القوات المسلحةحدث في مثل هذا اليوممميز

عامان على “نبع السلام”.. ماذا حققت تركيا للمدنيين السوريين هناك؟ (تقرير)

عامان مرّا على بدء عملية "نبع السلام" ضد تنظيمي “داعش” و PKK/PYD الإرهابيين وإنشاء منطقة آمنة لعودة اللاجئين السوريين إلى بلادهم

تصادف، اليوم السبت، الذكرى السنوية الأولى لانطلاق عملية “نبع السلام” شمالي سوريا، والتي أعلن عنها الجيش التركي من أجل تطهير شريط الحدود الجنوبي مع سوريا من تنظيمي “داعش” و PKK/PYD الإرهابيين، وإنشاء منطقة آمنة لعودة اللاجئين السوريين إلى بلادهم.

الانطلاقة والمهام

في التاسع من تشرين الأول/أكتوبر 2019، أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، بدء القوات التركية بالاشتراك مع قوات الجيش الوطني السوري، عملية عسكرية في منطقة شرقي الفرات أطلق عليها اسم “نبع السلام”، وأشار إلى أن هدف هذه العملية هو تأسيس ممر آمن للمدنيين بعمق 30 كيلومترا في إطار المنطقة الآمنة التي عملت تركيا على إنشاءها في شمالي سوريا.

وإلى جانب تأسيس منطقة آمنة للاجئين والمدنيين السوريين وإعادة توطينهم، فقد كان الهدف الأساسي للعملية هو استعادة المناطق الواقعة بين شرقي نهر الفرات حتى مدينة المالكية في أقصى شمال شرقي سوريا من قبضة تنظيمي “داعش” و PKK/PYD الإرهابيين، وتأمين المدن التركية الحدودية من نيران قصفها التي كانت تطال المناطق والتجمعات السكنية ما أدى لاستشهاد العديد من المواطنيين الأتراك.

التشكيلات والعمليات

تكونت غرفة عملية “نبع السلام” من كتائب عسكرية اندمجت مع فصائل معارضة أخرى تنشط في محافظة إدلب (شمال غرب سوريا) تحت مسمى “الجيش الوطني السوري”، ومن هذه الكتائب “فرقة الحمزة- قوات خاصة” و”فيلق الشام” و”لواء السلطان مراد” و”الفرقة 13″ وغيرهم. وتلقت هذه القوات دعما وإسناداً برياً وجوياً كبيراً من قبل القوات المسلحة التركية.

وقبيل انطلاق العملية؛ تجمعت أغلبية هذه القوات في منطقة داخل تركيا قرب الحدود مع سوريا، تحملها عشرات السيارات المزودة برشاشات إضافة إلى حيازتها دبابات ومدفعية.

وبدأت العملية العسكرية بقصف من المدفعية وراجمات الصواريخ التركية استهدف تجمعات ونقاط لتنظيمي “داعش” وPKK/PYD الإرهابيين في مناطق رأس العين وتل أبيض والقامشلي وعين عيسى، إضافة إلى العديد من قرى الشريط الحدودي مع تركيا، وتلت ذلك غارات مركزة من سلاح الجو التركي بطائرات F16 ومسيرات تركية على مناطق الإرهابيين.

وعقب انتهاء القصف المدفعي والجوي بدأت القوات الخاصة التركية تنفيذ عمليات هجوم برية ضد أهداف محددة استهدفت تجمعات للتنظيمات الإرهابية، ودعمتها في ذلك الدبابات التركية المنتشرة على الحدودk مما أدى إلى انسحاب الإرهابيين بشكل سريع من المدن.

في المقابل، عمد تنظيم PKK/PYD الإرهابي على استهداف المدنيين بإطلاق الصواريخ على المدن التركية الواقعة على الشريط الحدودي في سوريا ما أدى لاستشهاد وإصابة العشرات من المواطنيين الأتراك.

مهلة 120 ساعة

في 17 أكتوبر/تشرين الأول 2019، أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان توصله لاتفاق مع نائب الرئيس الأمريكي مايك بنس، لتعليق عمليات “نبع السلام” لمدة 120 ساعة، من أجل إتاحة الفرصة لانسحاب عناصر تنظيم PKK/PYD الإرهابي من المنطقة، ما يساهم في حقن دماء السكان الذين كان يستخدمهم عناصر التنظيم كدروع بشرية.

في 22 من الشهر ذاته، توصل الجانبان التركي والروسي في إطار قمة “سوتشي”، للعديد من القرارات الهامة بشأن منطقة شرقي الفرات، حيث شملت هذه القرارات قيام القوات العسكرية الروسية وحرس الحدود السوري بإخراج عناصر PKK/PYD الإرهابي إلى خارج منطقة “نبع السلام”، لمسافة 30 كيلومترا من الحدود التركية.

الإنجازات

عملت القوات المسلحة التركية بالتعاون مع الجيش الوطني السوري على إرساء السلام والاستقرار في المنطقة بعد طرد عناصر التنظيم الإرهابي منها، حيث شهدت المنطقة نشاطا اقتصاديا جديدا وإعادة إحياءٍ على كافة الصعد من جديد.

عاد إلى منطقة “نبع السلام” منذ تحريرها العام الماضي 2019، أكثر من 250 ألف نازح ولاجئ، بفضل الدعم التركي المقدم في مختلف المجالات من أجل استعادة النشاط البشري والاقتصادي في المنطقة، حيث جرى افتتاح وترميم العديد من المستشفيات والمدارس والأفران وغيرها من المرافق الخدمية والصحية والتعليمية.

كما تم تقديم العديد من الخدمات العلاجية والطبية بمنطقة “نبع السلام”، وذلك عبر بناء مستشفيين اثنين في كل من مدينة رأس العين بسعة 200 سرير، وفي مدينة تل أبيض بسعة 75 سريرا، فضلا عن إنشاء وترميم العشرات من المراكز الصحية والمستوصفات التي تخدم أهالي المنطقة.

مجالس محلية

وعلى صعيد التنظيم الإداري، تم تهيئة كل الظروف من أجل النهضة بالمنطقة بعد طرد عناصر تنظيم PKK/PYD الإرهابي منها، حيث تأسست العديد من المجالس المحلية من أجل إيصال صوت سكان المنطقة وتقديم الخدمات المتنوعة لهم، والمساعدة في استعادة الحياة الطبيعية كما كانت عليه قبل احتلالها من قبل التنظيم وكذلك تأمين عودة المدنيين إلى منازلهم.

ساعدت تلك المجالس، في توفير الأمن والاستقرار في منطقة “نبع السلام”، وذلك من خلال تنظيم الشؤون الإدارية والمعاملات اليومية للسكان عن طريق إصدار بطاقات الهوية واستخراج رخص القيادة وشهادات الميلاد للمواليد الجدد وغيرها من الخدمات المدنية.

إغاثة وتنمية

كما قامت مؤسسة البريد الوطني التركي “PTT”، بفتح شعب مختلفة لها لتقديم خدمات البريد والشحن والتحويل لسكان المنطقة، وتأمين التواصل بينهم وبين ذويهم المقيمين في تركيا، وذلك في مناطق تل أبيض ورأس العين، بعد مدة قصيرة من طرد الإرهابيين من تلك المدن.

وإلى جانب ذلك، استنهضت فرق ومنظمات المساعدة التركية، وعلى رأسها: رئاسة إدارة الكوارث والطوارئ (AFAD)، وهيئة الإغاثة الإنسانية (İHH)، ووحدة تنسيق الدعم السورية بشانلي أورفا (SUDKOM)، كامل قوتها لتقديم يد المعونة من أجل إغاثة السكان وتسهيل حياتهم اليومية من خلال تقديم المساعدات الطبية والإغاثية والغذائية لهم.

وعملت تركيا بعد تطهير المنطقة من دنس الإرهاب إلى أعمال صيانة وإصلاح المدارس التي تضررت جراء هدمها وتفخيخها من قبل عناصر تنظيم PKK/PYD الإرهابي، من أجل ضمان استكمال الطلاب للعملية التعليمية عبر تقديم كافة أشكال الدعم لهم، حيث جرى إصلاح وترميم أكثر من 22 مدرسة في المنطقة.

وإلى جانب ترميم المدارس، عملت قوات “نبع السلام” على ترميم وإصلاح الكنائس وكان أبرزها الكنسية الأرمينية في مدينة تل أبيض حيث أعادت فتحها للعبادة بعد أن كان يستخدمها PKK/PYD الإرهابي كثكنة عسكرية له حينما كان مسيطرا على المنطقة.

زر الذهاب إلى الأعلى