تقاريرهام

العلاقات بين تركيا وسلطنة عُمان.. تاريخ عريق وآفاق جديدة للتعاون (تقرير)

تأتي العلاقات السياسية بين تركيا وسلطنة عُمان كإحدى النماذج الناجحة للتعاون الثنائي في منطقة الشرق الأوسط، إذ تعكس روابطهما تاريخًا طويلًا من التفاهم المشترك والعمل على تحقيق الأمن والاستقرار الإقليمي.

وتزداد أهمية هذه العلاقات عشية زيارة السلطان هيثم بن طارق آل سعيد، إلى تركيا، غدًا الخميس، في أول زيارة رسمية له منذ توليه مقاليد الحكم عام 2020.

وبدأت العلاقات الدبلوماسية بين تركيا وسلطنة عُمان رسميًا في 18 حزيران/يونيو 1973، بعد أن اعترفت تركيا باستقلال عُمان عام 1970.

ومنذ ذلك الحين، تطورت هذه العلاقات لتشمل مجالات متعددة مثل الاقتصاد، الثقافة، التعليم، والدبلوماسية.

وافتتحت عُمان سفارتها في أنقرة عام 1985، بينما افتتحت تركيا سفارتها في العاصمة العُمانية مسقط عام 1986، مما عزز التواصل والتعاون بين البلدين.

وشهدت العلاقات بين تركيا وسلطنة عمان العديد من الزيارات الرسمية والاجتماعات رفيعة المستوى.

ففي تشرين الأول/أكتوبر 2017، قام وزير الخارجية التركي (آنذاك) مولود تشاويش أوغلو بزيارة سلطنة عُمان لتعزيز العلاقات الثنائية.

كما شارك الوزير العُماني يوسف بن علوي في قمة منظمة التعاون الإسلامي الطارئة حول القدس التي عُقدت في إسطنبول عام 2018.

وفي كانون الثاني/يناير 2017، عُقدت جولة من المشاورات السياسية في مسقط بعد انقطاع دام 11 عامًا، ما يعكس الرغبة المشتركة في توسيع نطاق التعاون السياسي بين البلدين.

وتتميز العلاقات الاقتصادية بين تركيا وسلطنة عُمان بنمو مستمر، إذ بلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين في الأشهر الثمانية الأولى من عام 2024 نحو 216 مليون ريال عُماني (561.6 مليون دولار)، مقارنة بـ208 ملايين ريال عُماني (540.8 مليون دولار) في الفترة نفسها من العام 2023.

وتُعد تركيا وجهة رئيسية للصادرات العُمانية غير النفطية، حيث تحتل المرتبة 17 بين أكبر المستوردين الأوروبيين.

وعلى الجانب الآخر، تستثمر الشركات التركية بشكل متزايد في السلطنة، حيث بلغ عدد الشركات ذات المساهمة التركية المسجلة في عُمان 423 شركة حتى نهاية عام 2023، بإجمالي استثمارات تجاوز 100 مليون ريال عُماني (267 مليون دولار)، حسب وكالة الأنباء العُمانية.

وشهدت العلاقات الثقافية والتعليمية بين البلدين تطورًا ملحوظًا، ففي عام 2019، وقّعت جامعة السلطان قابوس اتفاقية مع وقف المعارف التركي لإدراج اللغة التركية كدورة اختيارية.

كما تم تأسيس معهد “يونس إمره” لتعليم اللغة التركية في مسقط بموجب مذكرة تفاهم أُبرمت في 2022.

وفي تشرين الأول/أكتوبر الماضي، تم توقيع مذكرة تفاهم للتبادل الأكاديمي والمنح الدراسية، بما يعزز فرص التعاون في مجال التعليم العالي والبحث العلمي بين البلدين.

والعام الماضي، أكد السفير التركي لدى سلطنة عُمان محمد حكيم أوغلو، على أن حجم التبادل التجاري بين السلطنة وتركيا يشهد نمواً وزيادة مستمرة منذ عام 2017، حيث بلغ نحو ملياري دولار خلال 2022.

وأوضح حكيم أوغلو في تصريح لوكالة الأنباء العُمانية، أن إجمالي الواردات العُمانية من تركيا بلغ 1.58 مليار دولار، وإجمالي الصادرات العُمانية إلى تركيا 465 مليون دولار.

كما لفت إلى أن “عدد السياح العُمانيين الذين زاروا تركيا في عام 2022 تجاوز 130 ألف سائح”، مبيناً أنه تم التقدم بطلب إلغاء تأشيرة الدخول لكلا البلدين، متوقعاً الموافقة على ذلك قبل نهاية العام 2023.

وذكر أن التعاون بين البلدين، خلال السنوات العشر الماضية، زاد بشكل كبير على أساس المصالح المشتركة في مختلف المجالات.

من جانبه، قال رئيس لجنة العلاقات التركية العُمانية في مجلس الأعمال الاقتصادية يونس أته في تصريح لوكالة الأنباء العُمانية، إن “العلاقات التركية العُمانية تطورت خلال السنوات الأخيرة بشكل غير مسبوق معتمدة على سنوات طويلة من الصداقة والتعاون المشترك بعديد من المجالات والملفات والقضايا خصوصًا بعد الحملة الكبيرة التي أطلقها الرئيس أردوغان لتعزيز العلاقات مع الدول الخليجية وكانت سلطنة عُمان في مقدمة الدول التي حظيت باهتمام القيادة التركية خلال الفترة الأخيرة والتي تقاطعت رؤيتها 2040 الاستراتيجية مع رؤية تركيا”.

وبيّن أن “عمق العلاقات التركية العُمانية أسهم بصورة كبيرة في تقوية العلاقات الاقتصادية والتجارية، ليس فقط على المستوى الثنائي؛ وإنما على المستوى الإقليمي”.

وتُعد زيارة السلطان هيثم بن طارق إلى تركيا لحظة فارقة في العلاقات الثنائية، إذ تهدف إلى استكشاف آفاق جديدة للتعاون الاقتصادي والاستثماري.

كما تأتي الزيارة في ظل ظروف إقليمية ودولية تتسم بالتحولات الكبرى، مما يعزز الحاجة إلى شراكات استراتيجية تسهم في استقرار المنطقة.

وينظر السلطان العُماني إلى العلاقات مع تركيا بمنظور شامل يتجاوز الجوانب التاريخية، حيث يسعى البلدان لتعزيز الشراكة بما يخدم المصالح المشتركة.

وتشير التوقعات إلى أن هذه الزيارة ستسهم في فتح مجالات جديدة للتعاون، خصوصًا في مجالات الطاقة، الاستثمار، والتبادل الثقافي.

وبعد أكثر من خمسين عامًا من العلاقات الدبلوماسية، تظل العلاقات العُمانية التركية نموذجًا للتعاون البناء.

ومع انطلاق زيارة السلطان هيثم بن طارق إلى تركيا، تتجه الأنظار نحو مرحلة جديدة من الشراكة بين البلدين الصديقين، تقوم على أساس متين من الصداقة والتفاهم المشترك، مع طموحات كبيرة لتحقيق المزيد من الإنجازات المشتركة على المستويات كافة، بحسب مراقبين.

زر الذهاب إلى الأعلى