
جاء في خطبة اليوم الجمعة في عموم مساجد تركيا، اليوم، أن “كل مخلوق من حولنا له قيمة عند الله عز وجل ويسبح الله تعالى بلغته، وربنا العظيم يبلغنا بهذا الأمر بقوله (تسبح له السمٰوات السبع والارض ومن ف۪يهنۜ)”، مؤكدة أن بيئتنا هي إرث من أسلافنا وأمانة فريدة سنتركها لأطفالنا.
وأضافت “كان أحد الصحابة القادة، أبو الدرداء رضي الله عنه، يغرس غرسا ذات يوم فرأه رجلا، معتقدا أن هذا العمل يعني الانغماس في الخيرات الدنيوية، فقال له أتفعل هذا وأنت صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ ثم ذكره أبو الدرداء بالحديث التالي لنبينا صلى الله عليه وسلم (من غرس غرسا لم يأكل منه آدمي ولا خلق من خلق الله إلا كان له صدقة)”.
وتابعت أن “الكون، نعمة خلقها الله من العدم وأنعم علينا بها، إنها أمانة في ملك الله وسلطانه وقد وضع مسؤولية إعمارها وإحيائها علينا، وإنه كتاب الحقيقة الذي يظهر وجود الله ووحدانيته”.
وأشارت إلى أن “ربنا يكشف هذه الحقيقة في القرآن الكريم على النحو التالي (ومن اٰياتهٖ خلق السمٰوات والارض وما بث فٖيهما من دٓابةؕ وهو علٰى جمعهم اذا يشٓاء قدٖير)، حيث يعلمنا الله سبحانه وتعالى أن الكون الذي خلقه بتوازن ونظام دقيقين هو عمله، ويذكرنا أنه خالق وداعم وحاكم هذا العالم الذي نجد فيه الحياة ومحتوياتها”.
وزادت بأن “الإنسان الذي ينظر حوله بعين العبرة سيرى العديد من الحكم في حقيقة أن السماوات تقف بدون أعمدة، وفي الأرض كيف جعلها مناسبة للحياة، وباختصار، سيرى الكون الذي لا تشوبه شائبة في نمو أنواع مختلفة من النباتات من التربة التي تنبض بالحياة مع المطر الذي ينزل من السماء، وسيجد أصدقاؤنا الأعزاء العديد من الأمثلة في الصور الجميلة للحيوانات وفي الفوائد التي لا حصر لها التي تقدمها لنا”.
ولفتت إلى أن “الإنسان يكتشف نفسه عندما يكتشف الكون، وكلما تعرف على العالم أكثر، كلما فهم بشكل أفضل الغاية من الخلق. وعندما يفهم محيطه، يدرك من أين أتى وإلى أين هو ذاهب، وبقدر ما يعرف الإنسان, الماء أنها مصدر للحياة، عندما يفكر أنه هو نفسه خلق من قطرة ماء، يصبح متواضعا ومتطهرا من الغطرسة، فكما يفتح بيته لنور الشمس وحرارتها، فإنه عندما يفتح قلبه، لنور الإسلام العريق، سيسود الخير في العالم، وكما يدرك أن الوديان الخضراء، والبحار الزرقاء العميقة، والسماء المرصعة بالنجوم هي زينة الكون، وعندما يدرك أن الحياء والعفة هي زينة الروح ، فسوف يتحلى بالأخلاق الحميدة، ويجد السلام وينال السعادة الحقيقية”.
وتابعت “يقول ربنا العظيم في القرآن الكريم (ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت ايدي الناس)”، مضيفة “كلنا نرى اليوم بوضوح الحقيقة المذكورة في هذه الآية الكريمة. أن الكوارث البيئية التي نشهدها اليوم ناجمة عن إهمالنا لمسؤولياتنا، وكل يوم، نسمع أخبارا تفيد بائنقراض كائن حي آخر، فانخفضت الموارد الطبيعية في البيئة إلى الحد الذي أصبحت فيه مجرد موضوع للصور، وبسبب إهمالنا وعيوبنا،أخذت الغابات بالأختفاء، والأراضي بالتصحر، والموارد المائية في الاختفاء، ولذلك، فإن كل مخلوق من حولنا له قيمة عند الله عز وجل ويسبح الله تعالى بلغته، ويبلغنا ربنا العظيم بهذا الأمر على النحو التالي (تسبح له السمٰوات السبع والارض ومن ف۪يهنۜ)”.
وجاء في ختام خطبة الجمعة “دعونا نقدر كل كائن مخلوق بسبب خالقه، ودعونا نقرأ كتاب الكون بحكمة وتفكر وعبرة، ولنستخدم مواردنا باعتدال، ولا نضيعها، ودعونا نحافظ على التوازن الدقيق الذي وضعه الله سبحانه وتعالى في العالم، ولنؤدي مسؤولياتنا تجاه بيئتنا بوعي العبادة، ودعونا لا ننسى أن المالك الوحيد للكون هو ربنا ونحن المستخلفون به، ولا ننسى أن بيئتنا هي إرث من أسلافنا وأمانة فريدة سنتركها لأطفالنا”.