“ردع العدوان”.. فصائل المعارضة تفتح جبهات واسعة وتسيطر على مواقع هامة شمالي سوريا (تقرير)
أطلقت فصائل المعارضة السورية بقيادة الجيش الوطني السوري، اليوم الأربعاء، معركة عسكرية واسعة تحت اسم “ردع العدوان”، ضد قوات النظام السوري في ريف حلب الغربي شمالي سوريا، محققة تقدماً متسارعاً حيث تم تحرير عدد من القرى والمواقع الاستراتيجية.
وأفادت مصادر ميدانية لـ”وكالة أنباء تركيا” أن العملية انطلقت بتنسيق من غرفة عمليات موحدة، حيث تم فتح جبهات عدة بشكل متزامن.
وأسفر ذلك عن السيطرة على نقاط هامة أبرزها الفوج 46، الذي يعد من أهم القواعد العسكرية للنظام السوري، وبلدة عنجارة التي تبعد كيلومترات قليلة عن مدينة حلب من الجهة الغربية.
ومن بين المناطق التي استعادتها فصائل المعارضة بلدة عنجارة، إضافة إلى قرى وبلدات: السلوم، كفربسين، القاسمية، قبتان الجبل، بالا، الشيخ عقيل، حير دركل، جمعية المعري، حور، عاجل، عويجل، فضلاً عن السيطرة على كتل واسعة في ريف المهندسين وأوروم الكبرى.
وأوضحت مصادر ميدانية أن النظام السوري كان قد بسط سيطرته على هذه القرى منذ عام 2019، بعدما نفذ عمليات عسكرية أجبرت سكانها على النزوح القسري.
وأشارت المصادر إلى أن هذا التقدم وضع فصائل المعارضة على مشارف مدينة حلب من الجهة الغربية، وهو ما يمثل تحولاً استراتيجياً في المعارك شمالي سوريا.
ولفتت المصادر إلى أن الفصائل المعارضة باتت على مقربة من تخوم مدينة حلب، مما يشكل تحولاً استراتيجياً في المعركة الدائرة شمالي سوريا.
وشملت العمليات تحرير عدة قرى أخرى وطرد قوات النظام منها، وسط موجة نزوح للأهالي الباحثين عن مناطق أكثر أمناً بعد تصاعد حدة الاشتباكات.
وقال الكاتب والمحلل السياسي وابن الشمال السوري، عبد الناصر حوشان لـ “وكالة أنباء تركيا”، إن “عنوان المعركة يدل على أبعادها وأهدافها، فقد تمادى نظام الأسد وحلفائه في خرق تفاهمات آستانا وخفض التصعيد، و بلغت درجة إجرامهم إلى مستوى يقتضي الرد عليه وهو استخدام الطائرات المسيّرة المحملة بالقنابل لاستهداف طلاب المدارس والأسواق والمراكز التجارية والمراكز الصحية وغيرها من المرافق، مما تسبب بشل حركة السكان في القرى والبلدات المتاخمة لمناطق سيطرة النظام والتي تكتظّ بالسكان سواء من سكانها الأصليين أو من المهجرين قسريا من المناطق المجاورة”.
في المقابل، ردّت قوات النظام السوري بقصف مكثف استهدف مناطق متفرقة في ريفي حلب وإدلب، مستخدمة المدفعية والصواريخ في محاولة لصد الهجوم.
وأشار الدفاع المدني السوري في بيان، اليوم، إلى “نزوح مئات العائلات من مناطق ريف إدلب الشرقي وحلب الغربي، مع استمرار هجمات قوات النظام وروسيا وقصفهم للمناطق بالغارات الجوية والقذائف المدفعية والصاروخية”.
وحذّر الدفاع المدني من أن “استمرار الهجمات يزيد من تردي الأوضاع الإنسانية في مناطق شمال غربي سوريا، ويهدد حياة المدنيين يدفعهم لترك منازلهم، على أعتاب فصل الشتاء وانخفاض درجات الحرارة”.
وأكدت إدارة العمليات العسكرية للمعارضة أن هذه المعركة تأتي كرد مباشر على انتهاكات النظام السوري المستمرة بحق المدنيين، بالإضافة إلى تصعيده العسكري الأخير في المنطقة، مضيفة أن العملية تهدف لوقف تحشدات النظام التي كانت تسعى لتنفيذ هجوم عسكري واسع النطاق ضد مواقع المعارضة.
وقال المحلل الاستراتيجي العقيد أحمد حمادة لـ “وكالة أنباء تركيا”، إن “انطلاق العمل العسكري من عدة محاور والسيطرة على الفوج 46 الاستراتيجي الذي كان يقصف المدنيين شمالي سوريا بالمدفعية والصواريخ والمسيرات الانتحارية، إضافة إلى التقدم في محاور عدة وصولا إلى محور خان العسل، وباتجاه محاور أخرى منها بلدة عنجارة، ومن محاور أخرى باتجاه بلدة دارة عزة والفوج 111 ومناطق استراتيجية أخرى تم السيطرة عليها بحدود 15 بلدة وقرية، ما يعطي عمق للمناطق المحررة وتبعد قوات النظام وداعميه عن مدن الأتارب ودارة عزة وكل المناطق المكتظة بالمدنيين، والميدان هو من يحكم سير هذه العملية”.
ولفت إلى أن فصائل المعارضة باتوا يبعدون نحو 9 كلم عن مدينة حلب، مبيناً أن فصائل المعارضة استغلت التطورات والأحداث الدولية والإقليمية وهناك تكتيك جيد وروح معنوية عالية، ما جعل النجاح حليف المعارضة السورية في هذا العمل العسكري، وفق تعبيره.
يُذكر أن التطورات الميدانية تشير إلى احتمالية تصاعد المعارك في الأيام المقبلة، خاصة مع قرب المعارضة من مدينة حلب، الأمر الذي قد يشكل ضغطاً كبيراً على قوات النظام السوري في المنطقة.
بدوره قال مجيب خطاب، مساعد باحث في مركز عمران للدراسات الاستراتيجية لـ “وكالة أنباء تركيا”، إن “ريف حلب الغربي يشكل نقطة محورية في تغيير المعادلة السورية، نظراً لموقعه الاستراتيجي الذي يربط بين مدينة حلب والمناطق الشمالية والشمالية الغربية، كما إن السيطرة على هذه المنطقة تعني التحكم في طرق النقل والإمداد الحيوية، مما يمنح فصائل المعارضة القدرة على تعزيز مواقعها الميدانية وفتح مسارات جديدة لدعم السكان المدنيين”.
وأضاف “تسعى فصائل المعارضة إلى تحقيق عدة أهداف قريبة في ريف حلب الغربي. أولاً، تهدف إلى تأمين خطوط الإمداد الأساسية لضمان استمرار العمليات الإنسانية، ثانياً، تعزز الأمن المحلي وتقلل من مخاطر الهجمات المضادة من قوات الأسد والميليشيات الطائفية والقوات الإيرانية الحليفة لها، وثالثاً، تسعى إلى تحسين ظروف الحياة اليومية للسكان المدنيين من خلال توفير بيئة أكثر أماناً واستقراراً”.
وتابع “على المدى البعيد، تهدف المعارضة إلى تعزيز نفوذها في محافظة حلب كخطوة نحو تحقيق أهدافها الأوسع والتي تسعى إلى تمكين عودة النازحين واللاجئين، بما يعكس التزامها بتحقيق الاستقرار وإعادة بناء المجتمعات المحلية، بالإضافة إلى ذلك، تسعى إلى إنشاء نموذج إداري فعّال يعكس رؤية المعارضة لسوريا موحدة وديمقراطية، سيما يعتبر ريف حلب الغربي مفتاحاً رئيسياً لاستعادة التوازن شمالي سوريا، كما إن نجاح المعارضة في هذه المنطقة يعني تحقيق مكاسب تتجاوز الجانب العسكري إلى تعزيز الشرعية السياسية وإظهار قدرتها على تمثيل تطلعات الشعب السوري، واستيعاب عودة اللاجئين وتوفير بيئة آمنة لهم”.
يشار إلى أن منطقة العمليات العسكرية التي انطلقت، اليوم، هي ضمن مناطق خفض التصعيد والتي تخضع لاتفاقيات بين تركيا (الضامن للفصائل المعارضة العسكرية شمالي سوريا) وروسيا (الضامن للنظام السوري).
يشار إلى أنه في 15 آذار/مارس 2020، أعلنت وزارة الدفاع التركية، عن تسيير أول دورية مشتركة مع روسيا، وذلك تنفيذا لاتفاق وقف إطلاق النار في منطقة إدلب.
وفي 5 آذار/مارس 2020، توصل الطرفان التركي والروسي إلى اتفاق وتفاهم مشترك جديد فيما يخص منطقة خفض التصعيد الرابعة إدلب شمالي سوريا، يشمل وقفا لإطلاق النار في المنطقة وتسيير دوريات مشتركة على طريق (حلب اللاذقية)”.