وجهت خطبة الجمعة دعوة إلى المسلمين للعمل على نشر الرحمة في المجتمع، وذلك من خلال التعامل الحسن مع الآخرين، وتقديم العون للمحتاجين، والمساهمة في حل المشاكل الاجتماعية، كما حثت على أن تكون الرحمة سمة مميزة للمسلمين.
وجاء في خطبة الجمعة أن “نبينا صلى الله عليه وسلم كان يحب الأطفال حبا جما، وذات مرة بينما كان جالسا مع الصحابة دخل عليهم حفيده الحسن فأخذه الحبيب صلى الله عليه وسلم على الفور بين ذراعيه واحتضنه وقبله فقال أحد الجالسين الذين رأوا ما فعل رسولنا صلى الله عليه وسلم (إن لي عشرة من الأولاد ما قبلت أحدا منهم قط)، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم عند ذلك (من لا يرحم لا يرحم).
وأضافت أن “من المشاعر الاستثنائية التي جعلها الله عز وجل في فطرة الإنسان الرحمة، الرحمة هي تجلي أسماء الله تعالى الرحمن والرحيم في القلوب، والرحمة ليست شعورا بالشفقة بل هي أن تكون بلسما للقلوب الجريحة وأن تكون قادرا على ملامسة القلوب الحزينة، والرحمة هي أن تظهر الإحساس بكل شيء وبكل أحد وليست أن تقول لا علاقة لي بشيء، الرحمة ليست فقط أن تخفف من متاعب الناس المادية، ولكن أن تجمع العقول بالمعرفة والحكمة، وأن تملأ القلوب بالرحمة والمودة. والرحمة ليست فقط أن تقف ضد الشر بل أن تجمع الناس جميعا على الخير وأن تزدهر الآمال كلها بالرعاية والمحبة”.
وتابعت أنه “ينبغي للمؤمن أولا وقبل كل شيء أن يكون رحيما بنفسه وأهله وبيئته وجميع المخلوقات، ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم في أحد أحاديثه (ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء)، ومع ذلك، وللأسف، نحن نمر بأيام حيث تنتشر فيها دوامة العنف في كل مكان وتفشت فيها القسوة، لقد فقد الكثير من الناس إحساسهم بالرحمة وأصبحوا أسرى الكراهية والحقد والغضب، ولهذا السبب في كل يوم يمر علينا تتفكك بيوت كثيرة في مجتمعنا وتنقطع حياة الكثيرين بحجج واهية، أما إذا تحلى المؤمنون بالصبر والتقوى وعاشوا حياة يزينها الإيمان والأخلاق الحسنة فإنهم سيجعلون الرحمة هي السائدة في المجتمع، وإذا ما لجأوا إلى عفو ربنا ومغفرته وتابوا من ذنوبهم فإنهم سيصلون إلى الرحمة الإلهية”.
وجاء فيها أيضاً “نحن أمة النبي محمد المصطفى صلى الله عليه وسلم رسول الرحمة، نحن أصحاب الحضارة التي تتخذ من الرحمة منهجا لها، فواجبنا أن لا نقول لوالدينا (أف) وأن نعامل أزواجنا بالحب والمودة، وأولادنا بالرعاية والرحمة، وأن نقيم علاقات طيبة مع أقاربنا وجيراننا وأن نكون ضمانة الثقة والسلام لهم، وأن نتعامل باحترام ولباقة مع كل من نخدمه أو نتلقى منه خدمة في مجال مهنتنا وعملنا، وأن نسعى لمساعدة بعضنا البعض، وأن نزيل الحقد والكراهية من قلوبنا وأن نملأ قلوبنا بالرحمة الإلهية والرأفة النبوية، هو أن نقوي أخوتنا بالرحمة وأن نعزز وحدتنا وتضامننا، وأن لا نرتكب المحرمات ولا ننتهك حقوق العبد والعامة رجاء أن تكون رحمة الله تعالى واسعة، ولا ننسى آيات ربنا عز وجل التالية (نبئ عبادي أني أنا الغفور الرحيم وأن عذابي هو العذاب الأليم)”.
وختمت الخطبة بالدعاء الوارد في القرآن الكريم “ربنا إننا آمنا فاغفر لنا وارحمنا وأنت خير الراحمين”، والدعاء للبنان وغزة وتركستان الشرقية.