عندما يتم ذكر تركيا، يتبادر إلى الذهن علمها المجيد الأحمر ذا الهلال والنجمة، مع العديد من القصص التي تروي الحكاية التي جعلت من هذا العلم أيقونة ورمزاً لدولة تمتد جذورها في عمق التاريخ، وليس مجرد قطعة قماش.
عام 1383م ظهر أول علم للأتراك، وهي الفترة الأولى في الدولة العثمانية، التي كانت فترة جهاد وكفاح من أجل إنشاء الدولة.
يرمز اللون الأحمر عند الأتراك لدماء الشهداء التي سُفكت في حرب كوسوفو الأولى عام 1362- 1389م، لذلك لم تتراجع منزلة اللون الأحمر في كل الأعلام التي مرت على الدولة العثمانية.
أما الهلال والنجمة فبالإضافة لرمزيتهما الإسلامية فإنهما مرتبطان لدى الأتراك بأسطورة شهيرة عن انعكاس القمر والنجوم على دماء الشهداء التي كانت مثل البحيرة في حرب كوسوفو.
كان العلم المستخدم في ذاك الوقت أحمر اللون مثلث الشكل، وعام 1453م فتح العثمانيون القسطنطينية بقيادة السلطان محمد الفاتح وبدأت الانتصارات والأمجاد تتوالى في الدولة العثمانية.
لم يختلف العلم في ذاك الوقت عن العلم الأصلي كثيراً باستثناء الهلال الذهبي الذي تمت إضافته للعلم الأحمر وذلك لأن الهلال رمز للمسلمين.
عام 1517م تم ضم مصر للدولة العثمانية وذلك بعد ضم سوريا وفلسطين ومنطقة بلاد الشام والحجاز، ومن هنا اختلف مفهوم العلم بالنسبة للأتراك فلم يعد السلطان حاكماً للدولة العثمانية فقط بل أصبح خليفة للمسلمين كلهم، ما استوجب تغيير العلم بما يناسب الخلافة الإسلامية.
في هذه الفترة تم تخصيص اللون الأحمر رمزاً للمؤسسات السياسية بينما كان يرمز اللون الأخضر للمؤسسات الدينية.
عام 1844م في عهد السلطان العثماني عبد المجيد الأول شهدت الدولة أول علم موحد، فكان العلم أحمر اللون عليه هلال ونجمة بعد أن أصبحت الدولة العثمانية موحدة فكريا.
رفرف هذا العلم فوق كل بقاع الدولة العثمانية التي ضمت محو خمسين دولة من ضمنها ثمانية عشرة دولة عربية.
بعد الدولة العثمانية، وفي عهد الجمهورية التركية الحديثة، تم سن قانون العلم التركي عام 1936م فأصبح لتركيا علم موحد، حيث نص القانون على استبدال النجمة ذات الثمانية أضلع بالنجمة الخماسية الموجودة حاليا.
ويتمثل توقير العلم التركي بشكل واضح فى مطلع النشيد الوطني التركي “لا تخف، فلن تنطفئ تلك الراية الحمراء التي ترفرف بفخر في هذا الفجر الرائع”.
ويرى الشعب التركي أن العلم التركي يتشكل من دماء الأتراك التي أريقت في حرب الاستقلال وحرب جناق قلعة، ومن يعتدي عليه أو يهينه فكأنه اعتدى على الشعب التركي، كما يرتدي الأتراك شارات الهلال والنجمة، مثل الخواتم والإكسسوارت إظهارا لاحترامهم وولائهم للعلم.
ونصت المادة 301 من قانون العقوبات التركي على أن “أي شخص يهين علنًا الأمة التركية، ودولة الجمهورية التركية، والجمعية الوطنية الكبرى (البرلمان)، وحكومة جمهورية تركيا والأجهزة القضائية للدولة، يُعاقب بالسجن لمدة تتراوح بين 6 أشهر إلى سنتين”.
وتنص المادة أيضا على أنه “إذا ارتكب الإهانة مواطن تركي في بلد أجنبي، فتضاعف العقوبة 3 مرات”.
وفي المادة 7 من قانون العَلم التركي، يُحظر استخدام العلم التركي إذا كان ممزقا أو مثقوبا أو مجعدا أو لونه باهتا أو بأي شكل آخر من شأنه أن يضر بقيمته المعنوية.
أما بالنسبة للرئيس التركي رجب طيب أردوغان فالعلم يحمل حساسية كبير لديه ويشعر بالمسؤولية تجاه حمايته، ففي القمم الدولية يضع خبراء البروتوكول أعلاما صغيرة أحيانا على الأرض، لتحديد أماكن وقوف زعماء الدول التي تكون حاضرة إلى قمة ما لالتقاط صور جماعية لهم تستخدم في الأغراض الصحفية، وفي عدة مناسبات أظهرت مقاطع تلفزيونية قيام أردوغان بالتقاط العلم التركي من على الأرض ووضعه فى جيبه، خلافا لباقي الزعماء الحاضرين الذين اخذوا أماكنهم دون التقاط اعلام دولهم او ابداء الكثير من الاهتمام بها.