عالم لبناني يفند ادعاءات “إبادة الأرمن”.. هذا ما قاله
فنّد رئيس جمعية متخرجي الأزهر في لبنان، الشيخ الدكتور أحمد فارس، ادعاءات “إبادة الأرمن” في أحداث عام 1915، داعيا لـ”عدم اعتماد الاستنسابية لأغراض سياسية بحتة”.
وقال فارس في بيان، إن “التاريخ مليء بالأحداث المؤلمة التي ذهب ضحيتها كثير من الناس. وكان فيها ظالمون ومظلومون. وهناك صفحات سوداء لمن ارتكب المجازر بحق الشعوب والإنسانية”.
وأضاف أنه “في كل عام تقوم بعض الجهات بإثارة أحداث مضت وتستغلها للشحن الطائفي وإثارة النعرات والأحقاد وخاصة ما صدر مؤخراً من المسؤولين الأمريكيين بشأن المجازر التي ارتكبت بحق الشعب الأرمني. و تحميل الشعب التركي المسؤولية”.
وتابع “عقب ذلك جاء تصريح رئيس البلاد (الرئيس اللبناني ميشيل عون) الذي وسم الدولة العثمانية بالظلم وحملها مسؤولية ارتكاب المجزرة. لا شك أن المجزرة التي ارتكبت بحق الشعب الأرمني مستنكرة ومرفوضة دينياً و أخلاقيا وإنسانيا. إلا أن إثارتها سنويا، وتضخيمها وتحميل الشعب التركي مسؤوليتها وما يترتب عليها يعد نوعاً من استمرارية التعبئة بالكراهية”.
وأرفد أنه “لا بد من استنكار المجازر التي ارتكبت بحق الشعوب المظلومة قديما وحديثا. و عدم اعتماد الاستنسابية لأغراض سياسية بحتة، وتجاهل مجازر أكثر هولاً وقساوة ارتكبها ويرتكبها الأمريكيون وحلفاؤهم”.
وواصل أنه “لا بد من العودة إلى الوقائع التاريخية التي رافقت المجزرة بحق الأرمن، وقد كانت ردة فعل عما قام به فريق منهم عندما كان الجيش التركي في جبهات القتال في الحرب العالمية، إذ أغرى الروس بعض الأرمن للقيام بمهاجمة القرى التركية الخالية من الشباب. والتي لم يكن فيها سوى العجزة والنساء والأطفال”.
وأشار فارس إلى أن “هذه الفئة قامت بقتل الشيوخ والأطفال واغتصاب النساء، وسرقة المحتويات ثم إحراق البيوت. حيث فاق عدد الضحايا في هذا الاعتداء الخمسمائة والستين ألفا من الأتراك، فضلا عن عدد من العرب والأكراد، فما كان من القيادة التركية إلا أن سحبت بعض الفرق العسكرية من الجبهات لحماية الداخل التركي وملاحقة المعتدين القتلة”.
وأوضح أنه “في المقابل ضخم الروس والغرب هذه الحادثة و سموها مجزرة الأرمن. واستغلوها سياسيا حتى يومنا هذا لإثارة الفتن والنعرات بين الأتراك و الأرمن. والذي يتحمل وزر الفعل ورد الفعل هم الروس وهذا ما فعلوه في البوسنة والهرسك وكوسوفو بتحريض الصرب على ارتكاب أبشع المجازر”.
ودعا فارس إلى “عدم نكأ الجراح بالتذكير بتلك الفترة الحالكة التي مرت عام 1915. بل التذكير بالمجازر وما يتبعها من ويلات ترتكب كل يوم بحق الإنسانية”.
ولفت أنه “يتم ذلك في لبنان خاصة من قبل حكامه الذين لا يأبهون لما يعانيه الشعب في مختلف النواحي الأمنية والمعيشية والاقتصادية والسياسية والاجتماعية والأخلاقية. و كأن الحكام من رأس الهرم وحتى القاعدة يعيشون في كوكب آخر”.
واستطرد “إذ كنا نربأ برئيس البلاد (ميشيل عون) أن يتخذ هذا الموقف بحق الدولة العثمانية، لأن شرائح عديدة من الشعب اللبناني ترفضه كما ترفض وسم العهد العثماني بالاستعمار وبالظلم، وتؤكد أن العثمانيين و على مدى قرون دافعوا عن هذه البلاد وردوا الطامعين والمتآمرين الذين كانوا يخفون أطماعهم الاستعمارية بلباس ديني ومذهبي عنها”.
ومضى قائلا “نحن نطالب السياسيين جميعهم بالتخلص من الهيمنة الخارجية التي قطعت أوصال البلاد وجلبت المصائب على العباد، و أبعدت لبنان عن محيطه العربي والإسلامي”.
وختم فارس البيان بالقول إن “كل من يتخلى عن حرية لبنان واستقلاله و يرضى بالذل والهوان، ويمتثل للتعليمات التي تملى عليه. يحكم عليه بالخيانة العظمى، فاعتبروا يا أولي الأبصار”.
والسبت الماضي، زعم عون أن “ما أصاب الشعب الأرمني بالسيف، أصاب الشعب اللبناني بالمجاعة، والفاصل الزمني كان سنة واحدة”.
وأعلن “الوقوف بحزم إلى جانب الشعب الأرمني في نضاله من أجل الاعتراف بقضيته العادلة، وإزالة التعمية التي تغطي دماء ضحايا الإبادة الأرمنية بستار الإنكار من جهة واللامبالاة من جهة ثانية”.
وادعى قائلا “في ذكرى مرور مئة وست سنوات على المجازر التي تعرض لها الشعب الأرمني، الذي يشكل اليوم جزءا من نسيج لبنان، نؤكد على وجوب تحقيق العدالة في هذه القضية المشينة التي تثقل ضمير العالم دون أن تدفعه إلى التحرك لاتخاذ قرار تاريخي يميز بين الجلاد والضحية” على حد وصفه.
والسبت الماضي أيضا، وصف بايدن أحداث عام 1915 بـ”الإبادة بحق الأرمن”، في خطوة استفزازية لمشاعر الضحايا المسلمين الذي سقطوا على أيدي العصابات الأرمنية في الفترة ذاتها.
وزعم بايدن في بيان أن “الأمريكيين يكرمون جميع الأرمن الذين لقوا حتفهم في الإبادة (التي وقعت) قبل 106 أعوام من اليوم”.
وادعى قائلا “نحن نؤكد التاريخ. لا نفعل ذلك لإلقاء اللوم على أحد وإنما لضمان عدم تكرار ما حدث”.
وفي 24 نيسان/أبريل من كل عام، يحيي الأرمن ما يسمونه “الذكرى السنوية لضحايا المجزرة”، محملين تركيا المسؤولية عنها، الأمر الذي تنفيه تركيا جملة وتفصيلا، بل وترى فيه أنه ورقة ابتزاز ضدها.
وتطالب أرمينيا واللوبيات الأرمنية في أنحاء العالم بشكل عام، تركيا بالاعتراف بما جرى خلال عملية التهجير عام 1915، على أنه “إبادة جماعية”، وبالتالي دفع تعويضات.
وتؤكد تركيا عدم إمكانية إطلاق “الإبادة الجماعية” على تلك الأحداث، بل تصفها بـ”المأساة” لكلا الطرفين.
وتدعو إلى تناول الملف بعيدا عن الصراع السياسي وحل القضية بمنظور “الذاكرة العادلة” الذي يعني التخلي عن النظرة الأحادية إلى التاريخ، وتفهم كل طرف ما عاشه الآخر، والاحترام المتبادل لذاكرة الماضي لكل طرف.