
لبنانيون وسوريون يردون على “نبش” قبر طفل سوري شمالي لبنان
في بلدة عاصون بقضاء الضنية شمالي لبنان
استنكرت شخصيات لبنانية قيام حارس مقبرة في بلدة عاصون بقضاء الضنية شمالي لبنان، بـ”نبش” قبر طفل سوري وتسليم الجثة لذويه ليصار إلى دفنه في مقبرة أخرى.
ويوم الجمعة الماضي، أقدم حارس مقبرة بلدة عاصون، على “نبش” القبر وإخراج جثة الطفل وتسليمه لوالده “فقط لأنه من الجنسية السورية” وفق ما ذكرت الهيئة العامة لمتابعة شؤون اللاجئين السوريين في لبنان، في منشور على حسابها الرسمي في “فيس بوك”.
رئيس الهيئة الشيخ عبد الرحمن العكاري قال في تصريحات خاصة لـ”وكالة أنباء تركيا، إنه ” كان قد صدر قرار سابق من البلدية بعدم دفن أي شخص من خارج البلدة، ولكن جهل حارس المقبرة دفعه لتطبيق القرار ولكن بعد دفن الجثة”.
وضجت مواقع التواصل الاجتماعي بخبر الحادثة، إذ أعرب عدد من اللبنانيين والسوريين عن “تضامنهم مع عائلة الطفل السوري، ورفضهم لتلك الإجراءات التي ترقى إلى حدود العنصرية”، على حد وصفهم.
وأصدر رئيس القسم الديني في دائرة أوقاف طرابلس الشيخ فراس بلوط بيانا توضيحيا، أعرب فيه عن رفضه لهذا الفعل، قائلا إن “موضوع نبش القبر مرفوض جملة وتفصيلا، ولكن تلبيسه لباسا فتنويا أمر مرفوض أيضا”.
وأضاف “ما زلنا نتابع الموضوع بكل تفاصيله للوصول إلى كل الحقيقة من كل جوانبها حتى لا يكون خطابنا انفعاليا ولا ظالما بحق أحد أيا كان، وحتى لا تتكرر مثل هذه المشكلة مع الإخوة السوريين أو مع غيرهم”.
وعقب تلك الحادثة سارعت بلدية عاصون إلى إصدار بيان، استنكرت فيه “نبش” القبر.
وقالت رئيس البلدية رولا البايع في البيان “أستنكر هذا العمل المدان كليا، كما إنني مع حرمة الموت، وإن هذا الشخص الذي قام بهذا العمل لم أتعرف عليه سابقا، وإني على علم فقط بأنه متطوع بقيادة سيارة نقل الموتى”.
وأضافت البايع أن “هذا الشخص غير مكلف من قبلي ولم أعطه أي أوامر بإخراج جثث الموتى من القبور، وسأتخذ بحقه الإجراءات اللازمة واسترداد مفتاح المقبرة وسيارة نقل الموتى”.
بدوره، أصدر عضو مجلس أمناء وقف أم القرى الإسلامي في بلدة عاصون الشيخ الدكتور خالد عبد القادر، بيانا أعلن فيه عن تقديم قطعة أرض لتكون وقفا يدفن فيها السوريون موتاهم.
وقال الشيخ عبد القادر إن ما “حدث في بلدتنا من إخراج جثة طفل سوري من قبره، هو عمل مرفوض بالإجماع شرعا وقانونا وإنسانية”.
وتابع قائلا “على هذه الحادثة أعلنت عن تقديم قطعة أرض أملكها في البلدة نفسها، على أن تكون وقفا لكل ميت من أشقائنا السوريين فقط دون غيرهم”، موضحا أن “هذه الأرض كنت قد نويت تقديمها من العام الماضي، ولكن إجراءات التسجيل في السجل العقاري تحتاج إلى وقت، ولما حدثت الفاجعة أعلنتها صراحة”.
وكشف الشيخ عبد القادر أن “بعض الأخوة في بلدتنا وعندما علموا بالواقعة، وهم من آل مريم، وعرفوا الأرض التي قدمتها كمقبرة، أسرعوا وقدموا قطعة أرض أكبر، وقد ذهبت بنفسي واطلعت عليها، وفعلا وجدتها أكبر ولكنها تحتاج إلى إصلاح وتسوية إذ نحن في منطقة جبلية، وأخذت على عاتقي إصلاحها وتسويتها”.
وختم بالقول “نحن نعمل لله وحده، ولا نتلقى الدعم من أي جهة داخلية أو خارجية لأننا أحرار لا نرتهن لقرار أحد”.
ولم تقتصر مسألة الاستنكار والرفض للحادثة على اللبنانيين أنفسهم، بل لاقت ردود فعل رافضة من قبل مؤسسات المعارضة السورية السياسية والثورية.
وفي هذا السياق استنكر الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية، اليوم، عملية “النبش”، معتبرا في بيان أن “هذه الحادثة وعدد من المواقف والإجراءات التي يتم ارتكابها بحق المهجرين السوريين في لبنان، هي تصرفات مستنكرة ومرفوضة وترقى في كثير من الأحيان إلى حدود العنصرية التي تسيء لذاتها قبل أن تسيء للآخرين”.
يشار إلى أن بلدية عاصون نقلت عن مختار البلدة أكرم حمود تأكيداته بعد التواصل مع أهل الطفل، أنه “تم دفن مجددا في بلدة سير الضنية (شمالي لبنان)”.
ويتواجد على الأراضي اللبنانية ما يقارب من مليون و500 ألف لاجئ سوري وفق تقديرات الحكومة اللبنانية، في حين تشير الأمم المتحدة إلى أن أعدادهم أقل من تلك التقديرات.