منوعات

خطبة الجمعة في تركيا.. أهمية ومفهوم “الأضحية” في الإسلام

ركزت خطبة الجمعة في عموم مساجد تركيا، اليوم، على عبادة الأضحية باعتبارها “علامة الإخلاص والتسليم” لله عز وجل.

وأشارت الخطبة إلى أهمية هذه الشعيرة الإسلامية، وما تتضمنه من معاني التقوى والوحدة والدعاء، وأكدت أنها ليست مجرد ذبح حيوان، بل هي تعبير عن استعداد المسلم لبذل نفسه وماله في سبيل الله.

كما لفتت إلى الضوابط الشرعية للأضحية، من حيث وقت الذبح، وعدد الشريك فيها، ورفض بعض الممارسات غير الشرعية مثل توزيع اللحم بالكيلو أو نسب الحصص للنبي صلى الله عليه وسلم، مشددة على أن ذلك من البدع المنهي عنها.

واختتمت الدعوة إلى الاستعداد لأداء الأضحية بوعي تعبدي، ودعم الحملات الخيرية لتوصيل لحوم الأضاحي إلى المحتاجين داخل البلاد وخارجها.

وجاء في الخطبة:

“نحن نقترب من عيد الأضحى المبارك. لم يتبق سوى أيام معدودة لأداء عبادة الأضحية، التي تعد من شعائر الإسلام، ودليلا على وحدتنا وتضامننا وأخوتنا، وقد بدأ الناس بشراء الأضاحي. نسأل الله العلي القدير أن يبلغنا عيد الأضحى المبارك ونحن في صحة وعافية، وأن يتقبل منا صالح الأعمال”.

“الأضحية هي أن يقوم المسلم العاقل، البالغ، الميسر ماليا بحسب الشريعة، بذبح حيوان تتوافر فيه الشروط الشرعية، في أيام العيد، تقربا إلى الله تعالى، وإن الأضحية عبادة تضرب بجذورها في عمق التاريخ الإنساني، وهي تعبير عن شكرنا لله عز وجل على نعمه التي أنعم بها علينا، وهي إعلان بأن محبتنا لله تفوق كل المحبات، ودليل على أن رضا الله عندنا فوق كل شيء. وباختصار، فإن الأضحية رمز لاستعدادنا لبذل أموالنا، وأنفسنا، وكل ما نملك في سبيل الله تعالى عن طيب نفس ورضا”.

“إن الأضحية تحمل معان وحكما أعمق بكثير من مجرد ذبح حيوان والانتفاع بلحمه، الأضحية تقوى؛ فهي انقياد صادق لأوامر ربنا جل وعلا، وابتعاد عن بخل النفس، وزينة الدنيا الزائلة، وعن الذنوب التي تحول بيننا وبين رضوان الله، وقد ذكرنا الله تعالى بهذه الحقيقة بقوله: (لن ينال الله لحومها ولا دماؤها ولكن يناله التقوى منكم)” .

“الأضحية وحدة؛ فهي فرصة لاجتماع أمة محمد صلى الله عليه وسلم دون تمييز في اللون أو اللغة أو الجغرافيا، ومشاركة الأفراح والأحزان، وبذل الجهد في نشر الرحمة والمحبة من بيوتنا إلى شوارعنا، ثم إلى مدننا والعالم أجمع”.

“الأضحية دعاء؛ فهي أن نكون بسمة على وجوه اليتامى والمساكين والمحتاجين، وأن ننقل السعادة والمحبة إلى بيوتهم، فنفرح بإسعادهم، ونجد الطمأنينة في العطاء والمشاركة”.

“إن العبادات تؤدى على الوجه الذي أمر الله به، وطبقه نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، لذلك، فإن التصدق بثمن الأضحية للفقراء أو للجمعيات الخيرية لا يعد أداء لنسك الأضحية”.

“يمكن أن يضحي الشخص الواحد بشاة (من صغار الأنعام)،أما البقرة أو الجمل (من كبار الأنعام)، فيجوز أن يشترك فيها سبعة أشخاص على الأكثر، بشرط أن يكون قصدهم جميعا أداء الأضحية، ويجب أن تقسم كل أضحية من الأنعام الكبيرة إلى حصص منفردة، ولا يجوز أن يشترك أكثر من شخص في حصة واحدة، ولا يصح ما تقوم به بعض المنظمات من ذبح الأضاحي وخلط لحومها، ثم توزيعها بالكيلوغرامات على أصحاب الحصص، فهذا لا يعد أضحية شرعية، ويجب أن تتم عملية ذبح الأضحية بعد صلاة العيد، لأن ما يذبح قبل الصلاة لا يعد أضحية”.

“كذلك لا يوجد في ديننا ما يعرف بجمع التبرعات من عدة أشخاص لحصة واحدة من الأضحية تنسب إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فهذه بدعة، واستغلال للدين وشعائره”.

وجاء فيها أيضاُ:

“إن الأصل في عبادة الأضحية أن يذبح المسلم أضحيته بنفسه في المكان الذي يتواجد فيه، أو أن يوكل من يذبحها عنه، فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم، بعد أن فرضت الأضحية، يذبح أضحيته كل عام، وكان يشجع أمته على الأضحية بقوله (ما عمل ابن آدم يوم النحر عملا أحب إلى الله من إهراق الدم)، ومع ذلك، فإن من لم يتمكن من ذبح أضحيته بنفسه في مكانه، أو من أراد أن يضحي بأضحية ثانية، يمكنه أن يوكل من يذبحها عنه داخل البلاد أو خارجها”.

“نحمد الله تعالى أنه كما كان في الأمس، فإن مؤسساتنا الخيرية اليوم تواصل أيضا إيصال الأضاحي التي يأتمنها عليها شعبنا الكريم إلى المحتاجين، ومن بين هٰذه المؤسسات، تتميز مؤسسة الديانة التركية بدورها الكبير في هٰذا الميدان، فقد قامت العام الماضي – بفضل الله – بإيصال لحوم الأضاحي إلى ملايين الناس داخل تركيا وخارجها، والحمد لله علٰى ذٰلك”.

“وفي هٰذا العام أيضا، سنواصل – بإذن الله – إرشاد إخواننا الذين يريدون توكيل مؤسستنا بأضاحيهم، وذٰلك بوعي تعبدي، وبمبدأ الشفافية والمساءلة، وسنسعى جاهدين لنيل دعاء المظلومين والمحتاجين، وفي مقدمتهم أهل غزة الصابرون، وكل من نستطيع الوصول إليهم إن شاء الله”.

“بهٰذه المناسبة، أدعوكم أن تسارعوا إلى الخير، وتشاركوا في هٰذه الحملة الخيرية، عن طريق أئمتنا ومكاتب الإفتاء، ونسأل الله تعالى أن يتقبل منا ومنكم العبادات والطاعات”.

واختتمت الخطبة بقوله تعالى في سورة الحج، الآية الرابعة والثلاثين “ولكل أمة جعلنا منسكا ليذكروا اسم الله علىٰ ما رزقهم من بهيمة الأنعام ۗ فإلٰهكم إلٰه واحد فله أسلموا ۚ وبشر المخبتين” .

 

 

زر الذهاب إلى الأعلى