![](https://tr.agency/wp-content/uploads/2025/02/shareh-amir-katar.jpeg)
في خطوة تعكس تحولًا في العلاقات الإقليمية، شهدت الأسابيع الأخيرة تحركات دبلوماسية قطرية لافتة تجاه سوريا، تمثّلت فيزيارات رسمية واستئناف الرحلات الجوية، ما يشير إلى تقارب سياسي واقتصادي متزايد بين البلدين بعد سنوات من القطيعة.
وبعد مرور أكثر من شهر على إسقاط نظام الأسد السابق في 8 كانون الأول/ديسمبر 2024، بدأت سوريا تشهدتحولات جذرية على جميع الأصعدة، سياسياً واقتصادياً واجتماعياً، فيما يعيش السوريون داخل البلاد وخارجها أجملأيامهم بعد سنوات من القهر والمعاناة.
وشهدت سوريا عودة العلاقات مع الدول العربية، وعلى رأسها قطر والسعودية، بالإضافة إلى تحسن العلاقات الإقليميةمع تركيا، والعلاقات الدولية مع الغرب.
افتتاح أول سفارة قطرية في سوريا منذ اندلاع الثورة
في 21 كانون الأول/ديسمبر 2024، افتتحت قطر أول سفارة لها في سوريا منذ اندلاع الأزمة السورية عام 2011.
وتأتي هذه الخطوة في سياق تحركات دبلوماسية عربية تهدف إلى إعادة العلاقات مع دمشق وتعزيز العمل المشترك على مختلفالمستويات.
أول رحلة جوية قطرية تهبط في دمشق منذ سنوات
وفي 7 كانون الثاني/يناير 2025، هبطت أول طائرة مدنية قطرية في مطار دمشق الدولي، إيذانًا بعودة الرحلات الجوية بينالبلدين.
وتمثل هذه العودة خطوة مهمة نحو تعزيز التبادل الاقتصادي والتجاري، إلى جانب تسهيل تنقل المواطنين بين البلدين.
وقال المحلل السياسي عبد الكريم العمر لـ “وكالة أنباء تركيا”، إن “قطر تُعتبر داعمًا أساسيًا ورئيسيًا للشعب السوري وثورته منذالبداية، وهي الدولة الوحيدة التي لم يتغير موقفها، وهي اليوم من الدول الأولى التي اعترفت بالإدارة السورية الجديدة، ورحبت بها، ودعمتها وأرسلت مساعدات وأعادت فتح سفارتها، والواضح تمامًا في المشهد أن هناك تحالفًا وعلاقة قوية ستُبنى بين الدولةالسورية وقطر والسعودية وتركيا، وسيكون هناك مشاريع اقتصادية واستثمارية قطرية”.
وأضاف “كما يتضح أيضًا وجود دعم قطري وعربي لدمشق وسوريا الجديدة والرئاسة السورية، خاصة وأن دمشق أكدت وتؤكدعلى عودتها إلى محيطها العربي، وأن السياسة السورية ستكون مع العرب في بناء علاقات قوية”.
زيارة تاريخية لأول رئيس وزراء قطري إلى دمشق
وفي 16 كانون الثاني/يناير 2025، قام رئيس وزراء قطر، محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، بزيارة رسمية إلى دمشق، حيث التقىبمسؤولين سوريين رفيعي المستوى.
وناقش الجانبان سبل تعزيز التعاون الثنائي في مختلف المجالات، بما في ذلك الاقتصاد والطاقة والاستثمارات.
أمير قطر يزور دمشق لأول مرة منذ الأزمة
وفي 30 كانون الثاني/يناير 2025، شهدت العاصمة السورية دمشق زيارة تاريخية لأمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، تعدّ الأولى من نوعها منذ أكثر من عقد.
وقد حظيت الزيارة باهتمام واسع، حيث تم استقبال الأمير بحفاوة رسمية، وعُقدت اجتماعات مكثفة لبحث الملفات السياسيةوالاقتصادية ذات الاهتمام المشترك.
وقال الكاتب والمحلل السياسي إبراهيم قيسون لـ “وكالة أنباء تركيا”، إن “زيارة أمير قطر إلى سوريا تحمل دلالات مهمة، نظرًالدور الدوحة الإقليمي وعلاقاتها القوية مع الولايات المتحدة، ما قد يسرّع عملية رفع العقوبات عن دمشق، خاصة مع محاولاتتحقيق ذلك عبر الرئيس الأميركي دونالد ترامب”.
وأضاف أن “رفع العقوبات سيعزز الاقتصاد السوري”، مشيرًا إلى القدرات الاقتصادية القطرية في قطاعات البناء والبترول، إضافة إلى مساعي الدوحة لإحياء مشروع خط الغاز إلى أوروبا، حيث يُتوقع أن يكون الخط قد وصل إلى حمص قبل أن يتوقفتنفيذه، حسب تعبيره.
وأشار قيسون إلى أن “الخلافات الروسية الغربية قد تؤثر على الأسواق، حيث شهد سعر صرف الدولار تراجعًا من 11,500 إلى10,000 ليرة سورية، مع احتمال استمرار الهبوط”، مرجحاً أن “تتبع هذه الزيارة لقاءات أخرى مع قادة إقليميين، مثل الرئيسالتركي رجب طيب أردوغان، في إطار تحركات سياسية أوسع”.
انعكاسات هذه التحركات على المنطقة
وتشير هذه التطورات إلى انفتاح قطر على مرحلة جديدة من العلاقات مع سوريا، بما يعكس توجهًا عربيًا عامًا نحو إعادة دمجدمشق في المنظومة الإقليمية. ويُتوقع أن يكون لهذه الخطوات أثر إيجابي على الوضع الاقتصادي في سوريا، إلى جانب تعزيزالتعاون السياسي بين البلدين.
كما تُظهر التحركات الدبلوماسية القطرية الأخيرة تجاه سوريا تحولًا ملحوظًا في المشهد الإقليمي، يعكس سعيًا جادًا لإعادة بناءالعلاقات وتعزيز التعاون الثنائي. هذه الخطوات، التي تتراوح بين افتتاح السفارة واستئناف الرحلات الجوية والزيارات الرسمية، قدتسهم في دفع عجلة الاستقرار الاقتصادي والسياسي في سوريا، وتفتح آفاقًا جديدة للتعاون الإقليمي في مرحلة ما بعد سقوط نظامالأسد المخلوع.