![](https://tr.agency/wp-content/uploads/2025/01/Screen-Shot-2025-01-30-at-21.05.38.jpg)
تكتسب زيارة أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني إلى سوريا أهمية كبيرة في ظل استئناف العلاقات القطرية السورية بعد انقطاع دام 13 عامًا.
وفي وقت سابق، الخميس، وصل أمير قطر إلى العاصمة السورية دمشق، في أول زيارة يجريها زعيم دولة إلى سوريا عقب سقوط نظام الأسد المخلوع وتسلم أحمد الشرع رئاسة سوريا لمرحلة انتقالية.
وتأتي هذه الزيارة في إطار تحولات إقليمية ودولية تهدف إلى إعادة صياغة العلاقات بين الدول العربية وسوريا، لا سيما بعد المتغيرات السياسية التي شهدتها البلاد.
وتعكس الزيارة دورًا قطريًا متناميًا في دعم سوريا خلال المرحلة الانتقالية، سواء من الناحية السياسية أو الاقتصادية أو الأمنية، حيث تساهم الدوحة في جهود إعادة الإعمار وتعزيز الاستقرار عبر مسارات متعددة، حسب محللين.
وتمثل هذه الزيارة نقطة تحول في المشهد الإقليمي، إذ إنها الأولى لقائد عربي إلى سوريا منذ سقوط النظام السابق، ما يعكس توجهًا نحو تعزيز العلاقات الدبلوماسية وفتح قنوات جديدة للحوار السياسي.
كما تأتي الزيارة في وقت تسعى فيه العديد من الدول إلى إعادة صياغة علاقاتها مع سوريا وفق اعتبارات سياسية واقتصادية وإنسانية، بما يخدم مصالحها ويعزز الأمن الإقليمي.
وقال الباحث السياسي رشيد حوراني لـ “وكالة أنباء تركيا”، إن “زيارة أمير قطر في غاية الأهمية لأن قطر وقبل سقوط نظام الأسد حافظت على موقفها عربيا تجاه سوريا والشعب السوري، وحتى ما بعد سقوط الأسد بقيت على ذات الخط السياسي”.
وأضاف أن “زيارة أمير قطر إلى دمشق تأتي للتأكيد على أن قطر ما تزال عونا وسنداً معنويا وسياسيا وماديا للسلطة السياسية وسوريا الجديدة بكل ما تعانيه سوريا من مشاكل خلّفها النظام السابق”.
ولفت إلى أن زيارة أمير قطر تؤكد على أنها شريك استراتيجي مهم، وبالتالي سيكون لقطر دور مهم في إعادة بناء الدولة السورية الجديدة، حسب تعبيره.
وتعد الزيارة خطوة نحو إيجاد حل سياسي مستدام للأزمة السورية، حيث تستفيد قطر من علاقاتها الدولية، لا سيما مع الولايات المتحدة وتركيا، لدعم جهود التسوية السياسية.
ويعكس إعادة افتتاح السفارة القطرية في دمشق ورفع العلم القطري عليها التزام الدوحة بتعزيز العلاقات الدبلوماسية مع سوريا، في خطوة تواكب التحولات السياسية الراهنة.
كما تحمل الزيارة أبعادًا اقتصادية مهمة، حيث من المتوقع أن تسهم قطر في جهود إعادة إعمار سوريا، لا سيما في قطاعات حيوية مثل الطاقة والنقل والإسكان، مستفيدة من خبراتها الواسعة في هذه المجالات.
وتفتح الزيارة كذلك آفاقًا جديدة للتعاون الاقتصادي، حيث تدرس قطر إمكانية الاستثمار في قطاع الغاز السوري، مما يعزز الروابط الاقتصادية بين البلدين ويدعم عملية إعادة الإعمار.
وتأتي هذه التحركات ضمن رؤية قطر لدعم الدول التي تمر بمرحلة انتقالية، من خلال تقديم المساعدات الاقتصادية والمساهمة في بناء بنية تحتية حديثة، بما يضمن استقرار سوريا ويعزز فرصها في تحقيق التنمية المستدامة.
وقال الناشط السياسي مالك عبيد لـ “وكالة أنباء تركيا”، “تمثل هذه الزيارة أول اعتراف على الصعيد الإقليمي وبذلك تكون دولة قطر الشقيقة قد فتحت باب الاعتراف الإقليمي والدولي لهذه الحكومة الانتقالية/ مما يعزز شرعية هذه الدولة الوليدة وعودتها إلى الحضن العربي وإعادة مكانتها الدولية أيضا”.
وأضاف “وبالتالي سوف تنعكس هذه الزيارة إيجاباً على سوريا الجديدة وخاصة من ناحية إعادة الإعمار المرتقبة التي سوف تساهم بها عدة دول إقليمية ودولية، وإنهاء العقوبات الدولية على سوريا بزوال النظام البائد الذي كان سبباً لهذه العقوبات نتيجة إجرامه بحق الشعب السوري وامتهان تجارة المخدرات وجذب الكثير من المليشيات الإيرانية لمقاتلة الشعب السوري”.
وتابع أن “من نتائج هذه الزيارة كسر العزلة الدولية على سوريا وفتح آفاق التعاون والانفتاح على جميع الدول الإقليمية والدولية، مما ينعكس إيجاباً على النمو الاقتصادي لسوريا الجديدة والبدء بمرحلة التعافي التي ستشهدها سوريا الجديدة في السنوات المقبلة”.
وإلى جانب البعد السياسي والاقتصادي، تؤكد الزيارة التزام قطر بمواصلة دعم الشعب السوري على الصعيد الإنساني، سواء من خلال استمرار تقديم المساعدات المباشرة أو عبر مشاريع تنموية تهدف إلى تحسين الظروف المعيشية، لا سيما في مجالات التعليم والصحة والإغاثة.
وفيما يتعلق بالملف الأمني، تركز الجهود القطرية على دعم استقرار سوريا وبناء مؤسسات الدولة وفق أسس قانونية وتنموية، مع التأكيد على أهمية احتكار الدولة للسلاح تحت مظلة جيش وطني يمثل جميع السوريين، ما يسهم في الحفاظ على وحدة البلاد وسيادتها.
وتؤكد الزيارة ثبات الموقف القطري تجاه سوريا، وحرص الدوحة على رؤيتها دولة مستقرة تلعب دورًا فاعلًا في منطقة الشرق الأوسط، بعيدًا عن التدخلات الخارجية التي أعاقت مسار الحل السياسي لسنوات.
وتسعى قطر من خلال علاقاتها الدولية الواسعة، إلى حشد الدعم اللازم لإعادة بناء سوريا على أسس تنموية مستدامة، تعيد لها مكانتها الطبيعية على الساحتين العربية والدولية.
ويأتي هذا الدور في إطار التزام الدوحة بتعزيز الاستقرار الإقليمي والدولي، من خلال دعم الحلول السياسية والاقتصادية التي تضمن مستقبلًا أفضل لسوريا وشعبها، وتسهم في إنهاء معاناته المستمرة منذ سنوات.