغتيال ثقافتنا وهويتنا وعاداتنا”.
وشبّه أقطاي هذا “العقل الفاشي” بـ”العقول الموجودة في أوروبا، التي تتحدث أيضًا عن إرسال السوريين قسرًا وبالقوة، ولكن حتى الآن لم يتمكن أحد من إرسال أي لاجئ قسرًا، لأنه من السهل لديهم التحدث دون رحمة أو ضمير أو إيمان، ولكن عندما يتعلق الأمر بممارسة وبتطبيق ما يقولونه، لا يمكنهم المخاطرة بارتكاب جريمة دولية”، حسب تعبيره.
وزاد بالقول “على سبيل المثال، الدنمارك، التي صرحت لسنوات أن السوريين سيعادون قسرًا إلى بلادهم وأنهم سينفذون سياسة عدم وجود أي لاجئ، لم تتمكن حتى الآن من ترحيل أي سوري”.
واعتبر أن “الإدارة الحكيمة والإنسانية للهجرة أصبحت ممكنة، أولًا وقبل كل شيء، من خلال تهيئة الظروف للعودة، وبدورها تعمل تركيا بأكثر الطرق جدية منذ البداية لخلق هذه الظروف، حيث منعت هجرة ما لا يقل عن 5 ملايين سوري آخر يمكنهم القدوم إلى تركيا، وكانوا مستعدين للقدوم ومتواجدين على الحدود، وذلك بفضل المناطق الآمنة التي أنشأتها من خلال تنفيذها لثلاث عمليات عسكرية هناك، كما شجعت بهذه الخطوة على عودة 500 ألف لاجئ طواعية إلى تلك المناطق”.
بالإضافة إلى ذلك، ومن خلال مشروع يتم تنفيذه حاليًا ويحظى بدعم دولي، حسب أقطاي “يتم إنشاء مدن يمكن العيش فيها ضمن المناطق الآمنة، أفضل من ظروف العيش في تركيا. وسيتم الانتهاء من إنشاء هذه المباني، التي هي أيضًا قيد الإنشاء، في وقت قصير جدًا، وسيتم تشجيع السوريين، الذين يرغبون في العودة، إلى الذهاب لتلك المناطق”.
واستنكر أقطاي “كل من يتبنى خطاب إعادة اللاجئين إلى وطنهم، باعتباره مادة سياسية شعبوية ويرغبون في استهلاكها كخطاب كراهية وعنصرية حتى النهاية، ويتهمون القيادة التركية بتجاهل مشكلة اللاجئين”.
واعتبر أن “ما يفعلونه هو مجرد مكر سياسي رخيص، لكن النتيجة ليست أكثر من تعقيد إدارة ملف الهجرة “، مضيفاً “ومع ذلك، قد حققت تركيا مكاسب معنوية غير مسبوقة، إذا جاز التعبير، كمثال للعالم بأسره بنهجها الإنساني للغاية في إدارتها لملف الهجرة، لكنّ مع كل هذه الكراهية والعنصرية والخطاب اللاإنساني، يتم تدمير المكاسب الأخلاقية لتركيا وتفوقها وخلق انطباع معاكس عن صورة تركيا”.
وتطرق أقطاي إلى أمر أحدث الكثير من النقاشات والجدل حسب وصفه، وهو تصنيف “اللاجئ الذي يستطيع الذهاب في إجازة العيد إلى بلده”.
وقال إن “الأستاذ المحترم الذي يمتلك تلك الشخصية السطحية والجاهلة بقوله (دعهم يبقون هناك إذا استطاعوا العودة إلى بلدهم في إجازة العيد)، فهو لا يحتاج حتى إلى مثال آخر لفهم ما يكلفه مستوى هذه المناقشات”.
وختم أقطاي قائلاً إن “عدد الأشخاص الذين يمكنهم الذهاب إلى سوريا لسبب أو لآخر لا يمثل حتى 1% من السكان السوريين الحاليين، لأن معظمهم لم يبق لديهم لا منازل ولا ملاجئ ولا أقارب في الأماكن التي هاجروا منها، وإذا كنت تَعِيْنُ القبور التي يزوروها أولئك الذين يمكنهم الذهاب والعودة، والأشخاص الذين بقوا هناك في مكان قريب لأنهم لم يتمكنوا من القدوم إلى هنا، فما مقدار تلك العين التي يمكنك الرؤية بها؟”.